يبدو أن الخلاف بين المسيحيين البروتستانت والأرثوذكس كبير؛ حيث ظهر مؤخرًا على السطح؛ بسبب رفض قس أرثوذكسي الصلاة على عروسين من البروتستانت قضيا ليلة زفافهما، فيما لا يمكن فصل هذا الخلاف عما ظهر مؤخرًا من دعم يقدمه النظام للمسيحيين البروتستانت، والذي كشفته اعترافات “هانتر فاريل” مدير البعثات التنصيرية للمشيخة البروتستانتية في العالم مؤخرًا.
يصلون في كنائسهم
وكان القمص تادرس بشنودي، كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس للأقباط الأرثوذكس، بقرية إتليدم بالمنيا، قد اعترف برفضه الصلاة على جثمان قبطي بروتستانتي، لقي مصرعه هو وعروسه ليلة الزفاف إثر اختناقهما بالغاز.
وقال القمص تادرس بشنودي، أمس الأربعاء، في تصريحات صحفية، إنه “توجد بالفعل في البلدة كنيسة رسولية وكان من الممكن ببساطة الصلاة فيها، مثلما تمت الصلاة على العروس المتوفاة في كنيستها الرسولية في قرية شوشة بسمالوط، كما أن الكنيسة قامت بواجبها الإنساني في تعزية أهل المتوفى، وعرضت عليهم استخدام قاعة العزاء لتلقي العزاء، والكهنة سلكوا قوانين الكنيسة الأرثوذكسية”.
ليه أفرح كبروتستانتي.. وأموت أرثوذكسي
وأيد القس جوناثان رفعت، كاهن كنيسة العذراء، موقف الكنيسة في رفض الصلاة، وكتب على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تعليقه حول الأزمة: “ليه أفرح كبروتستانتي.. ولما أموت يتصلى عليا أرثوذكسي”.
وأضاف “في ناس للأسف تحجز كنيسة أرثوذكسية لفرحها وهو مش مؤمن أصلًا بالكهنوت أو بفكر الكنيسة، عمومًا بس يعمل كده علشان ده المفروض يحصل وبس مش على اقتناع”، متابعًا: “طب ليه القسيس البروتوستانت قبل أن يجوزوا بروتوستانت ولما مات قال ماتصلوا عليه أرثوذكسي”.
وقال جوناثان -في منشوره-: “أنا معنديش مشكلة إن في حد يتجوز بروتوستانت ويصلي في البروتستانت.. ومايقبلش أفكاري وعقيدتي لأنه حر وكلنا في الآخر للمسيح، لكن اللي يضايقني إن في وقت الفرح منسية وفي وقت البكاء مدعية”.
واستطرد قائلًا: “ليه تجرح في كنيستي وأنت مش منها.. طب إنت قابل أفكارها ولا مش قابلها.. إنت حر في كل انتمائك.. وبستغرب إن ألاقي ناس تخدم في كنايسنا وفي الآخر مش مقتنعة بينا.. وممكن يبقى خادم ويقول كنيستنا كنيسة فاترة.. طب بتخدم فيها ليه؟!”.
وأكد كاهن كنيسة العذراء، أنه لا خلاف لديه مع الطوائف المسيحية الأخرى؛ حيث قال: “أنا معنديش أي مشكلة مع حد من الطوائف بالعكس كلهم حلوين فعلا بس استقر فحتى لا تعوجوا بين الفرقتين.. أنا معاكوا أن ممكن كلمة رفض أب كاهن صلاة على ميت تحس أنها صعبة ومافيش رحمة.. بس احنا مش عارفين كل جوانب الموضوع، وللأسف في ناس بتصطاد أي غلطة، مختتما المنشور متسائلًا: “ليه في الفرح منسية وفي الهم مدعية يا كنيسة يا أرثوذكسية؟!”.
أين المحبة؟
وفي المقابل، وجه القس بيوح عازر، رئيس مجلس كنيسة إتليدم الإنجيلية، رسالة لنيافة الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، قال فيها: “أكتب لكم وأنا حزين جدًا.. أين المحبة التي ننادي بها؟ هل تقبلون ما حدث من القس تادرس بإتليدم عندما يذهبون إليه للصلاة على جثمان عروس وعريس توفيا في صباح زواجهما، والبلد كلها مسلمون ومسيحيون في حسرة ولوعة فيقول لهم دول إنجيليين مش هاصلي عليهم”.
خالفت تعاليم المسيح
ووصف القس رفعت فتحي، الأمين العام لسنودس النيل الإنجيلي بمصر، هذا الموقف بـ”المؤسف والمحزن”، موضحًا أنها خالفت تعاليم المسيح، مدينًا -في تصريحات صحفية- موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في رفضها الصلاة على عروسين بروتستانت.
وأضاف “فتحي”، “علمنا السيد المسيح أن الإنسان أهم من الطقس ومن القوانين الوضعية وأعتقد أن حالة رفض الصلاة على الزوجين هي حالة إنسانية في المقام الأول، وكان ينبغي أن ينظر إليها من هذه الوجهة”.
وأكد “فتحي” على احترامه الكامل لطقوس كل طائفة وممارستها، لكن إذا لم يكن الإنسان هو الهدف تصير كل الممارسات بلا قيمة أمام الله، لأن الإنسان لم يجعل لأجل السبت، ولكن جعله من أجل الإنسان كما كان ينبغي أن ينظر إلى هذا الأمر من وجهة نظر مسكونية، ولا سيما أننا نجتمع معًا في مجلس كنائس مصر في مودة واحترام على كل المستويات.
ووصف القس الدكتور إكرام لمعي، رئيس لحنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية سابقًا، الواقعة بأنه عمل غير موفق، من جانب الكهنة، لافتًا إلى أن القضية تعد شأنًا إنسانيًا بحتًا.
وقال “لمعي”، في تصريحات صحفية: “إن الكتب المقدسة جميعها، أعلت من شأن الإنسان، مشيرًا إلى حجة عدم اعتراف الكنيسة الإنجيلية، بالأسرار الكنسية الأرثوذكسية، ليست مبررًا لرفض الصلاة على جثامين موتى، وأردف قائلًا: “كان ممكن يقرأوا آيات عامة، بعيدًا عن الأسرار المقدسة”.
إشاعة الفتنة
ومن جانبه، رأى فادي يوسف، مؤسس ائتلاف “أقباط مصر” وأحد قساوسة الكنيسة الإنجيلية بالمنيا، أن رفض الكنيسة الأرثوذكسية للصلاة أمر طبيعي؛ إزاء تبعيتهم للكنيسة الرسولية.
وأبدى “يوسف” أسفه، في منشور له على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، إزاء ما أسماه “سقوط بعض قيادات الكنيسة الإنجيلية، في الفتنة، وفي مقدمتهم رئيس الطائفة عبر صب الغضب على الكنيسة الأرثوذكسية”، واصفًا تبعات الأمر بأنها “أمور خائبة”، لا ترتقي لمستوى المسؤولية.
وقال “يوسف” -في منشوره-: “إن الأمور المشتركة التي تجمع بين الطوائف المسيحية كثيرة للغاية، داعيًا إلى الاتفاق عليها، والعمل الجاد على وحدة الكنائس”.