يرى خبراء نفط، أن اجتماع الدوحة الثاني، الذي سيعقد يوم الأحد المقبل، في العاصمة القطرية الدوحة، سيكون مهمًا لتوجهات النفط وربما توجهات أسواق المال العالمية؛ حيث ظلت أسعار النفط تقود أسواق الأسهم والمال خلال الآونة الأخيرة، فإذا ارتفع النفط ارتفعت والعكس.
وقال خبراء في لندن، إن نجاح اجتماع الدوحة سيبعث رسالة إيجابية للأسواق، وسيعني إن المنتجين في داخل “أوبك” وخارجها يملكون القدرة على توجيه الأسواق، أما في حال فشله فسيبعث رسالة سلبية للأسواق، وربما تنهار الأسعار إلى مستويات دنيا قريبة من المستويات التي بلغتها في يناير الماضي.
ويلاحظ أن اجتماع الدوحة الأول الذي عقد في فبراير الماضي وضمّ السعودية وروسيا وقطر والكويت والإمارات إلى جانب فنزويلا، رفع أسعار النفط بنسبة 30% من مستوياتها الدنيا تحت 30 دولارًا إلى أكثر من 40 دولارًا، وبالتالي، فإن نجاح الاجتماع سيكون ذا أثر كبير على الأسواق، حيث إنه سيدفع المستثمرين نحو زيادة مشترياتهم في سوق العقود الآجلة التي تعد رأس الرمح في صعود الأسعار إلى أعلى.
وتعتبر مشتريات براميل “النفط غير المستهلكة” مهمة جدًا، لرفع أسعار النفط، حيث إنها تعادل 90% تقريباً من إجمالي مشتريات النفط العالمية.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن مصدر -طلب عدم كشف هويته- قوله إن القرار النهائي للسعودية بشأن تثبيت معدلات إنتاج النفط لن يعتمد على موقف إيران بخصوص إنتاجها النفطي، وكانت الرياض تصر في السابق على انضمام جميع الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط وفي مقدمتها إيران، إلى مبادرة تثبيت معدلات إنتاج النفط الخام على مستوى يناير الماضي.
وأعلنت طهران أنها ستنضم إلى هذه المبادرة فقط بعد أن يبلغ إنتاجها المستوى السابق لفرض العقوبات الدولية عليها وهو 4 ملايين برميل يوميا.
يذكر أن قطر أرسلت دعوة إلى جميع الدول الأعضاء في منظمة أوبك، إلى جانب دول كبرى أخرى منتجة للنفط غير الأعضاء في المنظمة، للمشاركة في اجتماع الدوحة المقرر في 17 من هذا الشهر، حيث أكدت جميع الدول الأعضاء في المنظمة، باستثناء إيران وليبيا، مشاركتها في اللقاء.
وأعرب وزير النفط الروسي، أول أمس الثلاثاء، عن تفاؤله بنجاح الاتفاق، رأى مصرف “جولدمان ساكس” الاستثماري الأميركي أن فشله ستكون له تداعيات خطيرة على الأسعار. وقال جيف كوري رئيس وحدة السلع في المصرف “هنالك مخاطر كبيرة إذا فشل الاجتماع في التوصل إلى اتفاق نهائي حول تثبيت الإنتاج”.
أما رئيس وحدة الطاقة بمصرف سيتي جروب في لندن سيث كلينمان فقال: “لقد أخذ التجهيز لعقد هذا الاجتماع مدة طويلة وإذا انتهى هذا الاجتماع إلى هجوم الدول على بعضها البعض فسيكون التأثير السلبي كبيرًا على أسواق النفط”.
وحسب وكالة إنترفاكس الروسية، فإن السعودية ستمضي قدمًا في تبني قرار تجميد الإنتاج بغض النظر عن قرار إيران”. وهو ما يعني أن السعودية ستتبنى قرار تثبيت الإنتاج حتى إذا واصلت إيران رفضها للقرار، وهو ما يتوقعه العديد من خبراء النفط في لندن.
وعلى الصعيد الروسي قالت المتحدثة باسم وزارة الطاقة الروسية لرويترز، أمس، إن الوزير ألكسندر نوفاك أجرى محادثات مع وزير البترول السعودي علي النعيمي أول من أمس الثلاثاء بشأن تثبيت إنتاج النفط.
وتنظر الأسواق إلى تأكيد كل من السعودية وروسيا على تبني الاتفاق على أساس أنه حجر الزاوية في نجاح “اجتماع الدوحة الثاني” الذي يأمل منتجو النفط أن يدفع الأسعار وينقذهم من الأزمات المالية التي يتعرضون لها حاليًا.
وتعد السعودية الدولة الوحيدة التي تملك طاقة إنتاجية فائضة كبيرة، أي أنها قادرة على زيادة إنتاجها بكميات تتراوح بين مليونين و2.5 مليون برميل يوميًا.
