عندما انطلقت ثورتنا في 25 يناير 2011 ، لم يكن أكثر المتفائلين يحلم بأنها سوف تكون ثورة يتوحد فيها المصريون جميعهم ويخلعون أعتى ديكتاتور حكم مصر في العصر الحديث، وما تحقق هذا الحلم إلا بعد أن استيئس المصريون جميعاً من حدوث تغيير في معادلة السياسة المصرية وكان جلهم يذهب إلى أن الوريث قادم وأن المخلوع باق ما بقي له في العمر بقية كما صرح أكثر من مرة ، ولكن ما حدث كان أمراً يفوق الخيال ، إذ انقشع الظلام فجأة وترك المخلوع الحكم بأدنى خسارة بشرية ومادية لا تتناسب مع تجذره في الحكم وتأييد دول العالم له ، تساءل الملايين ماذا حدث وكيف انخلع وبهذه السرعة .. وذهب المحللون والمفسرون والجهابذة يحللون ويقررون ويتأملون وأشار بعضهم إلى أن ما حدث هو خارج عن حسابات البشر ، كانت هناك يد الله تعمل في سبيل إنجاح هذه الثورة وتدخلت القدرة الإلهية عندما توحدت جميع القوى الوطنية المصرية على قلب رجل واحد وأخذوا بأسباب النصر فدخلوا على النظام السابق الباب في مبادرة شجاعة لم يخافوا أو يرتعبوا من سلطان الديكتاتور وإنما توجه جميع المصريين بقلب واحد نحو هدف واحد هو تحرير مصر وإسقاط النظام الفاسد الذي يحكمها..
ومضت الشهور والأيام وتفرقت القوى الوطنية والثورية بفعل فاعل وبفعل هوى متبع وإعجاب كل فصيل برأيه وتخلينا عن سبب النصر الأساسي وهو الوحدة الوطنية فرأينا ألواناً عجيبة من التساقط والشتائم المتبادلة وحملات التخوين التي لم تنقطع ليل نهار ، إلى أن وصلنا إلى مفترق طرق حقيقي في انتخابات الرئاسة وكادت الثورة أن تضيع وأن نصبح فنجد أنفسنا أضحوكة للعالم لو نجح شفيق في انتخابات الرئاسة ، وهنا تدخلت القدرة الإلهية ثانية لتعيد للثورة زخمها بعد أن أيقنت جميع القوى الوطنية أن قوتها في وحدتها وأن الخسارة الكبرى للوطن ستكون في الفرقة والتشرذم بينها .. فإذا بالدكتور محمد مرسي يُعلَن عن فوزه كأول رئيس ينتخبه المصريون ليحكمهم في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر ، وهذه هي القدرة الإلهية التي تحمي الثورة وتسير بها من محطة لأخرى .
كذلك أرانا الله عز وجل خلال عام ونصف من عمر الثورة آيات بينات في مبارك وأعوانه ورأينا صوراً متعددة للعزة والذلة ورأينا من سكن الزنازين كيف أضحوا حكاما ورأينا الحكام وقد أمسوا مساجين ، فنحن نعيش هذه الأيام في آية عظمى من آيات الله عز وجل نشاهد ونلمس التغيير وتحقق السنن الكونية التي أشار الله عز وجل إليها في كتابه الكريم ، فمسؤليتنا كبيرة وقد تحققت أمامنا سنة كونية كنا نقرؤها ولا نشاهدها ، أما وأننا نراها متحققة بين أيدينا فهذه حجة كبرى علينا إن سكتنا عن حق اغتصب أو طأطأنا رءوسنا لمن يريد أن يكبل رئيسنا المنتخب ويحل برلماننا الذي شهد العالم بنزاهة انتخاباته .. الساكت اليوم عن الحق شيطان أخرس وحسابه عند الله عسير وسيرى في حياته ذلاً لن يمحوه الدهر ، والمجاهر بصوت الحق اليوم في قارب النجاة وسيشهد عزاً له ولذريته إلى يوم الدين..
بنهاية انتخابات الرئاسة انقشع ظلام الباطل وطلت شمس الحق والحرية على أمتنا ، فلنقم سوياً نحو الحفاظ على مكتسبات ثورتنا ونقف في جانب مؤسساتنا الشرعية التي انتخبناها والتصدي لمن يحاول أن يفقدها شرعيتها وسلطتها ويجرنا إلى الخلف ..
ستمضي سفينة الثورة محروسة بعناية الله عز وجل إلى أن تصل إلى مرساها من الاستقرار والتقدم والازدهار .. فلنصطف جميعاً حول مشروعنا الوطني وننقي القلوب من الأهواء ولندافع عن مكتسبات ثورتنا ، فهذه هي الحالة الوحيدة التي ستدتخل فيها دائماً يد الله لتكون معنا دائماً.
المصدر: رصد