بدأت جماعة الإخوان المسلمين في التخلص من إعلامها الرسمي لأول مرة منذ عشرات السنوات، في ظل توجه عام لدعم الإعلام الخاص والتخلي عن الإعلام العام.
توقف قناة الإخوان لأول مرة منذ الثورة
ولأول مرة منذ ثورة 25 يناير تتخلى الجماعة عن فضائيتها الرسمية؛ حيث أعلنت قناة “مصر الآن” لسان حال جماعة الإخوان المسلمين في مصر في بيان لها أمس الإثنين ٢١ سبتمبر ٢٠١٥ عن وقف بثها بشكل كامل، وقال البيان إن الجماعة بهذه الخطوة تنهي امتلاكها لأية وسيلة فضائية تعبر عن وجهة نظرها الرسمية، وإنها ستحول استراتيجتها للدعم الكامل لكل المبادرات الإعلامية الوطنية، بحسب ما جاء في البيان.
وقد ظلت فضائية “مصر الآن” منبرًا رسميًا معبرًا عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، عبر تجربة امتدت لخمس سنوات منذ انطلاق التجربة الأولي في قناة “مصر ٢٥” والتي تحولت بعد الانقلاب العسكري إلى أحرار ٢٥، ثم الميدان، وأخيرًا “مصر الآن”.
وقد أسدل الإخوان بهذا القرار الستار على تجربة الإعلام التلفزيوني الرسمي للجماعة؛ في خطوة قالت مصادر من البرنامج الإعلامي أنها تأتي تماشيًا مع ضرورات الواقع الذي لم يعد يقبل فكرة الإعلام الرسمي بقيوده وحساباته المعقدة، وإيمانًا من الجماعة بأن واجبها الحالي هو دعم عدد أكبر من المبادرات الإعلامية التي يمكن أن تصب في الصالح الوطني العام.
يفتح الطريق للإعلام الخاص
وقد أكدت مصادر في إدارة البرنامج الإعلامي للجماعة بأن هذا القرار سيفتح بابًا أوسع للإبداع والعمل الإعلامي الذي لا يعرف الحدود ولا القيود، وأن ثمراته القريبة ستثلج صدور كل مصري وطني غيور حريص على استمرار النضال في ميدان استعادة الوعي وكشف الفساد والاستبداد.
وأوضحت المصادر أن إقدام الجماعة على مثل هذا القرار هو خطوة على الطريق الصحيح في التعاطي مع العمل الإعلامي الاحترافي، وأضافت: “رغم نجاح تجربة “مصر الآن” في إزعاج النظام الانقلابي في مصر، والذي دفع قائد الانقلاب وجهات الإدارة لتناول التجربة وملاحقة إعلامييها، فإن هذا القرار تأخر كثيرًا؛ حيث نأمل أن تشهد المرحلة القادمة مبادرات ومشروعات أكثر حرفية وقدرة على التعبير الحقيقي عن نبض الشارع، وأن تنجح في اجتياز العقبات والتحديات المتوقعة”.
وقالت الدكتور ليلى عبد المجيد، رئيس قسم الإعلام بجامعة القاهرة سابقًا، إن غلق قناة “مصر الآن” وما يماثلها يثبت فشل تجربة الإعلام الإخواني، مشيرة إلى أن تلك القنوات ليس لها جمهور كبير مما يعتبر عبئًا ماليًا على مموليها بدون نتيجة.
وأوضحت ليلى في تصريح خاص لـ”رصد” أن المشهد الإعلامي للإخوان يدل على حالة الإحباط، والفشل والتراجع التي يمر بها التنظيم، وتزيد مع مرور الوقت، والفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من التراجع للإعلام الذي ينفق عليه الإخوان بأنفسهم، في الوقت نفسه من المتوقع أن يحقق الإعلام الخاص نجاحًا بعض الشيء حيث سيتحرر من القيود التنظيمية، وخاصة أن تجربة الإعلام الحزبي أثبتت فشلها.
عبده: لكل مرحلة طبيعتها
ومن جانبه قال أحمد عبده، مدير قناة “مصر الآن”: “إن غلق القناة أفضل حتى تتحرر كل مؤسسة إعلامية من أي قيود تفرضها عليها طبيعة كل مرحلة تمر بها الجماعة من ناحية، وإذا أحسنت هذه المؤسسة فلها وكذلك لو أخطأت أو خلافه فيقع العبء على المؤسسة نفسها ولا تتحمل الجماعة نتيجة أي شيء ويظل للجماعة الحرية في التعاطي مع أي وسيلة إعلامية لتنشر أخبارها أو بياناتها أو خلافه”.
وأضاف عبده في تصريح خاص لرصد أن الإعلام لا بد من تحرره من أي كيانات ولكن لكل قائم على أي مؤسسة إعلامية أيدلوجية سياسات حاكمة لتوجهه واستراتجياته فهو يحددها بناءً على رغبته ورؤيته وطبيعة المرحلة.
وأكد عبده أنه لا يوجد إعلام محايد على وجه الأرض ولكن للمطلوب أن يكون هذا الإعلام مهنيًا يراعي الأصول المهنية والحرفية.
رامي: إعلام الكيانات لا ينجح
ومن جانبه أكد أحمد رامي، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، أن إعلام الأحزاب أو الكيانات السياسية لا يكتب له النجاح خاصة في ظرف مثل الذي تمر به مصر والأفضل إعلام لا ينتمي مباشرة لتنظيم ما.
وأضاف أنه على الجماعة أن تتجه إلى الإعلام الخاص وأتمنى أن يصب الإجراء الأخير الخاص بمصر الآن فى هذا السياق، وهذا المتوقع حدوثه بعد غلق القناة.