مضى عامان من الجدل الذي ساد الشارع المصري والإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي حول الجهاز الذي أعلن اللواء إبراهيم عبدالعاطي في مؤتمر صحفي أنه سيعالج فيروس الإيدز وأمراض أخرى بينها التهاب الكبد الفيروسي، والى اليوم لم تتوقف الانتقادات حول الاختراع الذي بات يعرف بـ “جهاز الكفتة”.
في فبراير 2014، أعلن المتحدث العسكري، العقيد أحمد علي، في صفحته على «فيسبوك»، قائلا: «القوات المسلحة تحقق أول اكتشاف عالمي لعلاج فيروسات سي والإيدز”.
وأوضح أن المستشار عدلي منصور، والمشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع – آنذاك – شاهدا أحدث المبتكرات العلمية والبحثية المصرية لصالح البشرية والمتمثلة في اختراع أول نظام علاجي في العالم لاكتشاف وعلاج فيروسات الإيدز.. بدون الحاجة إلى آخذ عينة من دم المريض والحصول على نتائج فورية وبأقل تكلفة، وقد سجلت براءات الاختراع لها باسم رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية.
وبعد تبني القوات المسلحة للجهاز في مؤتمر عالمي، أعلنت الهيئة الهندسية في 30 يونيو 2014، عن تأجيل استخدامه لمدة 6 أشهر، وتم التجديد أيضا لمدة مماثلة انتهت في مايو 2015، دون الإعلان عن تفاصيل نتائج الحالات التي تم إجراء التجارب عليها أو التي تماثلت منها للشفاء.
سبب تسميتة بـ” جهاز الكفتة “
وتعود تسمية الجهاز بـ” جهاز الكفتة ” إلى قيام اللواء عبدالعاطي عبر وسائل الإعلام بفحص مريضًا بواسطة الجهاز الذي أعلن عن اختراعه، ويبلغه: “تحاليلك زي الفل قدامي، وكان عندك إيدز وراح”، مضيفًا: “ثقوا أننا هزمنا الإيدز ولم ولن نستورد في يوم من الأيام علاجًا له”.
وقال: “باخد الإيدز من المريض وأغذي المريض بيه وأديله صباع كفتة يتغذى عليه باخد المرض وأديله غذا وده قمة الإعجاز العلمي”.
وأردف بقوله: “بدأت العمل منذ 22 عامًا عليه، والعلاج بدأ من داخل المخابرات الحربية سرًا”، مضيفا: “هزمنا الإيدز ولن ندفع مليمًا واحدًا للخارج لعلاج أي مريض، والفضل كله لرجالات القوات المسلحة، ساعدوني بقوة”، مشيرا إلى أنه عُرض عليه 2 مليار دولار مقابل بيع الجهاز في الخارج ولكنه رفض.
ادعاءات القوات المسلحة
وقال اللواء طاهر عبدالله، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، خلال ذلك المؤتمر، إنه “لن يتم تصدير الجهاز وذلك لحمايته من مافيا شركات الأدوية والدول الكبرى المحتكرة لسوق الدواء العالمية”.
وطالب القوات المسلحة بالكف عن نشر الأخبار الخاصة بهذا الاختراع، لحين إثباته بالطرق العلمية وإجراء الأبحاث على المرضى وترك الأمر للمراجعين.
وقبل انتهاء المدة التي أعلنت عنها القوات المسلحة لظهور الاختراع، قال العقيد الدكتور تيسير عبدالعال، استشاري المناعة بالقوات المسلحة، أحد أعضاء الفريق الطبي لاختراع “جهاز علاج فيروس سي”، إنه لن يتم استقبال مرضى من المواطنين في 30 يونيو 2014، وإنما سيتم استقبال عينة محددة لاستكمال البحوث.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقده الفريق الطبي بمجمع كوبري القبة الطبي العسكري، أن اللجنة الطبية المشرفة على الجهاز أوصت بضرورة توسيع العينة التي يشملها البحث، لمدة 6 أشهر أخرى، ومنذ ذلك الوقت ولم تعلن القوات المسلحة أي جديد عن الجهاز.
