أحمد نبيل حسن – مدون علمي
تتمني بعض الأمهات أن يكون لديهم طفلا بمواصفات معينة كلون العينين او الشعر أو حجم الجسم وقوة البنيان وبعض الأمهات تتمني فقط أن يكون طفلها أقل عرضة للأمراض الوراثية، كل هذه الأمنيات كانت لاتعدوا سوي أن تكون أحلام يقظة أو بعد عشاء ثقيل، حسنا الخبر الجيد أن هذه الأمنيات لم تعد بعيدة عن الواقع القريب بعد اليوم
الدكتورة “جنيفر دودنا” المتخصصة في علم الوراثة اكتشفت مع زميلها الدكتور “ايمانويل شاربنتييه” طريقة علمية جديدة للتعديل في الـ DNA الخاص بالكائنات الحية، ميزة هذه الطريقة هي أن نتائجها دقيقة الي حد بعيد وأنها فكرتها بسيطة وغير معقدة كما أن النتائج الغير مرغوب فيها ضئيلة للغاية .
الطريقة بتبسيط شديد جاءت اثناء بحث عن كيفية مقاومة البكتيريا “كنوع من أنواع الخلايا” لهجوم فيروسي مدمر للبكتريا، اكتشف العالمان أن بعض أنواع البكتيريا لديها جهاز مناعي تكيفي ” adaptive immune system”يسمي جهاز “CRISPR” الذي يحتوي على البروتين المسمى “Cas9″، هذا البروتين يستطيع أن يقوم بقطع الـ DNA الفيروسي وجعله عديم الفائدة مما يؤدي الي بقاء البكتيريا على قيد الحياة بعد أن افقدت الفيروس سلاحه المدمر .
حسنا كيف سنستخدم هذا الجهاز في الكائنات الأكثر تقدما من البكتيريا والفيروسات ؟ ، من المعروف أن كل صفات وخصائص الكائنات الحية تكون بالتعبير البسيط مسجلة على الـ DNA وبالتالي إذا استطعنا تعديل الـ DNA بحذف الجزء الذي يترجم الي صفة أو مرض جيني غير مرغوب في وجوده إذا سنحصل على النتيجة المطلوبة وهي منع ترجمة هذه الصفة أو المرض الي واقع حقيقي
السؤال الأن ألن يتسبب هذا القطع أو حذف الجزء الي تعطيل باقي الـ DNA كما حدث للفيروس في التجربة السابقة ؟ ، الخبر الجيد هي أن هذا لن يحصل لأن الخلايا البشرية لديها القدرة على اصلاح الجزئيين المتبقيين من الـ DNA إما عن طريق توصيلهم ببعض أو عن طريق ادخال جزء جديد بينهم ولكن ذلك يتطلب أن يكون القطع أو الحذف دقيقا للغاية وهو ما يقوم به بروتين ” Cas9 ” الذي يصفونه بساطور الجزار .
ولكن ما هو مدي تأثير هذا التغيير إذا استخدمناه مثلا لعلاج بعض الامراض الجينية عن طريق حذف الجزء الجيني المسئول عن المرض؟ حسنا هناك المزيد من الاخبار الجيدة وهي أن بروتين “Cas9 ” يتمتع بذاكرة ممتدة للعمليات التي ينفذها وبالتالي فأنه يضمن بقاء التأثير لأجيال عديدة وليس لمجرد جيل واحد .
السؤال الأخير إلى أي مدي وصل التقدم في هذا البحث وهل تم اختباره بالفعل ؟ حسب كلام العالمة فإنه تم اختبار هذا الاكتشاف على العديد من الحيوانات كالفئران والقرود وتم الحصول على نتائج مرضية الي حد كبير .
هذه الصورة لتجربة إزالة الجين المسئول عن اللون الأسود في الفئران الجانب الأيمن من الصورة هم الأبناء البيض للآباء السود الموجودين على الجانب الايسر من الصورة، لم يتم الانتقال الي تجربة هذا الاكتشاف على الانسان حتى الان ولكن يتوقع أن يتم ذلك خلال السنوات العشر القادمة
بقي معلومة مهمة تطرحها الدكتورة دودنا وهي ماهي الحدود الأخلاقية لاستخدام هذا الاكتشاف، فوفقا لكلامها فأن العديد من الشركات الناشئة تطلب استخدام هذا الاكتشاف بشكل تجاري مما دعها لوقف أو تجميد الأبحاث والتجارب على الانسان حتى يتم دراسة جميع التاثيرات العلمية والاجتماعية اذا تم اعتماد هذا الاكتشاف
تختم العالمة كلامها بأن التعديل الناجح على الـ DNA الخاص بالإنسان لم يعد خيالا علميا بعد الان وأنه أصبح حقيقة في الحيوانات ومتوقع أن يكون حقيقة في الانسان خلال السنوات العشر المقبلة .