شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

اليساري التافه.. هل تعرفين “الملس” يا رفيقة؟!

اليساري التافه.. هل تعرفين “الملس” يا رفيقة؟!
عندما طالعت احتفاء عدد من نساء اليسار في مصر، بمن وصفهن "مُزز البرلمان"، أيقنت أن اصطلاحًا جديدًا لا بد أن يدخل في القاموس السياسي، هو "اليساري التافه"!

عندما طالعت احتفاء عدد من نساء اليسار في مصر، بمن وصفهن “مُزز البرلمان”، أيقنت أن اصطلاحًا جديدًا لا بد أن يدخل في القاموس السياسي، هو “اليساري التافه”!

فقد عرفنا “اليساري المنبطح”، وهو المستعد دائمًا، أن يخضع للسلطة، وأن يبيع المبادئ في سبيل القرب منها، ولو بعضوية بالتعيين في البرلمان، أو بما هو دون ذلك، وشاهدنا جماعات اليسار المحتشدة، خلف مبارك، فمن لم يجد له مكانًا انتظر الفرصة في عهد المجلس العسكري، وفي العهد الحالي، فمنهم من حصل على “شرف القرب” ومنهم من ينتظر!

“اليساري المنبطح” هو مثل “اليميني المنبطح”، فـ”رفعت السعيد” كـ”ياسر برهامي”، و”عبدالحليم قنديل” كـ”السيد البدوي شحاتة”، والخلاف هنا في الدرجة وليس في النوع، فاليساري المنبطح ليس هو الأقرب إلى الراحل “أحمد نبيل الهلالي”، و”اليميني المنبطح”، ليس الأقرب إلى “محمد عبدالمقصود”، و”حازم أبو إسماعيل”، كما أن “البدوي شحاتة” ليس امتدادًا لـ”فؤاد باشا سراج الدين”!.

تظل الأفكار إنسانية تستهدف الحق، والعدل، والجمال، إلى أن تختلط بالتربة العربية، فلا تخرج من العقول إلا نكدًا، فهل الأزمة في تربتنا فقط؟.. وماذا عن قبول اليسار التركي للدعم من حكم الآيات في طهران؟، وهو أمر يذكرنا بالحالة العربية، أو المصرية للدقة!

فاليسار المصري بتنويعاته المختلفة الذي انخرط في حملة تأييد الرئيس العراقي صدام حسين، في حربه مع إيران، واعتبروها حرب القوميات: القومية العربية في مواجهة الفارسية، هم الأكثر حضورًا سواء في السفارة الإيرانية بالقاهرة، والأكثر سفرًا لطهران في الاحتفالات المختلفة للقوم، فقد تم إعدام صدام حسين و”الحي أبقى” من الميت. كما يقول المثل الشعبي الانتهازي الشهير!

كانت الأفكار هي المعلنة في مرحلة “اليساري المنبطح”، فقد اختفت شعارات، العدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، ورفض الهيمنة الغربية في خطاب هذا اليساري، واستدعى خطابًا جديدًا يتبنى أفكارًا أخرى مثل أن هناك ضرورات تبيح الانحياز للسلطة القائمة هي مواجهة البديل الديني، بدلًا من أن يطرح اليسار نفسه بديلًا للحكم. وفي المرحلة الحالية حاول أهل اليسار استدعاء الأفكار لتأييد الانقلاب العسكري، وبوصف قائده بأنه “عبدالناصر الجديد”، لكن عندما أثبتت الممارسة، أن صاحبهم لا يمت لناصر بأي صلة، سواءً في عدائه لإسرائيل وللهيمنة الأميركية، أو في انحيازه للفقراء، عندئذ برز “اليساري التافه”، الذي وجد عجزًا في تأييد الحالة السياسية بعد الجلسة الأولى للبرلمان، فوجدنا عددًا من اليساريات، يأخذن الأمر في اتجاه آخر من خلال ترويج لصور النائبات غير المحجبات، وخلعن عليهن وصف “المُزز”، وهو وصف يطلق على الفتيات الجميلات، واعتبرن أن وجود “مُزز” في البرلمان إنجاز في حد ذاته، ولا مانع من إهانة الحجاب، كما فعلت إحداهن، والسخرية من السيدة “عزة الجرف”، النائبة عن حزب “الحرية والعدالة”، في البرلمان السابق، الذي أنتجته انتخابات غير مسبوقة في تاريخ البلاد من حيث نزاهتها، ومن حيث المشاركة الجماهيرية الواسعة فيها، وأيضًا من حيث المنافسة الديمقراطية التي لم تقص أحدًا بمن في ذلك أعضاء الحزب الوطني المنحل والنواب السابقين في برلمان مبارك، الذي قامت بسببه الثورة!

