تأجل مؤتمر جنيف ٣ دون الوصول إلى إتفاق سلام سوري ينهي الحرب الأهلية ويرفع الحصار عن الشعب السوري ويضع الأطراف المتنازعة على طريق التفاهم السياسي الذي يقود إلى دولة ديمقراطية بعد مرحلة إنتقالية.
تصريحات وزير الخارجية جون كيري نددت بالنظام السوري متهمة إيّاه بإجتذاب “الإرهابيين” إلى سوريا بسبب جرائمه ضد الشعب السوري بينما شجب وزير الخارجية الروسي “الإرهابيين” متهمًا إياهم بمحاولة إسقاط النظام السوري الشرعي.
وبين شد وجذب وتبادل للإتهامات بين ممثلي تحالف المعارضة السورية وممثلي النظام السوري تم تعليق المحادثات وعصف المشاركون خارجين من جنيف، متقاذفين حمم الإتهامات، متوعدين بعضهم بعضًا بالهزيمة.
نداءات ديمستورا لأطراف النزاع بالتعقل والتفكير بمصير ملايين السوريين غرقت في هدير تيار الإتهامات والتهديدات والتصريحات الصحفية المتبادلة بين أطراف النزاع.
وها هي سوريا تُصبح مرة أخرى على مصير مجهول وكر وفر بين نظام يستجمع قوته ليتقدم ويعيد السيطرة ليتراجع بعد أيام أو أسابيع أو أشهر حينما تستجمع المعارضة المسلحة قوتها وتسليحها وتبدأ من جديد بإستهداف جيش النظام السوري الذي يستعيد الأرض ولا يقدر على إستعادة العقول والقلوب.
وبينما يتقدم جيش النطام السوري على الأرض مستعيدا مناطق شاسعة كانت تحت سيطرة المعارضة، إجتمع ممثلو أكثر من سبعين دولة في لندن لبحث سبل تقديم المساعدة لدول الجوار السوري التي تغلي سياسيًا بسبب الأزمة السورية ومعاناتها الإقتصادية الخانقة التي تهدد بالتحول الى دول فاشلة إذا لم تضع تصل المساعدات العاجلة.
الأزمة السورية ما زالت في تصاعد داخلي وخارجي وهي على وشك الإنتقال إلى مرحلة جديدة بعدما يستفيق الجميع من حلم جنيف ٣.
إنتهاء مؤتمر جنيف ٣ دون الوصول إلى حل هو بداية مرحلة ستتسم بالتصعيد في الداخل والخارج السوري.
في الداخل السوري، أتوقع أن تتلقى المعارضة المعتدلة من جهة و”الجماعات الإرهابية” من جهة أخرى دعمًا ماليًا وعسكريًا من دول التحالف الأميركي، وربما بتنسيق أميركي ردًا على الإنتصارات التي حققها جيش النظام السوري بدعم الطيران الحربي الروسي.
وعلى المدى المتوسط، أتوقع أن تتفاقم الأزمة بين روسيا والسعودية في معركة النفط بتوجبه أميركي حيث تلتقي مصالح الولايات المتحدة والسعودية في زيادة الضغط على الإقتصاد الروسي الذي دخل في مرحلة عدم الإستقرار.
أما الموقف الإيراني فيبدو أنه تكونت قناعات عميقة عند الدولة رموز الدولة الإيرانية أن النظام السعودي لن يكون إلا عدوًا لإيران ما دام يمتلك القدرة على ذلك.
هذه القناعة ستدفع الدولة الإيرانية إلى الإستمرار بإفشال الخطط السعودية في سوريا واليمن والبحرين.
تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا في حين تحققت توقعاتي بتصاعد القتال في الداخل السوري سيدفع بالمزيد من اللاجئين الى دول الجوار مزعزعا إياها على المدى البعيد وإلى الدول الأوروبية مفاقمًا خطر موت اللاجئين وزعزعت أمن بعض الدول الأوروبية بالإرهاب، لم أرى تقدما بإتجاه السلام في سوريا منذ إندلاع الثورة ولَم أرى سوريا مهددة من الداخل والخارج كما هي عليه الآن منذ فجر تاريخها.