أعلن المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة اليوم عن نتائج استطلاع المؤشّر العربي لعام 2015 الذي نفّذه في 12 بلدًا عربيًّا، هي: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعوديّة، والكويت.
المؤشر العربي هو استطلاع سنوي ينفذه المركز العربي في البلدان العربية؛ بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعةٍ من الموضوعات: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، بما في ذلك اتجاهات الرأي العام نحو قضايا الديمقراطية، والمشاركة السياسية والمدنية.
يتضمن الاستطلاع كل عام مجموعة من القضايا الراهنة.. هدف الاستطلاع هذا العام إلى التعرّف إلى آراء المواطنين العرب نحو “تنظيم الدولة”، والاتفاق النووي الإيراني، والحل الأمثل للأزمة السورية.
شمل الاستطلاع 18311 مستجيبًا أجريت معهم مقابلات شخصيّة ضمن عيّناتٍ ممثّلة لتلك البلدان، وبهامش خطأ يتراوح بين ± 2-3%، ويعادل مجموع سكّان المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع 90% من عدد السكّان الإجمالي لمجتمعات المنطقة العربية.
وقد نفِّذ هذا الاستطلاع الميداني بين شهري مايو 2015 وحتى سبتمبر 2015، وتمثّل بياناته مصدرًا مهمًا لصنّاع القرار والباحثين والمهتمين بشؤون المنطقة العربية.
الإجماع على رفض “تنظيم الدولة”
أظهرت نتائج المؤشر العربي أن الرأي العام العربي شبه مجمع، بنسبة 89% ممن خضعوا للدراسة، على رفض “تنظيم الدولة”، مقابل 7% أفادوا بأنّ لديهم نظرة إيجابية جدًا وإيجابية إلى حدٍّ ما تجاهه.
وأفاد التقرير بأنّ الذين يحملون نظرة إيجابية نحو “تنظيم الدولة” لا ينطلقون من اتفاقهم مع ما يطرحه التنظيم من موقفٍ وآراء ونمط حياةٍ؛ إذ إنّ نسبة الذين يحملون وجهة نظر إيجابية نحو “تنظيم الدولة” بين المتدينين جدًا هي شبه متطابقة مع النسبة عند غير المتدينين، وهي متطابقة بين الذين يعتبرون أنّ الممارسات الدينية هي ممارسات خاصة يجب فصلها عن الحياة العامة وبين من يعارضون ذلك، كما أنها متطابقة أيضًا بين الذين يقبلون بالسماح للبنوك باستخدام الفائدة وأولئك الذين لا يقبلون، وشبه متطابقة بين الذين يؤيدون فصل الدين عن السياسة والذين لا يؤيدون ذلك.
الرأي العام العربي مع تغيير نظام الأسد
أظهرت النتائج أن الرأي العام العربي يرى أنّ تغيير نظام الأسد، هو الحل الأمثل في سوريا بنسبة 62%، فيما رأى 12% بأنه يجب القضاء على الثورة والمعارضة كحلٍ أمثل، ورأى 8% أنّ الحل الأمثل هو حلٌ سلميٌ بمشاركة جميع الأطراف، وأفاد 9% أنّ الحل الأمثل هو القضاء على “تنظيم الدولة ثم الحل السلمي بين أطراف الأزمة “معارضة ونظامًا”.
الاتفاق النووي الإيراني
أظهرت النتائج بأن الرأي العام منقسم نحو الاتفاق النووي الإيراني؛ بين 40% أيدوا الاتفاق، مقابل 32% عارضوه.
ويرى التقرير أن المواطنين العرب انطلقوا في تأييدهم أو معارضتهم للاتفاق من تقييمهم لسياسة إيران في المنطقة؛ فقد اتخذ 31% من المستجيبين مواقفهم المعارضة أو المؤيدة للاتفاق من موقفٍ رافضٍ لسياسات إيران التدخلية في المنطقة وتهديدها لأمن بعض الدول العربية.
وعارض 16% -ممن خضعوا للتقييم- الاتفاق انطلاقًا من أنه يعد رضوخًا من إيران للولايات المتحدة ويصبّ في مصلحة “إسرائيل”.
تقييم ثورات الربيع العربي
عبر 59% من المستجيبين عن تقييم سلبي للثورات العربية والربيع العربي، مقابل 34% من الرأي العام عبروا عن تقييم إيجابي لها، وقد فسَّر الذين قيّموا الثورات بأنها سلبيّة بسبب الخسائر البشريّة الكبيرة، وعدم تحقيق الثورات أهدافها، وحالة الاستقطاب السياسي الحادّ، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، ولم تكن نسبة الذين قيّموا الثورات بطريقةٍ سلبيّة انطلاقًا من موقف معادٍ للثورات تتجاوزّ 5%.
من المهم ملاحظة أنّ 90% من الذين قيّموا الثورات العربية بالسلبية لم يربطوا تقييمهم عمليا بالثورات نفسها، إنما ذهبوا إلى تقييم المراحل اللاحقة للثورات، إذ إنّ الأسباب التي ساقوها للاستدلال على سلبية الثورات مثل الفوضى، والخسائر البشرية الكبرى، وانهيار مؤسسات بعض الدول، هي السمات التي سادت في دول الثورات منذ عام 2013، وعليه فإن تقييمهم السلبي كان لتطورات ومآلات الثورات وليس الثورات نفسها.
