تعيش مصر حالة من العزلة الدولية لم تشهدها منذ فترة؛ بسبب الفشل السياسي والأمني والاقتصادي لنظام عبدالفتاح السيسي، وجاء سقوط الطائرة الروسية ليزيد من عزلة النظام الدولية، خاصة بعد أن أعلنت عدة دول تعليق رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ، كما قامت عدة دول بإجلاء سائحيها من شرم الشيخ.
وقررت روسيا منع رحلات مصر للطيران من الهبوط في موسكو.
أحد أسباب زيادة العزلة لمصر، في الفترة الأخيرة، ملف الحريات وحقوق الإنسان، بخلاف الفشل الاقتصادي.
وكشفت مصادر عن ضغوط تمارس على نظام السيسي من أجل المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين لعودة الاستقرار لمصر وإنقاذها من الفوضى.
العزلة الدولية
وكشف الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، في مقال نُشر له بـ”الشروق”، إلى أن أحد أصدقاء السيسي قال له: “أخشى أن أجدك وحيدًا”.
ولفت إلى أن رؤساء من دول أميركا اللاتينية هددوا بإثارة ملف حقوق الإنسان في مصر في إحدى القمم التي يحضرها السيسي.
وقال: مرة بعد أخرى يطلب (السيسي) شراكة الآخرين، الشعب كله، في تحمل المسؤولية الثقيلة، دون أن تكون هناك مبادرة واحدة تتسق مع الطلب المتكرر”.
شرعية السيسي تصدعت
وأكد أن “شرعية السيسي تصدعت”، وطالب السناوي أولًا بـ”فتح قنوات الحوار العام، ومراجعة الأخطاء لسد الثغرات، وإعادة بناء الشرعية التي تصدعت، وفق قاعدة أن “المسؤولية واجب والحرية حق”.
تجاهل العالم
وختم: “الملف متخم، ويستحق التفاتًا جديًا، فلا نحن نستطيع أن نتجاهل العالم، ولا مصر تستحق أن تهدر حقوق مواطنيها دون رد المظالم. وفي الحالتين انكشاف يستحق المراجعة الجدية، والتصحيح اللازم لمستويات الأداء العام”.
ضغوط خليجية
وبعد زيارة السيسي للرياض للمشاركة في القمة العربية اللاتينية، أكدت مصادر لصحيفة “القدس العربي”، أن النظام قرر اعتماد لهجة أكثر هدوءًا تجاه الجماعة لاحتواء ضغوط متقاطعة إقليميًا ودوليًا، وهو ما يفسر ما قاله السيسي مؤخرًا حول أن المشكلة بين الإخوان والشعب وليس النظام، إلا أن هذا لا يعني تغييرًا فوريًا بالضرورة، وإن كان قرار محكمة النقض بإلغاء أحكام المؤبد ضد قيادات “الإخوان” قد يشير إلى اتجاه لإلغاء أحكام الإعدام أيضًا، وإفساح مزيد من الوقت قبل صدور أحكام نهائية.
وقال سامح عيد، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، “نعم هناك ضغوط خليجية كبيرة من أجل التصالح مع جماعة الإخوان، ولا نستطيع أن ننكر وجود الإخوان على الأرض سواءً فى ليبيا أو سوريا أو اليمن، كما أن السعودية غيرت موقفها من الإخوان وخففت من حدتها بصورة كبيرة وتجعله أكثر مرونة وذلك لمصالحهم في اليمن ووقوف الجماعة معهم في مواجهة إيران، فمصر تواجه ضغوطًا عربية وغربية في ظل وضع داخلي متراجع بشكل أو بآخر على المستوى السياسي والاقتصادي، فمصر لا بد وأن تخضع للضغوط لأنها لا تملك القوى للرفض”.
وأكد “أن الوضع الداخلي للإخوان يؤكد أنهم متواجدون، وعددهم يتجاوز النصف مليون وهم في حالة صعبة وغاضبون ولا نستطيع إدخالهم جميعًا داخل السجون، فلا بد وأن يتم استخدام درجة من درجات التهدئة”.
المصالحة حتمية
وقال الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم النفس السياسي، ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن عملية المصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحاكم في مصر “حتمية”؛ وأن الصراع معهم سيؤدي إلى استنزاف طاقات، وسفك دماء مواطنين؛ ما يهدد بالدخول في “حرب أهلية”.
وأضاف “إبراهيم”، في حوار أجرته معه صحيفة “النبأ” في عددها الأسبوعي الأخير، أنه وبحسب علمه، فإن “من بايعوا المرشد 700 ألف، أي ما يقرب من 4 ملايين شخص، إذا اعتبرنا أن كل شخص منهم يتبعه خمسة أو ستة أفراد”، متسائلًا: “ماذا ستفعل الدولة بهؤلاء؟ هل ستبيدهم، أو تهجرهم، أو تسجنهم؟”.
حرب أهلية
وشدد “إبراهيم” -في حواره- على أنه لا بد للدولة من أن تستوعبهم بشكل أو بآخر، موضحًا أن فيهم كوادر سياسية، وأنهم ليسوا جهلاء، معتبرًا “الصراع معهم سيؤدي إلى استنزاف طاقات، وسفك دماء مواطنين؛ ما يهدد بالدخول في حرب أهلية، ومن ثم لا بد من المصالحة مع الإخوان، قبل أن تتطور الأمور معهم إلى الأسوأ”، مستدركًا: “لكننا نريدها مصالحة عاجلة؛ لتوفير الوقت والجهد والدماء، ووقف حرب الاستنزاف الدائرة بين الجماعة والنظام”.على حد قوله.
وأوضح “إبراهيم” الأسباب التي دفعته لطرح مبادرته السابقة للصلح مع الإخوان، مشيرًا إلى أنه شخص حريص على المصلحة العامة، ولا يفكر تفكيرًا نمطيًا، ويعلم أن مبادرته ستُقابل بالهجوم، وستثير كثيرًا من العواصف، لكن من وجهة نظره، فإنه حينما تهدأ هذه “العواصف”، سيتدبر المواطنون فكرة المصالحة إن آجلًا أو عاجلًا؛ خاصة أن الإخوان تعرضوا لهجوم في العهد الملكي، ثم الناصري، والساداتي، والمباركي، وفي كل هذه العهود، كانت هناك مصالحة صريحة، أو ضمنية، مع الجماعة، بحسب تعبيره.
وتابع: “رغم صعوبة هزيمة الدولة في هذه المواجهة، إلا أن طول الصراع سيؤدي إلى مزيد من الخسائر البشرية والمادية في صفوف الطرفين”، معتبرًا أنه “لا بديل أمام الجماعة سوى القبول بالمصالحة، وإذا لم يوافقوا الآن، فسيضطرون لقبول ذلك فيما بعد”.
الانتخابات كارت أصفر
وفي رده على سؤال حول النسبة الضعيفة للمشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، قال إبراهيم: “المصريون رفعوا “الكارت الأصفر” للسيسي في هذه الانتخابات، وأرجو منه -بصفته رجل مخابرات سابق، ومعه أعوانه ومساعدوه- أن يتفهموا هذه الرسالة جيدًا، وأن يتدبروا الأمر بسرعة”.
وأكد إبراهيم أن للإخوان دورًا كبيرًا في عزوف الشعب عن المشاركة الانتخابية، معتبرًا أن شكل البرلمان دون الإخوان “برلمان بلا لون أو طعم أو رائحة، وسيكون برلمان الموافقين”.