أثارت رواية وزارة الداخلية المصرية بشأن واقعة مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، ثورة غضب في روما على مستوى شعبي ورسمي، بعد تأكيد الداخلية المصرية في بيان لها، أنّه تم العثور على حقيبة بها متعلقات ريجيني، وبينها قطعة داكنة تشبه مخدر الحشيش ومتعلقات نسائية، بعد أن تمكنت من قتل عصابة إجرامية مكونة من 4 أشخاص، وقالت إن العصابة “متخصصة في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه”.
واختفى ريجيني “28 عاما” في 25 يناير الماضي قبل العثور على جثته في فبراير الماضي، وكان بها آثار تعذيب، مما أثار توترًا في العلاقات بين مصر وإيطاليا، وإصدار البرلمان الأوروبي قرار يدين ما وصفه بـ”تعذيب جوليو ريجيني، واغتياله في ظروف غامضة”، معتبرًا أن “حادث مقتله ليس الوحيد إذ يأتي في سياق ظاهرة متكررة تشمل حوادث تعذيب واعتقال وقتل في مصر خلال السنوات الأخيرة”.
ووجه النائب الإيطالي البارز أليساندرو دي باتيستا، عن حركة “خمسة نجوم”، انتقادًا للحكومة الايطالية وإلى وزير الخارجية باولو جنتيلوني، مشيرًا إلى أن حكومته مهتمة بتطوير شركة إيني الايطالية لحقل الغاز الطبيعي المصري الضخم، أكثر من اهتمامها بريجيني، وقال: “هل تريد يا جنتيلوني أن تقول شيئا عن ريجيني والروايات المصرية التي لا أول لها ولا آخر .. أم أن النفط أكثر أهمية من مقتل أحد مواطنينا؟”.
ودخل إنريكو ليتا رئيس وزراء إيطاليا السابق، في الجدال الدائر بشأن مقتل “ريجيني”، بتغريدة على “تويتر” قال فيها “أنا آسف، لا أصدق ذلك، ريجيني، مصر، لا تتوقفوا عن السؤال.. الحقيقة من أجل جوليو ريجيني”، كما شارك ليتا، في الحملة الالكترونية التي دعت لها منظمة العفو الدولية من أجل قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
وقال بيا لو كاتيلي رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإيطالي: “إن السيناريو المصري صدمة ويثير العجب والاستغراب، فلماذا يلجأ مجرمون عاديون هدفهم السرقة لمثل هذه القسوة والتي لا تستخدم إلا من جانب متخصصين في التعذيب”، وتابع: “لماذا يبقى أيضًا مثل هؤلاء وثائقه بدلًا من التخلص منها فورًا باعتبارها دليلا على جريمتهم”.
وأضاف النائب فرانشيسكو فيريرا عضو لجنة الأمن بالبرلمان الإيطالي: “البيان المصري ترك الكثير من الأسئلة دون إجابة، منها: لماذا اعتقل المجرمون ريجيني لعدة أيام قبل قتلهم”، مضيفًا: “الحكومة الإيطالية وأعضاء النيابة العامة لا ينبغي أن يعطي أي مصداقية لبيان الداخلية المصرية على ما يبدو وكأنه كذبة جديدة”.
ودعت منظمات المجتمع المدني، الإيطاليين إلى تصوير أنفسهم ونشر صورهم وهم يحملون لافتات أو أعلام أو متعلقات شخصية مكتوب عليها “الحقيقة من أجل ريجيني”، وبالفعل انتشرت صور لعشرات الإيطاليين، بالإضافة إلى تنظيم “دعوة” لرفع هذه الصور على حساباتهم الشخصية وعلى حساب مجمع لهم، واشترك في الحملة عدد من النشطاء والحقوقيين الإيطاليين البارزين، وعدد من المطربين والكتاب، حيث أن الحملة بدأت أمس في الساعة 2 ظهرا حتى الرابعة بتوقيت روما.
واهتمت الصحف الإيطالية أيضًا بتفنيد “رواية الداخلية” حول مقتل ريجيني، واعتبرت البيان “إهانة للحقيقة ولذكراه”، وأبرزت صحيفة “اسبرسو” ذلك من خلال التعليق الرئيسي للجريدة وموضوع صحفي حول بيان الداخلية.
كما شككت الصحيفة في ما ذكرته “الداخلية المصرية”، مُعتبرة أنها تطرح العديد من التساؤلات، وأشارت إلى أن الوزارة رفضت في البداية الربط بين العصابة ومقتل ريجيني، ثم عادت في المساء لتصدر مذكرة تعلن اكتشاف الأمتعة الشخصية لريجيني لدى العصابة.
ووصفت “إسبريسو”، في افتتاحيتها، الرواية بأنها تخالف المنطق، وطالبت الحكومة الإيطالية بأن تسعى للكشف عن الحقيقة، مؤكدة أننا نحتاج للحقيقة في هذا الوقت تحديدًا أكثر من أي وقت مضى.
وتابعت: “أردنا الحقيقة لكن ليس أي حقيقة؟ لكن الحكومة المصرية اعتادت دس الأكاذيب علينا، وكانت الرواية الأخيرة أسوأ الأكاذيب التي تم دسها علينا”.. وتشير الصحيفة إلى أن الرواية تخالف المنطق في كل تفاصيلها، فلماذا تعذب عصابة من اللصوص شخصًا وتعتقله لعدة أيام “هل ظنوا مثلًا أن بحوزته خريطة الكنز؟ ولماذا تبقى بعد ذلك وثقائه لديها؟”.
وقالت الصحيفة إن “حكومة السيسي لم تجد سوى القتلى الخمسة لتنسب لهم جريمة قتل ريجيني بينما لا تزال دماؤهم حارة، وهو ما يبدو لنا محاولة حقيرة للهرب من المسئولية أمام أسرة ريجيني وأمام الرأي العام الإيطالي والعالمي، ولذا فإن هذا تحديدًا لا بد وأن يكون وقت البحث عن الحقيقة؟”.