استمرارًا لسياسة “الاختفاء القسري” التي تمارسها وزارة الداخلية مؤخرًا ضد العديد من المواطنين، اختطفت قوات الأمن وائل الأشقر، صاحب الثلاثين عاما، من مدينة الروضة بمحافظة دمياط، وذلك منذ السادس عشر من الشهر الجاري، وتم اختطافه منزله هو نائم في بيته.
وحاولت أسرته البحث عنه في مركز فارسكور و في قوى الأمن الوطني في محافظة دمياط و لم يستدل عليه حتى الأن.
اختطاف سيدة ورضيعها
واعتقلت قوات الأمن سيدة تدعى أسماء فاروق وبرفقتها ابنها الطفل مصعب أسامة، سنة ونصف، مساء اليوم، وتم اقتيادهما إلى مكان غير معلوم.
فيما اتهمت أسرة المهندس محمود ربيع، الأجهزة الأمنية بمحافظة الفيوم، باختطافه من الشارع، رغم اعاقته الواضحة نظرًا لتعرضه لإصابة عمل في ساقه منذ أكثر من عام.
وأكدت أسرته -في بيان صحفي- أنها قامت بعمل بلاغ للنائب يحمل رقم (422/374 421/374) حملوا خلاله النائب العام ووزارة الدخلية المسؤولية الكاملة عن سلامة “محمود ربيع”، مطالبينه باتخاذ كل الإجراءت للكشف عن مكان احتجازه والإفراج عنه في أسرع وقت ممكن.
وقالت الأسرة -في البيان إن “محمود” شاب لديه إعاقة جسدية في “ساقه” نتيجة إصابة عمل، وتسببت تلك الإعاقة في ملازمته للفراش لأكثر من سنة، ثم بدأ يتحسن تدريجيًا بعد متابعته العلاج الطبيعي، إلا أنه تم اختطافه من أحد شوارع الفيوم على يد أفراد أمن، لمجرد أنه ملتحٍ ودون توجيه أية اتهامات أخرى له.
ويتعرض العديد من المواطنين لحالات الإخفاء القسري، حيث رصدت حملة “أوقفوا الاختفاء القسري” في مصر تعرض 125 حالة للاختفاء القسري، بداية من الأول من شهر أكتوبر حتى 30 من نوفمبر، ما زال منهم رهن الاختفاء 46 حالة ونجا من الاختفاء 79 حالة.
وأكدت الحملة، في تقرير أول أمس، تعرض 11 طفلا للاختفاء القسري خلال شهري أكتوبر ونوفمبر، 9 كهول و34 شابا، و15 رجلا، ممن استطاعت الحملة رصدهم.
ورصدت حملة “أوقفوا الاختفاء القسري” أن العدد الأكبر للمختفين قسريا كان من نصيب المحافظات المركزية، إذ إن نسبتهم شكلت 44%، تليها محافظات الدلتا بنسبة مختفين بلغت 34%، مع الأخذ في الاعتيار أن من نسبتهم 9% لم يتم تحديد منابعهم.
وأشارت الحملة إلى أن الطلاب كانوا هم الفئة الأكثر تعرضا للاختفاء القسري، حيث بلغت نسبتهم 42% من الفئات التي تم رصدها.
340 حالة من أكتوبر إلى نوفمبر
فيما كشف تقرير للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، صدر، أمس الثلاثاء، تحت عنوان “المختفون قسرًا.. في انتظار إنصاف العدالة”، عن تورط بعض الأجهزة الأمنية كقطاع الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية وإدارة المخابرات الحربية التابعة للقوات المسلحة في اختطاف أشخاص وإخفائهم بمعزل عن العالم الخارجي في أماكن احتجاز سرية أو غير قانونية كمقار الأمن الوطني منها لاظوغلي بالقاهرة ومعسكر الأمن المركزي والأمن الوطني بطنطا، والسجون الحربية كسجني “العزولي” و”العزولي الجديد” داخل معسكر الجلاء بالإسماعيلية بمقر قيادة الجيش الثاني الميداني.
ووفقًا للشهادات التي جمعتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد تعرض المحتجزون خلال فترات اختفائهم لأساليب مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة؛ من أبرزها الصعق بالكهرباء، والتعليق من اليد والرأس لأسفل، وتعليق الضحية كالذبيحة، والتهديد بالاعتداء الجنسي؛ وذلك بغرض انتزاع اعترافات أو جمع معلومات عن أفراد أو كيانات تقوم بتنظيم التظاهرات أو مشتبه بصلتهم بهجمات إرهابية. وقد ظل الضحايا خلال فترة احتجازهم معصوبي العينين ومقيدي اليدين في ظروف احتجاز قاسية.
ولفت التقرير إلى أن بعض الحالات التي تعرضت للاختفاء القسري في أعقاب الأحداث التي تلت 30 يونيو 2013 لا يزال مصيرهم مجهولًا حتى الآن.
واعتمدت المفوضية -في تقريرها- على إجراء مقابلات مع بعض ممن نجوا من جريمة الاختفاء القسري وكانوا محتجزين بمقار احتجاز تابعة للأمن الوطني والقوات المسلحة.
واستعانت المفوضية المصرية للحقوق والحريات باستمارة تبليغ عن حالات الاختفاء القسري من خلال حملة “أوقفوا الاختفاء القسري”؛ حيث تمكنت من رصد 340 حالة اختفاء قسري بين أغسطس ونوفمبر 2015 أي بمعدل ثلاث حالات يوميًا.
البرادعي يحذر
وقال الدكتور محمد البرادعي ، المدير الأسبق لوكالة الطاقة الذرية :” فى القانون الدولى.. يمكن لمجلس الأمن الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية فى حالة ارتكاب جريمة اختفاء قسرى حتى وإن لم تكن الدولة طرفا فى المحكمة“.
وأضاف البرادعي خلال تغريدة على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” ، الاختفاء القسرى طبقا للمادة 2 من الاتفاقية الدولية هو الحرمان من الحرية بدعم من الدولة أو بموافقتها ويعقبه إخفاء مصير الشخص أو مكان وجوده
وتابع:”فى القانون الدولى يمكن لمجلس الأمن الاحالة للمحكمة الجنائيةالدولية فى حالة ارتكاب جريمة اختفاء قسرى حتى وإن لم تكن الدولة طرفا فى المحكمة”.
جريمة
فيما وصف المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي، عمليات الاختطاف القسري بالجريمة التي يرتكبها رجال وزارة الداخلية بحق المواطنين، لافتين إلى أنه ليس هناك ما يبرر اختطاف المطلوب أمنيا واخفاءه عن أسرته.
وأشار البرعي في تصريح لـ”رصد” من حق المتهم أن يعرف أهله اين يتواجد حتى يتم توكيل له محامي لمتابعة سير التحقيقات والتهم التي يواجهها، إنما ما يحدث الأن هو ضد القانون.
وأضاف، هناك عرف في الداخلية هو أن يتم احتجاز المتهم لفترة ما حتى يحصل على نصيب من الضرب والتعذيب اعتقادا منهم أنها الوسيلة الوحيدة للاعتراف.