استدعاء اسم السيدة “الجرف” من باب السخرية والتندر؛ ليس فقط لأنها لم تمنح حظًا من الجمال، ولكن لأنها بالإضافة إلى هذا محجبة، وهي سخرية كانت خاصة بالمغيبين سياسيًا، الذين كانوا لا يجدون ما يقولونه في ساحة المنازلة السياسية، فيسخرون من الشكل، وهو أسلوب مبتذل، لا تعرفه الأمم المتحضرة، لكنه انتقل إلى اليساريات، مع أنه لا توجد من بين المتهكمات جميلة واحدة، ولا أظن أنه سيكون مناسبًا أو لائقًا، أن تستدعي صورة الناصرية “تهاني الجبالي”، والسخرية من حجمها المعروف، فليس من بين اللاتي ابتهجن بوجود “المُزز” في البرلمان، من يسري عليها الوصف في أي مرحلة من مراحل عمرها، وقبل أن يئسن من المحيض، وليس من بينهن جميلة واحدة، فكن في حالة التأييد المبتذل، كالقرعة، وقد ورد في الأثر أن القرعة تتباهى بشعر بنت أختها!

تقول لك اليسارية، ويبدو جسدها في حالة تنافر فطري مع الماء، وشعرها منفوش وكأنه رؤوس الشياطين لم يضرب فيه مشط منذ زمن، أنها تكره الرأس الفارغ، وباعتبار فراغة الرأس وخلوه من الأفكار العظيمة ينتج حالة الاهتمام المبالغ فيه بالمظهر، لكن عندما افتقدوا للوسيلة لتأييد الفشل، كان الانحراف عن المنهج اليساري التقليدي بالحديث عن “المُزز”، وقد أراحهم الله من زمن “عزة الجرف”!

ليس من بين المُحتفى بهن يساريًا، من قدمت دليلًا على وعيها السياسي، أو أنها جاءت من خلفية فكرية أو سياسية، أو كان لها دور في أي اتجاه وفي بلد صارت ربات البيوت فيه يتحدثن في السياسة، ويتعاملن على أنهن يملكن حق الفتوى في هذا المجال، وذلك بعد الحرية التي أتاحتها ثورة يناير، لكن النائبات “المُزز”، التي سوقت يساريات آخر الزمان لصورهن مجتمعات، لا يمتلكن وعيًا سياسيًا، وإحداهن عندما تنزلت عليها الفتوحات وصفت عبد الفتاح السيسي بأنه “عسل وقمور”، استصغار قمر، وكأنها تصف “الموز مهند”، بطل الدراما التركية المعروف. وإحداهن قالت في حديث تلفزيوني أنها لا علاقة لها بالسياسة، وكأنها خاضت الانتخابات للفوز بعضوية مجلس إدارة النادي الأهلي. وثالثة قالت في تقديمها لنفسها: “أنا بنت جميلة ورقيقة وده بيعكس شكل الدائرة بتاعتي”!.

وإذا لم يستلفت انتباهنا وصفها لنفسها بأنها “بنت جميلة ورقيقة”، لصدمنا وصفها للدائرة الانتخابية التي جاءت منها بالقول “بتاعتي”، على وزن “شنطتي، وجزمتي، ووكستي”!

