قال الكاتب والمفكر الإسلامي المصري فهمي هويدي: إن مستقبل العالم العربي أصبح يتقرر خارج حدوده، واللاعبون الكبار في الإقليم أصبحوا محصورين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإيران وتركيا.
واضاف هويدي في مقال نشره موقع CNN: ذلك كان واضحا تمامًا في الملف السوري الذي تتولاه تلك الدول ولروسيا فيه كلمة مسموعة بحكم وجودها على الأرض في سوريا، ومن الواضح أن القرار العربى لا تأثير له في الملف السوري، فضلًا عن أنه لم يحل شيئا في مشكلتي ليبيا واليمن، على حد قوله.
وأشار هويدي إلى تصريحات لمسؤولين إماراتيين، يؤكدون فيها أن الإمارات هي التي تقود المنطقة العربية حاليًا، ذاكرا كلمة ألقاها سفير دولة الإمارات العربية في واشنطن أمام مؤتمر جامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع والذي قال ما يلي: إن دولة الإمارات هي التي تقود المنطقة العربية بمبادراتها ومشاركتها في ستة تحالفات مع الولايات المتحدة، مؤكدا أن بلاده هي الوحيدة التي شاركت وما زالت شريكة للولايات المتحدة في كل العمليات العسكرية خلال الـ٢٥ عاما الأخيرة، سواء في أفغانستان أو العراق أو سويًا”.
وتابع هويدي: “بشكل مواز كتب الباحث الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله القريب من دائرة القرار السياسي في الإمارات على صفحته في ١١/١ قائلًا إن السعودية هي اليوم مركز الثقل السياسي العربي والإسلامي، باعتراف الأصدقاء والأعداء، وفي تعليق له نشره في الأسبوع الماضي ذكر أن دبي وأبوظبي والشارقة وبقية المدن الخليجية، وليس بيروت والقاهرة وبغداد هي التي تقود حركة التنوير والحداثة بالمنطقة العربية في القرن الواحد والعشرين، ثم قال في وقت لاحق إن البعض يلوموننا حين نكرر أن الإمارات هى اليوم الدولة القدوة فى العالم العربى”.
وقال هويدي أن قيادة العالم العربى ليست وقفا ولا حكرًا على بلد دون آخر، لكنها مسؤولية لها شروطها، من استطاع أن ينهض بها فهو جدير بها، لذلك فإن السؤال الصحيح ليس من يقود ولكنه فى معايير تبوُّء مقعد القيادة والقدرة على الوفاء باستحقاقاتها من وجهة نظر المصالح العربية العليا، مضيفًا : ” وما عاد سرًا أن مصر تخلت عن القيادة السياسية للعالم العربى”.
واستطرد : ” إن حالة الهشاشة التى يعانى منها العالم العربى جعلته أكثر قابلية للتشرذم والانفراط، على نحو جعل احتواءه ومحاولة رأب تصدعاته عملية بالغة الصعوبة الأمر الذى يلغى دور أى قيادة عربية، وقد رأينا بوادر التقسيم فى العراق سواء بين السنة والشيعة فضلا عن دعوة مسعود البرزانى رئيس إقليم كردستان إلى الاستفتاء على الاستقلال”.
وتابع : ” كما أن خرائط تقسيم سوريا وإقامة دولة علوية تبدو تحت الإعداد. ولا يعرف مصير أقاليم ليبيا كما أن ملف دارفور لم يغلق بعد فى السودان، وهذه الهشاشة أطلقت يد إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة ففرضت حصارها على رام الله والبيرة وقباطية، إلى جانب حصارها التقليدى لقطاع غزة فضلًا عن استمرار محاولاتها اقتحام المسجد الأقصى”.
واردف : ” تحل هذا العام الذكرى المئوية لتقسيم العالم العربى طبقا لاتفاقية سايكس بيكو التى وقعت عام ١٩١٦، بعد الحرب العالمية الأولى، فإن المئوية الجديدة تنبئ بما هو أسوأ. ذلك أن الاتفاقية وقعت بعد انهيار الدولة العثمانية التى وصفت بأنها رجل أوروبا المريض، وهو وضع قريب الشبه بانهيار النظام العربى وتراجع دور مصر التى صارت رجل العرب المريض، وكما انكسرت راية الدولة العثمانية آنذاك، فإن الإرادة العربية انكسرت بدورها بعد خروج مصر على الإجماع العربى فى معاهدة السلام مع إسرائيل، وبعد تعرضها للهزات السياسية والاقتصادية”.
وختم : ” ثمة ملاحظتان أساسيتان تردان فى هذا الصدد.. الأولى أن العالم العربى فى ظل الخرائط الجديدة لم يعد مهددا فى حدوده فحسب، وإنما فى وجوده أيضا. وذلك حاصل فى الوقت الراهن دون غزو من الخارج، وبفعل عوامل داخلية فى الأغلب.. الملاحظة الثانية أن موازين القوى المحيطة تغيرت هذه المرة، فلئن كانت إنجلترا وفرنسا وراء اتفاقية سايكس بيكو قبل مائة عام، فإن رعاة القسمة هذه المرة تضاعفوا، وانضمت إليهم الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل”.