قال الصحفي البريطاني ومراسل صحيفة “إندبندنت” بالشرق الأوسط، روبرت فيسك، إن توقع المعلقين في ذروة الربيع العربي سقوط النظام السوري سريعًا، كبقية الأنظمة العربية، نابع من فشلهم في فهم الدور الإيراني في سوريا.
وأضاف “فيسك” -في تقرير نشرته “إندبندنت”، وترجمته “عربي 21”-: “قبل مغادرتي سوريا الشهر الماضي، التقاني في مقهى في دمشق رجل لبناني فرنسي، وقدم نفسه على أنه المهندس المعماري الخاص لبشار الأسد، وقال إنه جاء لكي يكشف له عن كيفية إعادة بناء المدن السورية.. بعد خمسة أعوام على بداية المأساة السورية، التي هزت النظام في الأشهر الستة على بدايتها، وتوقع الغرب، الذي شهد سقوط معمر القذافي وحسني مبارك، نهاية محتومة للأسد، وبعد هذا كله تتحدث الحكومة السورية عن إعادة إعمار المدن”.
وسخر “فيسك” من توقعات مراكز البحث في واشنطن، والكم الهائل من الخبراء، بأن نظام الرئيس السوري وصل إلى نقطة الانهيار، ودعت هيلاري كلينتون الأسد إلى الرحيل، فيما قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إن الأسد “لا يستحق أن يعيش على هذا الكوكب”، وطلبت “إندبندنت” من فيسك تحضير “نعي” للأسد كي يستخدم في المستقبل.
ويلفت “فيسك” إلى أن تدخل الجماعات المسلحة في “اليقظة العربية” السورية كان واضحًا منذ البداية، مشيرًا إلى أن طاقم قناة “الجزيرة” صور في عام 2011 رجالًا مسلحين يطلقون النار على القوات السورية قرب الحدود اللبنانية، لكن القناة لم تبث اللقطات.
وكشف أن طاقمًا يعمل في تليفزيون الحكومة السورية، أظهر منذ البداية صورًا لرجال يحملون المسدسات والكلاشينكوفات في تظاهرة ضد الحكومة نظمت في درعا.
وتابع “فيسك”: إن “المؤامرة الخليجية التركية، التي يتحدث عنها النظام اليوم، لم تثبت، لكن الناس شعروا بأنهم بحاجة إلى حماية عائلاتهم بالرصاص والبنادق، التي كانت متوفرة للمعارضة حينئذ، وعندما أعطت الحكومة الضوء الأخضر لمليشياتها بالهجوم على المتظاهرين، بدأت المذابح، واكتشف مراسل صحفي غربي أنه تم ذبح المدنيين كلهم تقريبًا في بلدة في محافظة اللاذقية”.
ويقول الكاتب إن معظم الذين قابلهم على خطوط القتال كانوا من الجنرالات السنة والعلويين أيضًا، فمن يقوم اليوم بحماية النظام ليس التحالف العلوي المسيحي، لكنه قوة تحالف سنية علوية مسيحية.
ويضيف أن في سوريا اليوم قوتين قادرتين على مواجهة تنظيم “الدولة” و”جبهة النصرة”، وهما الأكراد وجيش النظام السوري، اللذان تلقيا دعمًا جويًا من الطيران الروسي، وهما القوتان اللتان تربحان الحرب.
وأشار “فيسك” إلى صورة للأسد وبجانبه العقيد سهيل الحسن “النمر” أو “رومل” سوريا، ويجب أن ننتبه لهذه الظاهرة؛ حيث يعلن الجيش ولاءه للأسد، وفي كل مرة يتحدث فيها الأسد يبدأ بدهاء بذكر “شهداء” الجيش السوري”.
وتساءل: “هل هذا هو السبب الذي دعا ضباط المخابرات الفرنسيين والأميركيين إلى التواصل، من بيروت طبعًا، مع نقاط الاتصال القديمة لهم في المخابرات السورية؟ هل هذا هو السبب الذي قاد وزير الخارجية الأميركي جون كيري للقول إن الأميركيين قد يتحدثون مرة ثانية مع الأسد؟”.