في لقائه الأخير بعدد من المثقفين المؤيدين له الشهر الحالي، ذكر لهم الجنرال المصري حرصه على توفير العمل، موضحا أن المشروعات القومية التي تنفذها الدولة قد وفرت ما بين مليونين وثلاثة ملايين فرصة عمل.
وبالرجوع الى بيانات الجهاز المركزى للإحصاء التابع للحكومة، والذي يتحفظ الخبراء على بياناته على اعتبار أنها بيانات مسيسة تبتعد كثيرا عن الواقع، فقد ذكرت بيانات الجهاز الخاصة بالقوى العاملة، أن قوة العمل في مصر أي عدد الأشخاص المؤهلين للعمل قد زاد في عهده بنحو 765 ألف شخص كداخلين جدد لسوق العمل.
إلا أن الأكثر أهمية هو عدد المشتغلين من هؤلاء، والذي زاد 805 ألف مشتغل، بزيادة 40 ألف مشتغل عن الداخلين الجدد لسوق العمل، تم استقطاعهم من العدد المتراكم للعاطلين.
والمعروف أن فرص العمل التى يذكرها الجهاز الحكومي، توفرها تخص كل جهات التشغيل بالبلاد، من قطاع خاص وعام وحكومي وتعاوني، ومن جميع الأنشطة زراعية وصناعية وخدمية بأنحاء البلاد.
فإذا كان الإجمالي القومي من كل الجهات والأنشطة يشير إلى توفير 805 آلاف فرصة عمل – مع التحفظ على الرقم لعدم اتساقة مع حالة الركود بالبلاد – فكيف يتسق ذلك مع قول الجنرال أنه وفر ما بين مليونين وثلاثة ملايين فرصة عمل من مشروعاته القومية فقط؟
ولعل استعراض بعض المشروعات القومية للجنرال يمكن أن يوضح هذا اللغز، فمشروع حفر تفريعة قناة السويس التي تم افتتاحها أغسطس الماضي، وتراجعت ايرادات القناة بعد افتتاحها لمدة ستة أشهر متتالية، فقد بلغ عدد المشتغلين بها، حوالي 43 ألف شخص مصري وأجنبي، لكنها كانت عمالة مؤقتة انتهى تشغيلها مع افتتاح التفريعة.
أما مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان، فيقول الدكتور محمود عمارة الخبير الزراعي والمؤيد للانقلاب، إن استصلاح سبعة آلاف وخمسمائة فدان بمشروع الفرافرة، والتي تمثل باكورة مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، قد تكلفت مليارا ونصف المليار جنيه، لتوفير أربعمائة وخمسين فرصة عمل فقط!
أما مشروع الطرق فتقوم به الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وشركات مقاولات، وعادة ما تستعين الهيئة الهندسية بالمجندين بمشروعاتها، وربما استعانت الشركات المشاركة بالمشروع بعمالة إضافية، لكنه لم تصدر بيانات رسمية عن حجم تلك العمالة الإضافية، مع الأخذ في الاعتبار أيضا أنها ستكون عمالة مؤقتة يتم الاستغناء عنها بانتهاء المشروع.
أما مشروع محور قناة السويس فلم يبدأ بعد، ويحتاج لعامين على أقل تقدير لتجهيز البنية الأساسية، لكنه سيوفر فرص عمل مؤقتة خلال عمليات توفير البنية الأساسية.
ويتشابه الأمر مع العاصمة الجديدة التى بدأت عمليات تمهيد طريق موصل إليها وخط مياه، لكن منشآت العاصمة نفسها مازالت تحتاج لشريك مع الحكومة بعد انسحاب الشريك الإماراتي.
أما مشروع المثلث الذهبي ما بين سفاجا وقنا، فلم تتم بعد دراسته التخطيطية ونفس الأمر للعلمين الجديدة، وبالنسبة لتنمية سيناء فمن الصعب أن تتم قبل استتاب الأوضاع الأمنية بها، أما عن مشروع بناء مليون وحدة سكنية، فقد انسحبت الشركة الإماراتية التى كانت ستنفذه، ولم يدخل أحد بديلا لها.
أما إذا كان الجنرال يقصد أيضا مشروعاته التي وعد بها قبيل انتخابه، وهي مشروع توفير عربات بيع الخضر والفاكهة للشباب وسيارات التاكسي، فلقد بدأ صندوق تحيا مصر الذي أنشأه الجنرال، في الإعلان قبل شهور قليلة عن توفير ألف سيارة تاكسي للشباب.
بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي، ومازال عدد كبير من تلك السيارات بمراحل الإجراءات التنفيذية، أما مشروع توفير 350 سيارة نقل مبرد تقوم بتوفير 1050 فرصة عمل، بواقع ثلاث فرص عمل لكل سيارة.
من خلال صندوق تحيا مصر بالتعاون مع وزارة التموين، فلم يجد قبولا لدى الشباب لصعوبة شروطه، فلم يصل عدد المتقدمين بعد الى العدد المتاح من السيارات.
وكانت بعض الوزارات قد أعلنت عن مشروعات أخرى لتشغيل الشباب، أبرزها وزارة التخطيط من خلال مشروع شركة أيادي، لكنها تعثرت وقامت فقط بالمساهمة فى تأسيس صندوق لمعاونة الشركات السياحية المتعثرة.
وأعلنت وزارة التنمية المحلية عن المشروع القومى للتنمية المجتمعية والشراكة المحلية – مشروعك – ويقوم بتوفير قروض للشباب من خلال البنوك، لكن الشكوى من شروط إقراضه، وارتفاع فائدة القروض أدت إلى ضعف الإقبال على الاستفادة منه.
وهكذا يظل السؤال الحائر كيف دبر الجنرال بين مليونين وثلاثة ملايين فرصة عمل بمشروعاته القومية، رغم حالة الركود بالأسواق وتزايد عدد الشركات المتعثرة، فهل أدخل في الرقم عمالة الأطفال والباعة الجائلين ومنادي السيارات وسائقي التوك توك؟