كشف الكاتب الصحفي المتخصص في الشؤون الأميركية، محمد المنشاوي، أن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، انتقد -خلال لقاء جمعه بفريد زكريا، المفكر الأميركي ومقدم برنامج في محطة “سى إن إن”، على هامش اجتماعات منتدى “دافوس” قبل أشهر قليلة- دول الاتحاد الأوروبي، وطالبهم بالاقتداء بمواقف الدول العربية في تعاملهم مع “إسرائيل”.
ونقل “المنشاوي”، في مقال له نشر بصحيفة “الشروق”، أن نتنياهو قال نصًا: “حضرت ليلة أمس مع زوجتي الجلسة الافتتاحية هنا، والتقيت عددًا من أصدقائنا الأوروبيين ومنهم ممثلو الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، وقلت لهم: انظروا، ليس لدي إلا طلب واحد، ألا وهو أن تعكس سياسة الاتحاد الأوروبي، التي يتم رسمها في بروكسل إزاء “إسرائيل” والفلسطينيين محصلة السياسة العربية الشائعة الخاصة بإسرائيل والفلسطينيين، وبالفعل هناك تغيير هائل يجري حاليًا في هذا الاتجاه”.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أغضب “إسرائيل” عندما اتخذ قرارًا في نوفمبر الماضي يقضي بحظر وضع ملصق “صنع في إسرائيل” على الواردات القادمة من المستوطنات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان، وضرورة وضع ملصقات تبين أنها واردة من المستوطنات التي يراها الاتحاد الأوروبي غير شرعية، كما تنشط في العديد من الدول الأوروبية حملة دي بي إس BDS حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على “إسرائيل”.
وقال المنشاوي: “يروج نتنياهو ووزراؤه لمنطلق جديد في التعامل مع قضية الشرق الأوسط المركزية في الدوائر الأميركية والأوروبية بعدما آمن العديد من الحكام العرب بهذا المنطلق”.
وأضاف “قال نتنياهو لفريد زكريا “اعتدنا التفكير بأن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي سيؤدي إلى حل النزاع الإسرائيلي العربي الأوسع نطاقًا، غير أنه كلما أمعنت النظر في الأمر صرت أعتقد بأن الأمر قد يكون عكس ذلك، بمعنى أن تنمية هذه العلاقات الجارية حاليًا بين إسرائيل وبعض الدول العربية، قد تساعدنا، مع العالم العربي، على تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ونعمل من أجل تحقيق هذا الهدف”.
وتابع: “لا يختلف منطق نتنياهو عما تضمنته كلمة وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون أمام جلسات منتدى سابان الأخير للعلاقات الأميركية-الإسرائيلية، وكان جوهرها أن إسرائيل تعد فعليًا عضوة في معسكر عربي واسع معتدل يشمل الأردن ومصر والسعودية والإمارات، إضافة إلى إسرائيل، ويطالب يعلون الغرب وواشنطن تحديدًا بدعم هذا المعسكر الذي يضمن مصالحهم في الشرق الأوسط”.
وأشار “المنشاوي” إلى أن كبار المسؤولين الأميركيين لا يتركون فرصة إلا ويعبروا عن رغبتهم ودفعهم لما يرونه واقعًا جديدًا نفعيًا بين دول عربية و”إسرائيل” حتى دون التوقيع على اتفاقيات سلام أو معاهدات اعتراف دبلوماسي متبادلة بينهم، ويتحدثون أيضًا عن التحالف العربي-الإسرائيلي كواقع، وهو ما وصفه بأنه يمثل وسيلة ضغط غير مباشرة وفعالة على العقل الجمعي العربي للتأقلم على حقائق جديدة مغايرة لما آمنت به شعوب العرب لعقود، لافتًا إلى أن وزير الخارجية جون كيري يكرر كثيرًا مقولة “إن هناك دولًا عربية مستعدة لصنع السلام مع “إسرائيل” والتحالف معها ضد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وضد تنظيم “الدولة”، وأن واشنطن ستكون مقصرة ومهملة إذا لم تستغل ذلك”.
واختتم “المنشاوي” مقاله بقوله: “جوهر التحالف كإحدى صور العلاقات بين الدول ينصب حول الاعتقاد بوجود مصالح تجمع بين أطرافه، أو مخاطر تهددهم معًا، من هنا يندفع بعض العرب “نظمًا وحكامًا وأفرادًا” للاعتقاد بأن هناك مصالح مشتركة تجمعهم بـ”إسرائيل”، ومخاطر تهددهم معها، خطورة هذا الاقتراب تتمثل في حقيقة أنه لا توجد أي مصالح مشتركة بين العرب وإسرائيل، ولا تهديدات مشتركة، وتؤدي نظرة سريعة على أدبيات الفكر السياسي “الإسرائيلي” للكشف عن أن جوهر علاقات “إسرائيل” مع العرب أقرب للمعادلة الصفرية، فما ينفع العرب يضر بـ”إسرائيل” وما يفيد “إسرائيل” يضر حتمًا بالعرب عاجلًا أو آجلًا”.