شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أنا كويتي.. وأنت وافد

أنا كويتي.. وأنت وافد
كم نحن عنصريون، خمسون عامًا وهم يعملون معنا ويشاركوننا بناء بلدنا ولم نقل لهم شكرًا، نصف قرن أفنى غالبيتهم زهرة شبابه يعمل ويذهب صباحًا إلى عمله الذي يعود في النهاية نفعه أيًا كان حجمه في دائرة تنمية البلد، تزوجوا هنا وأنجبوا

كم نحن عنصريون، خمسون عامًا وهم يعملون معنا ويشاركوننا بناء بلدنا ولم نقل لهم شكرًا، نصف قرن أفنى غالبيتهم زهرة شبابه يعمل ويذهب صباحًا إلى عمله الذي يعود في النهاية نفعه أيًا كان حجمه في دائرة تنمية البلد، تزوجوا هنا وأنجبوا أولادهم هنا، حتى إن أولادهم اعتقدوا أو يتملكهم اعتقاد أنهم كويتيون، وهم فعلا كويتيون بالمولد، لم نكن لنقفز هذه القفزات الكبيرة خلال خمسين عامًا لولا أنهم جاءوا إلى بلدنا وشاركونا البناء والتعمير والتأسيس. خمسون عامًا وهم في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، مهندسون وأطباء وصيادلة ومحامون وعمال وميكانيكيون وأساتذة جامعة ومدرسون وطباعون وبناءون ومقاولون وبائعو فاكهة وخضار وملابس وفنيون واستشاريون بل حتى «طقاقات» وبائعات في سوق «واجف».

خمسون عامًا عانوا مما عانيناه وربما أكثر، فعندما استيقظت الحكومة يومًا وأرادت أن تعدل التركيبة السكانية لم تضرب على أيدي تجار الإقامات ولكنها توجهت إلى الوافدين ووضعت قيودًا وشروطًا عليهم وعلى إقاماتهم ووضعت التأمين الصحي على أدمغتهم «ذلك التأمين الذي لا يسمن ولا يغني من جوع»، فلكي يعيش أحدهم مع زوجته وثلاثة من أطفاله عليه أن يتحمل تأمينهم الصحي وتكاليف إقامتهم بمبلغ يفوق الحد الأدنى لراتبه رغم أنه لا توجد حدود دنيا للرواتب في الكويت ولم تحدد يومًا، وكأن الحكومة عندما أرادت أن تكحل التركيبة السكانية أعمت عيون الوافدين، كانوا ولا يزالون الحلقة الأضعف والطريق الأسهل لأي قرار أرادت به الحكومة تعديل أخطاء تجار الإقامات من المواطنين الذين يتحملون المسؤولية الكاملة عن كل أخطاء التركيبة السكانية منذ عام 1980 وحتى اليوم. بدلًا من أن تضرب الحكومة على أيدي تجار الإقامات، ضربت الوافدين بقرارات جعلت البلد أقرب إلى بلد من المغتربين العزاب.

50 عامًا والوافدون يأتون ويرحلون، يبنون ويعمرون ويشاركوننا العمل والبنيان، ولم تتكون لدى العامة من المواطنين فكرة سوى أن هؤلاء الوافدين جاءوا بحثًا عن الدينار وكأن المواطن ملاك منزل لا يأكل ولا يشرب ولا يبحث عن الدينار «ألم نقم الدنيا ونقعدها وحل مجلس أمتنا الماضي بسبب 50 دينارًا؟».

في نظرة أخرى للوافدين نقول عنهم «جاءوا ليشاركوننا لقمة عيشنا ويأخذوا وظائفنا»، رغم أن دستورنا كفل لنا التعليم والصحة والتوظيف وهم «يا بخت» من يجد منهم وظيفة بالكاد تسد رمقه حتى آخر الشهر. 50 عامًا وأغلبهم سمع هذه الجملة «أنا كويتي.. أنت وافد.. هذي ديرتي»، نفس عنصري عالي النبرة، ونسينا أن من يلوح لنا بالعلم الأحمر في الطريق أثناء الإصلاحات به كحماية وتنبيه لنا هو وافد يقف في عز الظهيرة بينما نحن نستمتع بهواء مكيف سياراتنا، ونسينا أن من علمنا ودرسنا وافدون ومن بدأ حركتنا الفنية من الوافدين ومن أسس صحافتنا «الحديثة» وافدون، ومن عالجنا وافدون، ومن أعلى البنيان هم من الوافدين.

50 عامًا واستكثرنا خلالها حتى أن نقول لهم شكرًا. من القلب شكرًا لكل وافد جاء أو عاش في هذا البلد حتى ولو لم يفعل سوى أن دق مسمارًا في لوحة إرشادية على جانب طريق مظلم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023