الانتقادات التى وجهت للجهاز
غير أن علماء أطباء انتقدوا الاختراع المزعوم، إذ قال عصام حجي، المستشار العلمي للمستشار عدلي منصور، في تصريحات صحفية وقتها، إن “جهاز الإيدز فضيحة علمية لمصر”، معتبرًا أن “الاختراع غير مقنع وليس له أي أساس علمي واضح من واقع العرض التوضيحي للجهاز، إضافة إلى أن البحث الخاص بالابتكار لم ينشر في أي دوريات علمية مرموقة”.
وقال حجي, “إن موضوعًا بهذه الحساسية في رأيي الشخصي يسيء لصورة الدولة، وستكون له نتائج عكسية في البحث العلمي، وتمنيت أن يكون هناك حذر أكبر حول ما قيل في نشر هذه المعلومات”.
فيما وصف الدكتور محمد عبدالوهاب، مدير مركز زراعة الكبد بمستشفى الجهاز الهضمي والكبد بالمنصورة، جهاز علاج فيروس سي الذي أعلنت عنه القوات المسلحة بأنه غير علمي.
وقال في تصريحات صحفية “اتصلت بالقوات المسلحة وطلبت منهم اتخاذ الإجراءات العلمية لاختراعهم، وأن يثبتوا صدق هذا الاختراع عن طريق خوض سبل الطب العلمي العالمي، حتى لا نفقد احترام العالم الغربي ونفقده الثقة فينا”.
وأشار إلى أن الجهاز لم يجر عليه أي أبحاث، أو يتم نشر إحصائيات أو معلومات علمية له، سواء في المجلات العلمية أو إجراء التجارب في المراكز الطبية والأبحاث والمؤسسات الطبية داخليا وخارجيا مع أخذ عينات من كبد المريض مما يفقده المصداقية العلمية.
واتخذت نقابة الأطباء قرارا في فبراير الماضي بإحالة المروجين لجهاز «سى فاست» الشهير بـ«جهاز الكفتة»، إلى لجنة آداب المهنة وملاحقة اثنين من غير الأطباء بتهمة انتحال صفة طبيب، أحدهما اللواء إبراهيم عبد العاطى، وذلك بناء على مذكرة أعدتها مجموعة من الأطباء، بتكليف من هيئة مكتب النقابة.
ورفع عدد من المحامين دعاوى قضائية أمام النائب العام للتحقيق فيما اعتبرتها مهزلة “جهاز الكشف عن الفيروسات”، من بينها ما تقدم به المحامي عبد الحميد سعد ضد عبد الفتاح السيسي بصفته، حملت رقم 31 لسنة 2014 مدنى شبرا الخيمة، وضد الفريق أول صدقى صبحي، وزير الدفاع، بصفته، والدكتور عادل عدوي، وزير الصحة، بصفته، مطالبا فيها بإلزام المحكمة للواء مكلف إبراهيم عبد العاطي، بالكشف عن مؤهلاته العلمية والتحقيق فيما وصفه بـ”المهزلة”.
يذكر أن كلاً من الإعلامي الساخر باسم يوسف و العالم المصري بوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” الدكتور عصام حجي، احتفلا في مطلع الشهر الحالي بمرور عامين على الاختراع المعروف بجهاز “الكفتة”، حيث نشر “يوسف” عبر تطبيق “انستجرام” صورة تجمعهم.
وظهر الاثنان بالصورة مع منبه صغير، حيث قال “يوسف” معلقا: “ما زلنا في الانتظار”، وذلك بمناسبة مرور عامين على إعلان جهاز علاج فيروس سي الذي أعلنت عنه القوات المسلحة، والمعروف بـ”جهاز الكفتة”.