كشف نائل الشافعي، مدير الموسوعة الإلكترونية “معرفة”، عن توسعات في محطة معالجة الصرف الصحي في أبو رواش، تبلغ تكلفتها نحو ثلاثة مليارات جنيه ومثلها للتشغيل والصيانة، من واقع المحطات المشابهة في الجبل الأصفر والقاهرة الجديدة في عام 2012.
وأشار -عبر منشور له على “فيس بوك”- إلى أنه من المتوقع ترسية العقد على تجمع شركات يقوده رجل الأعمال نجيب ساويرس بنحو 24 مليار جنيه، هذا الأسبوع، مضيفًا أن عرض ساويرس الفائز ينص على أن تدفع الدولة مبلغ مليار جنيه سنويًا لمدة عشرين سنة، سدادًا لثمن التوسعات ومعها الصيانة، التي تقدر بنحو 160 مليون جنيه سنويًا.
العرض المالي
وعن العرض المالي، قال “الشافعي” إنه بحساب القيمة الحالية الصافية Net Present Value لقسط سنوي 840 مليون جنيه (1 مليار- 160 مليون صيانة سنوية) نجد أن 20 قسطًا بهذه القيمة لا تساوي قيمة حاضرة قدرها 3 مليارات جنيه إلا إذا كان يستخدم سعر فائدة 28%، وهو فايظ usury، محرّم في جميع قوانين العالم”.
وأشار إلى أن دوافع شركة “أوراسكوم” لاستخدام سعر الفائدة الشاهق، هي التبرير الذي قاله ممثل شركة أوراسكوم، وهو أن مصر هي منطقة مخاطرة عالية (فساد، ملاحقات، تقاضي عشوائي، سعر صرف يواصل الانهيار).
وأفاد “الشافعي” أن الشركات الحكومية لم تكن لتستخدم سعر فائدة مجرم (فايظ) مثل 28%، كما أنه من الممكن تدبير تمويل المشروع بقرض من البنوك المحلية، كما وأن الشركات الصينية كانت مستعدة لعمل المشروع بأقل من 3 مليارات جنيه.
عملية استدراج العروض
وأشار “الشافعي” إلى أنه بعد استبعاد الشركات الحكومية التي أنشأت المحطة (المقاولون العرب وحسن علام) ورفض دخول الشركات الصينية، دخلت شركتان؛ الخرافي بـ40 مليار جنيه، لكي تبرر ترسية العقد على ساويرس بمبلغ 24 مليار جنيه، في حين أن أسعار محطات مماثلة وأكبر وأعقد في القاهرة في السنوات الثلاث الماضية كانت أقل من 3 مليارات جنيه للمشروع.
وأفاد أن الشركات اليابانية لم يتم توجيه دعوة لها على الرغم من إبدائها الرغبة فبل ثلاث سنوات في التقدم لتلك النوعية من المشروعات وبسعر فائدة 2% (قارن ذلك بسعر فائدة 28%) معقبًا: “يعني توسعة محطة صرف صحي في أبو رواش (مياه فقط) ستتكلف أكثر من قناة السويس الجديدة وأكثر من المحطة النووية المزمعة”.
مقارنة أسعار
وأوضح “الشافعي” أن محطة أبو رواش تخدم محافظة الجيزة، وتوسعتها حجمها 0.4 مليون متر مكعب (من 1.2 مليون لتصبح 1.6 مليون) مياه صرف (دون حمأة sludge) بينما محطة الجبل الأصفر، التي تخدم محافظة القاهرة، تم توسعتها في عام 2013 بمقدار 1.2 مليون متر مكعب (مياه زائد حمأة) بمبلغ 900 مليون جنيه من شركة حسن علام.
وأضاف أن محطة القاهرة الجديدة، والتي تقع في العين السخنة، وسعتها ربع مليون متر مكعب، فاز بها ساويرس في عام 2012 بمبلغ 2.25 مليار جنيه، وشاب المحطة مخالفات هندسية جسيمة.
وأوضح “الشافعي” تلك المخالفات أنه في 2012، اكتشفت هيئة الصرف الصحي أن شركة ساويرس تقوم ببناء أحواض الصرف في محطة القاهرة الجديدة بإسمنت عادي بدلًا من الإسمنت المقاوم للكبريتات، الضروري لتلك الأحواض، وعقود الـPPP كانت تنص على أن لا حاجة لوجود إشراف هندسي على التنفيذ، لذلك لم يُكتشف الخطأ مبكرًا، فأصرت مديرة الادارة الهندسية على توقيع شركة ساويرس على تعهد بتكفل صيانة الأحواض لو تضررت في 20 سنة القادمة، فنشبت مشكلة لمدة عامين، توسط فيها رئيس الوزراء إبراهيم محلب، وأقنع أوراسكوم بتوقيع وثيقة تأمين لمدة 20 أو 30 سنة، فما كان إلا أن أقالوا تلك المديرة من منصبها.
وتابع أن الشريك الإسباني لساويرس ثبت جهله التام بأمور الصرف الصحي في مشروع القاهرة الجديدة؛ فهو لم يكن يعرف بأمر الإسمنت المقاوم للكبريتات، وحتى بعد لفت نظره، عاد ليطلب من هيئة الصرف الصحي نسب خلط هذا الإسمنت في الخرسانة، هذا الشريك الصوري داخل مع ساويرس في عطاء مشروع محطة أبو رواش.
وأكد “الشافعي” أن شركة ساويرس أصبحت تأخذ الكثير من المشاريع الحكومية بأمر إسناد مباشر (دون مناقصات)، كما لو كانت شركة حكومية.
وأفاد أن هناك خلافًا دائمًا على مثل تلك المشاريع بين هيئة الصرف الصحي، التي تشغـّل المحطات والتي تعترض على المخالفات الهندسية والمالية، من جهة، وبين هيئة التجمعات العمرانية الجديدة، التي تملك تلك المشاريع، والتي تدافع بشراسة عن ساويرس.
نقطة تشريعية
وقال “الشافعي” إن اللوم لا ينبغي أن يقع على شركة ساويرس (أوراسكوم)، بل يقع في الأساس على إصرار الحكومة والدولة على تنفيذ مشاريع PPP في نوعيات لا تتناسب مطلقًا مع بيعتها، مثل الصرف الصحي ومحطات الكهرباء والسكك الحديدية.
وأشار إلى أن مشروع محطة أبو رواش مُدرج ضمن مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص Private-Public Partnership واختصارها PPP ولا نعرف مبررًا لذلك، فليس هناك شريك من القطاع العام، فقط المشتري هو من القطاع العام، واستطرد: “طبعًا ميزة مشاريع الـ PPPللمقاولين هي أنها لا تخضع للقضاء المحلي، بل تلجأ للتحكيم الدولي في حال حدوث أي خلاف، كما لو كنا لم نتعلم من عشرات قضايا التحكيم الدولي التجاري التي لم نربح واحدة منها على مر عشرات السنين، وهذا يعيدنا لتسرب السيادة“.
الحل
وعن الحل، قال “الشافعي”: “إذا لم تكن الأموال متوفرة لدى المصالح الحكومية (هيئة الصرف الصحي أو هيئة تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة) فلماذا لا تحصل على واحد من اثنين:
1- قرض من بنوك حكومية بقيمة المشروع. أكيد سعر الفائدة سيكون أقل كثيرًا من 28%.
2- إصدار سندات حكومية (بالجنيه المصري) من أي من الهيئتين الحكوميتين.