لا أعرف الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها “المُزز” هؤلاء، لكن سواء بالحقيقة أو بالافتراض والافتعال، فهن من طبقة للموقف اليساري التقليدي رأي سلبي فيها، ولو كن ينتمين لهذه الطبقة بالادعاء. لكن لا بأس عند المرأة “اليسارية الشقيانة”، والمكافحة، والتي لا تجد وقتًا لفرط انشغالها بحقوق الطبقة العاملة، لاستخدام “مزيل العرق”، مادمن قلبنا الأمر من كافة الوجوه فلم يجدن وسيلة للتأييد إلا بالحديث عن “المُزز”، وبلغ الاحتفاء ذروته بالقول إنهن تعبير عن مصر الحقيقية لمجرد أنهن غير محجبات!

واللافت أننا انتقلنا من مرحلة كان الإسلاميون يتهمون بالتدخل في حياة الناس الشخصية، عندما يدعون غير المحجبة للحجاب، باعتبار أن هذا تدخلا لا يليق في الحرية الشخصية، وهذا صحيح، إلى مرحلة جديدة تتدخل فيها اليسارية بالسخرية والتجريح لمن قررت أن ترتدي الحجاب، وقد وصل إلى حد إهانة الحجاب نفسه!.

لن أناقش الأمر من زاوية إسلامية، يحلو ليسار آخر الزمان استدعاؤها للتأكيد على أن الحجاب ليس فرضًا دينيًا، وبشكل يوحي بأن قادة اليسار وغلمانهم ونساءهم تحولوا إلى مجددين إسلاميين، فإذا كانت الحرية الشخصية لأي امرأة في أي مجتمع ألا ترتدي الحجاب، ومن حق اليسارية ألا تأخذ “شور” إلا في المناسبات التاريخية، وفي ذكرى صدور كتاب “رأس المال” لكارل ماركس من كل عام، وإذا كان من حقها أن تعطي إحساسًا أنها تستقبل سريرها بذات الملابس العائدة منها من عملها، لأنها منشغلة بحقوق “الأم المعيلة” عن تغيير ملابسها، فمن حق أي امرأة أن ترتدي الحجاب والنقاب، ولا أظن أن الأخت اليسارية، ينبغي أن تتأذى لأنها هناك من تستحم مرتين في اليوم!

لاحظ أنني لم أتطرق لموضوع الدين، فمناقشتي كلها منصبة على الحقوق والحريات، وهو مجالي الحيوي، فاللباس هو حرية شخصية بامتياز!

نعلم أن “اليساري التافه” وهو من يدعو مذهبه للأممية، لكنه يتحدث عن اللباس المصري الذي تم الجور عليه بفعل التأثر الوهابي، وفي تأييدهم لـ “مُزز البرلمان” فلأنهن يعبرن عن مصر التي ضاعت بفعل التأثر، وهو أمر شبيه بالانحياز اليساري لما يسمونه بالتدين المصري الذي يعبر عنه المتصوفة في “الموالد” و”الأضرحة”، في مواجهة المد السلفي القادم من الخليج، فاتهم أن الأخير إن كان غزوًا، فالأول دخل مصر من خارجها مع الحكم الفاطمي، والذي تصدى له المصريون بالمناسبة!

أعلم أن المحتفيات ينظرن إلى حفلات أم كلثوم مثلًا، فيرون في الجالسات فيها أنهن مصر القديمة، فاتهن أن هذا الشكل كان يعبر عن طبقة اجتماعية، تأثرت بالوجود الغربي في المحروسة، وهي طبقة يعاديها اليسار، ويرى أنها تمثل الاستغلال الاستعماري، فجدات اللاتي ملأت السعادة قلوبهن لرؤية مصر الحقيقية ممثلة في “مُزز البرلمان”، لم يكن من الحاضرات في حفلات سيدة الغناء العربي، فقد كنا ممن يسمعن لها عبر جهاز الراديو “الترانزستور” الذي هو في وزن الواحدة منهن، وهي ترتدي “الملس”.

فهل تعرفي “الملس” يا “رفيقة”!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023