وكانت منظمة “أوبك” قد ذكرت في تقريرها الشهري، أمس، أن السعودية أبلغتها بأنها ضخت 10.22 مليون برميل يوميا في مارس دون تغيير يذكر عن فبراير.
أما إنتاج النفط الروسي، فتشير توقعات خبراء النفط في لندن إلى أنه يقف تقريبًا عند مستوياته القصوى، وحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون في شركات النفط الروسية، فإن إنتاج النفط يتجه نحو الانخفاض خلال العام الجاري، وهو ما يبشر أن روسيا ستتقيد باتفاق تثبيت الإنتاج لأنها لا تملك طاقة فائضة، ويصب ذلك في صالح نجاح اتفاق الدوحة.
وعرف عن روسيا في الماضي عدم تقيدها باتفاقاتها مع منظمة “أوبك”، أما هذه المرّة فإن ظروفها الاقتصادية وطاقة الإنتاج ستجبرها على التقيد.
يذكر أن هنالك عددًا من الدول النفطية تواجه ظروفاً مالية قاسية بسبب انهيار أسعار النفط منذ منتصف 2014، وهذه الظروف ستضطر هذه الدول إلى التقيد بالاتفاق، خاصة وأن هذه الدول رأت تأثير اتفاق الدوحة الأول على تحسن مداخيلها من النفط.
وقال وزير الطاقة الروسي، حسب ما نقلت رويترز، إن أي اتفاق يجري توقيعه في العاصمة القطرية الدوحة هذا الشهر قد يعجل باستعادة التوازن في أسواق النفط العالمية خلال ثلاثة إلى ستة أشهر.
وأضاف “نوفاك” أنه يتوقع ارتفاع أسعار الخام إلى 50 دولاراً للبرميل بنهاية العام وإلى ما بين 60 و65 دولارًا للبرميل في 2017-2018.
إلا أن خبراء أسواق الطاقة يتوقعون أن يسهم الاتفاق في رفع الأسعار إلى نحو 45 دولارًا خلال الصيف الجاري، وأن ارتفاع الأسعار إلى أعلى من ذلك يحتاج إلى عوامل أخرى.
وهنالك مخاوف من عدم تقيد العراق بالاتفاق، لأن الإنتاج العراقي واصل الارتفاع بمعدلات كبيرة خلال العام الماضي ووصل إلى 4 ملايين برميل، فيما يعتقدون أن الإنتاج الإيراني لن يهدد الأسعار، لأن إيران تواجه صعوبات في زيادة طاقتها الإنتاجية.
وفي ذات الصدد قال نائب وزير الطاقة الروسي كيريل مولودتسوف، أمس الأربعاء، إن موسكو ستستضيف منتدى للطاقة يوم 20 إبريل الجاري لبحث نتائج اجتماع منتجي النفط بالعاصمة القطرية الدوحة.
ودخلت فنزويلا على خط الأزمة بمهاجمة أميركا من اجتماع الدوحة المقبل حيث قال الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، إن الولايات المتحدة تسعى إلى عرقلة اتفاق بين الدول المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة أوبك وغير الأعضاء لجلب الاستقرار إلى الأسواق، متهما واشنطن بممارسة ضغوط شديدة لمنع التوصل لاتفاق.
وأضاف “مادورو” قائلًا في كلمته التلفزيونية الأسبوعية، مساء الثلاثاء: “لا يمكنكم أن تتصوروا حجم الضغوط القادمة من واشنطن لضمان فشل المساعي التي قمنا بها على مدى العام الماضي لإيجاد استراتيجية مشتركة بين المنتجين في أوبك وخارج أوبك بهدف استقرار السوق والأسعار”.
وأضاف الرئيس الفنزويلي “هذه ضغوط تكاد تشبه الحرب على الحكومات ورؤساء الدول”، مضيفا أن صانعي السياسات في الولايات المتحدة لديهم “هوس مدمر” بشأن روسيا وأوبك والحكومة اليسارية في فنزويلا.
وقالت حكومة مادورو الأسبوع الماضي إن 18 دولة على الأقل أكدت أنها ستحضر اجتماع الدوحة يوم الأحد الذي يهدف إلى الوصول إلى توافق بين المنتجين على استقرار أسعار النفط.
إلى ذلك، توقعت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، أمس الأربعاء، انخفاض الطلب العالمي على الخام من إنتاجها دون مستوى التوقعات السابقة في 2016 في ظل تباطؤ الاستهلاك، مما يزيد الفائض في المعروض في السوق هذا العام.
وخفض التقرير الشهري للمنظمة توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بواقع 50 ألف برميل يومياً إلى 1.20 مليون برميل يوميًا بسبب ضعف الاقتصاد في الصين وأميركا اللاتينية. وذكر التقرير أن المزيد من التعديلات قد يأتي لاحقًا إذا استمرت المؤشرات الحالية.