“أنا محضرتش فيرمونت، أنا مظلوم في موضوع فيرمونت ده خالص”، يشدد عليها الروائي واسع الانتشار، علاء الأسواني، في حواره مع موقع “بوابة يناير”، لكنه في الفقرة التالية يضيف “بعد الاجتماع، قلت للدكتور عبد الجليل، أنا لن أوقّع مع هؤلاء الناس، وأنا لا أثق في هذا الرجل” (يقصد مرسي).
في حوار التناقضات، يقول الأسواني الشيء وعكسه، بحيث لا يخرج قارئ الحوار بنتيجة محددة، هل شارك في اجتماع “فيرمونت” أو الجبهة الوطنية التي اجتمعت مع المرشح، محمد مرسي، الذي لم يكن قد أعلن فوزه بانتخابات الرئاسة بعد، أم لم يشارك؟
يتركها الأسواني مفتوحة، غير أن الحقيقة أنه شارك في اجتماعاتٍ امتدت من بداية المساء حتى ما بعد منتصف الليل، وتحدث في اللقاء الذي خيّمت عليه سحب القلق والتشاؤم، بشأن النتيجة التي سيعلنها المجلس العسكري رسمياً، عن طريق اللجنة العليا للانتخابات، بعد أيام من ذلك المساء، إذ كان الجميع يتوقعون تغييراً في النتائج شبه الرسمية، وإعلان أخرى تحمل نبأ فوز أحمد شفيق.
وعليه، لم يحضر علاء الأسواني المؤتمر الصحافي الذي انعقد، ظهر اليوم التالي، بحضور المرشح محمد مرسي وطيف واسع من الشخصيات السياسية التي اختارت التصدي لمحاولات اللعب بالنتيجة.
في ما بعد، ومع إعلان فوز الرئيس محمد مرسي، كان الأسواني في طليعة الذاهبين إلى القصر الرئاسي، للتهنئة، بدعوة من رئاسة الجمهورية، حيث دار حوار طويل مع الرئيس الجديد، اتسم بالود والصراحة. وبعد هذا اللقاء، عاد الأسواني مشاركاً بحماس في اجتماعات الجبهة الوطنية “فيرمونت”.
ليس هذا ما يلفت النظر في الحوار الفسيح لعلاء الأسواني، فهناك ما هو أهم، وأخشى أن يكون لب الموضوع، وهو التقليل، حد التسفيه، من دعوات الخروج إلى الميادين، في الخامس والعشرين من يناير المقبل.
“أنا بشفق على هذا النبل إنه يلقي نفسه في مهمة غير مدروسة، احنا قعدنا في كفاية عشر سنين”، ويشرح “وبالتالي لازم نبلور رؤية معينة، وإطار كبير وجبهة حقيقية، وبعد كده ننزل، إنما النزول الفردي السلطة بتتمناه، عشان تقدر تعتقل العناصر النشيطة والأكثر حماساً”.
حسناً، هل يريد الأسواني الانتظار عشر سنوات مثلا، حتى يرضى عن فكرة النزول، ضد نظام على رأسه “أعظم قائد عسكري في التاريخ بعد أيزنهاور”، كما بشّر الأديب بعبد الفتاح السيسي؟ أم أنه يعتبر أن على الثورة أن تضبط ساعتها على توقيتاته هو الشخصية، فلا تكون إلا في الوقت الذي يحدده؟ أم أنه يخشى على أناقته الثورية من وجود هؤلاء الذين يدفعون الثمن، دماً ومطاردةً وتعذيباً، منذ أكثر من عامين، أمضى الأسواني معظمهما منسجماً مع النظام، الذي اتهمه الأديب المشهور يوماً بالتقاعس والتخاذل، لتأخره في ارتكاب أحقر مجازر العصر، بإبادة المعتصمين في ميدان رابعة العدوية؟
يقول الأسواني “كنت مع فض اعتصام رابعة، لأنه كان مسلح، وجُم ضربوا رصاصة تحت عيادتي في جاردن سيتي، بس مكنتش مع مذبحة يموت فيها ألف واحد”.
هل كان يريد الاكتفاء بقتل خمسمائة أم ستمائة، أم أقل من ذلك، مع العلم أن عدد الضحايا تجاوز الألف بكثير جداً، وهل هذا ثمن مناسب لضرب رصاصة تحت عيادة الطبيب الكاتب، بفرض صحة رواية الرصاصة؟ وما هي العلاقة الجغرافية بين “رابعة العدوية” في شرق القاهرة، و”جاردن سيتي” في غربها، حيث السفارتان الأميركية والبريطانية، اللّهمّ إلا إذا كان المعتصمون يمتلكون قدرات خرافية، تجعلهم يخترقون الحصار البري والجوي المفروض عليهم، ويذهبون إلى عيادته تحديداً، لإطلاق رصاصة واحدة، ثم العودة سريعاً؟
ليس هذا كل ما في حوار الأسواني من رصاصات طائشة.. للحديث بقية.