قامت العديد من الدول الخليجية مؤخرًا، بتكثيف السحب من الاحتياطي النقدي لديها؛ لسد عجز موازناتها، والذي ظهر بشكل جلي عقب تدهور أسعار النفط.
وبحسب خبراء ومحللين، فإن تهاوي أسعار النفط عالميًا، كان الطامة الكبرى التي أدت إلى تراجع الاحتياطات الأجنبية لدول مجلس التعاون الخليجي، مشيرين إلى أن اللجوء للسحب من الاحتياطى جاء ضروريًا، محذرين من أن استمرار تلك الدول في استهلاك احتياطاتها المالية سيكون له عواقب وخيمة، خصوصًا في حال بقاء أسعار النفط عند مستويات متدنية لسنوات قادمة.
وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن دول مجلس التعاون الست لديها احتياطات من النقد الأجنبي المقومة بالدولار الأميركي بما قيمته 904.1 مليارات دولار.
وتراجعت أسعار النفط الخام بنسبة 70% للبرميل، منذ منتصف 2014 هبوطًا من 120 دولارًا، إلى أقل من 33 دولارًا؛ بسبب تخمة المعروض ومحدودية الطلب، ما دفع العديد من الدول المنتجة لتنفيذ سياسات تقشفية وإجراءات تصحيحية في اقتصاداتها.
ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الاحتياطات النقدية لدى المملكة العربية السعودية تكفي بالكاد لضمان تحقيق التوازن لفترة لا تتجاوز خمس سنوات، إذا ما ظل سعر النفط عند 50 دولارًا للبرميل.
ويتوقع الصندوق أن تكون احتياطات كل من الكويت وقطر كافية لمدة 25 عامًا والإمارات 30 عامًا، في حين تحتاج البحرين وعمان خمس سنوات عند سعر 50 دولارًا للبرميل.
وبحسب بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي، فقد بلغت المبالغ التي سحبتها الحكومة السعودية من الاحتياطي نحو 251 مليار ريال (67 مليار دولار) خلال العام 2015، وسجل الاحتياطي العام للدولة 654 مليار ريال مقارنة بنحو 905 مليارات ريال بنهاية 2014.
وفي الكويت، ووفقًا لبيانات رسمية، فإن الاحتياطي العام للدولة يبلغ 44 مليار دينار (148 مليار دولار) ومن شأن سير عمليات السحب منه بحدود 9.3 مليارات دينار (31.3 مليار دولار) أن يهبط به إلى حدود 35 مليار دينار (117.7 مليار دولار).
وانخفضت الاحتياطات النقدية السعودية عام 2015 إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام، مع سعي الحكومة لتمويل عجز ميزانيتها؛ بسبب تراجع أسعار النفط العالمية وزيادة الإنفاق الحكومي؛ حيث تشكل عائدات النفط أكثر من 90% من الإيرادات العامة للمملكة.
ويقول الخبير الاقتصادي الكويتي، عدنان الدليمي، إن لجوء دول الخليج إلى السحب من الاحتياطات أمر مقلق لا سيما وأنها تمثل أهم وسيلة للدفاع عن الملاءة المالية للدولة، لذا لا بد أن تبقى للظروف الطارئة وغير الاعتيادية، مطالبًا دول الخليج بضرورة الحفاظ على احتياطاتها عند مستويات مرتفعة، وألا تكثف من استخدامها في تمويل عجز الموازنة، على أن يكون هناك نوع من التوازن في تنويع مصادر التمويل بين السحب من الاحتياطي والاقتراض.