زيادة نفوذ الحركات الإسلامية
عبّر “57% من المستجيبين” عن مخاوف محدودة أو كبيرة من زيادة نفوذ الأحزاب الإسلامية السياسية، مقابل 36% قالوا إنه ليست لديهم مخاوف منها.
وأفاد 61% من المستجيبين بأنّ لديهم مخاوف من الحركات العلمانية مقابل 33% أفادوا أنْ ليس لديهم مخاوف منها.
وحسب التقرير فإن وجود مخاوف من الحركات الإسلامية والعلمانية في آنٍ واحدٍ يعبِّر عن أن حالة الانقسام والاستقطاب في الرأي العام العربي قد أدت إلى رأيٍ عامٍ متحفظٍ ومتخوفٍ من كلا الطرفين.
الوضع السياسي في البلدان العربية
أكد المستطلعون أن غياب الأمن والأمان باعتباره أهمَّ مشكلةٍ تواجه بلدانهم بنسبة 19%، وهذه هي المرّة الثانية على التوالي التي يرى فيها المواطنون أنّ المشكلة الأهم ليست اقتصادية، فقد جاءت مشكلة البطالة في المرتبة الأولى في استطلاعَي المؤشر لعام 2011 وعام 2012/ 2013.
كما أنّ تقييم مستوى الأمان والوضع الاقتصادي في بلدان المستجيبين كان سلبيًّا، وهذا ينطبق على تقييم الوضع السياسي لبلدانهم؛ إذ إنّ 43% قيّموه بأنه إيجابيّ، مقابل 52% قيّموه بأنه سلبيّ.
ويظهر التقرير أنّ تقييّم المستجيبين للوضع السياسيّ في بلدانهم في استطلاع مؤشر عام 2015 كان أكثر سلبية منه في الأعوام السابقة.
تقييم الأوضاع الاقتصادية
وكشفت نتائج المؤشر العربي أنّ الأوضاع الاقتصادية لمواطني المنطقة العربية هي أوضاع غير مرضية على الإطلاق؛ إذ إنّ 48% قالوا إنّ دخول أسرهم تغطّي نفقات احتياجاتهم الأساسية فقط، وأفاد 29% من الرأي العام أنّ أسرهم تعيش في حالة حاجة وعوز؛ إذ إنّ دخولهم لا تغطّي نفقات احتياجاتِهم.
تأييد النظام الديمقراطي
أمّا على صعيد اتّجاهات الرأي نحو الديمقراطية، فإنّ هنالك شبه إجماع؛ إذ عبّر 72% من المستجيبين عن تأييدهم النظام الديمقراطي، مقابل 22% منهم عارضوه.
أفاد 79% من الرأي العامّ أنّ النظام الديمقراطي التعدّدي هو نظام ملائم ليطبَّق في بلدانهم، في حين توافَق ما بين 61% إلى 75% على أنّ أنظمة مثل النظام السلطوي، أو نظام الأحزاب الإسلامية فقط، أو نظام قائم على الشريعة الإسلاميّة، ونظام الأحزاب الدينية، هي أنظمةٌ غير ملائمة لتطبَّق في بلدانهم.
تقييم سياسات بعض الدول
كما قيّمت أكثرية الرأي العام سياسات الولايات المتحدة وروسيا وإيران تجاه المنطقة العربية بأنها سلبية، وكان تقييم هذه السياسات في هذا الاستطلاع أكثر سلبية من العام الماضي، بينما كان تقييم سياسات تركيا والصين أكثر إيجابية.
الاعتراف بـ”إسرائيل”
وأظهرت النتائج أنّ 85% من مواطني المنطقة العربية يرفضون الاعتراف بـ”إسرائيل”، وفسّر الذين يعارضون الاعتراف بـ”إسرائيل” موقفهم بعددٍ من العوامل والأسباب معظمها مرتبطة بالطبيعة الاستعمارية والعنصرية والتوسعيّة لـ”إسرائيل”.
وأكّد التقرير على أنّ النتائج تظهر أنّ آراء المواطنين الذين يرفضون الاعتراف بـ”إسرائيل” لا تنطلق من مواقف ثقافية أو دينية.
وسائل الإعلام
وكشفت نتائج المؤشّر العربيّ أنّ التليفزيون لا يزال هو الوسيلة الأولى التي يعتمدها المواطن العربيّ في متابعة الأخبار بنسبة 74%، ثم شبكة الإنترنت 11%، فالإذاعات والصحافة اليومية 7% و5% على التوالي.
وجاءت قنوات التلفزة الوطنية في الصدارة باعتبارها أكثرَ مصدرٍ معتمَدٍ للأخبار، وتلتها بفارقٍ بسيط قناة الجزيرة، ثمّ قناة العربيّة.
وأفاد المستجيبون أن استخدام الإنترنت في تزايدٍ؛ إذ أفاد 38% أنّهم لا يستخدمون الإنترنت مقابل 61% قالوا إنّهم يستخدمونها، وأنّ 78% من مستخدمي الإنترنت لديهم حساب على “فيس بوك”، و34% من مستخدمي الإنترنت لديهم حساب على “تويتر”، إنّ أكثريّة مستخدمي “فيس بوك” و”تويتر” يقومون باستخدامه للتفاعل مع قضايا سياسيّة.
مستوى التدين
أمّا على صعيد أثر الدين والتديّن في الحياة العامّة والحياة السياسية، فقد أظهرت النتائج أنّ أكثريّة مواطني المنطقة العربيّة أفادوا أنّهم إمّا “متدينون جدًّا” 24%، أو “متديّنون إلى حدٍّ ما” 63%، مقابل 9% “غير متديّنين”.