أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش، الإثنين لتفريق مئات المتظاهرين المطالبين بتنحي عبدالفتاح السيسي بعد قراره التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، الواقعتين بالبحر الأحمر، للمملكة العربية السعودية.
وقد وقعت أحداث العنف في ميدان المساحة إثر نشر الآلاف من رجال الشرطة والعساكر في كل أنحاء العاصمة المصرية قبيل بدء المظاهرات المناهضة للتنازل عن الجزيرتين، وهو الملف الشائك الذي أشعل أكبر مظاهرات حدثت منذ تولي السيسي الحكم قبل عامين تقريبا.
بعد اعتقال العشرات من النشطاء والصحفيين خلال الأيام الأخيرة، قامت قوات فض الشغب مدعومة بالمدرعات بالتمركز في ميدان التحرير، وهو بؤرة ثورة يناير عام ٢٠١١، كما انتشرت قوات الأمن أيضا على الطريق الدائري، ووسط القاهرة، وفي الميدان الذي قتل فيه مئات الإسلاميين عندما قامت قوات الأمن بفض اعتصامهم في أغسطس ٢٠١٣.
كما تم غلق العديد من أماكن التجمعات من قبل الشرطة، كما قامت الشرطة بإيقاف المشاة بالقرب من نقابة الصحفيين، وقاموا بتفتيشهم وفحص هوياتهم وسؤالهم عن الأماكن المتوجهين إليها قبل إبعاد الكثيرين منهم، كما تم نشر العديد من سيارات الأجرة المحملة برجال الأمن بملابس مدنية في الأماكن التي من المتوقع الاحتشاد والتظاهر بها.
وقد منعت الأعداد الهائلة لقوات الشرطة والخوف من الاعتقال المتظاهرين من التجمع، حيث اضطروا إلى الابتعاد عن أماكن التجمع المعلنة وتجمعوا في أماكن أخرى، كما اعتدى بعض المواطنين وأصحاب المحال التجارية على المتظاهرين خوفا من جولة أخرى من الاضطرابات بعد أعوام من الفوضى.
ومع ذلك، فقد نجح حوالي خمسمئة متظاهر يقودهم نشطاء بارزون في التجمع في ميدان المساحة السكني، وقد تردد صدى هتافهم “ارحل، ارحل” الموجه للسيسي في الميدان، بالإضافة إلى هتاف “عيش، حرية، الجزر دي مصرية”، وقد وصلت قوات الأمن بعد 10 دقائق من بدء المظاهرة وقامت في الحال بإطلاق الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش على المتظاهرين، هرب المتظاهرون ثم تجمعوا ثانية في مجموعات أصغر في الشوارع القريبة.
وكان هتاف المواطنين المقيمين بالميدان والمؤيدين للسيسي من شرفات منازلهم “خونة، خونة” في إشارة للمتظاهرين في الميدان وقاموا بإلقاء المياه عليهم.
وقال مراسل الأسوشيتد برس إن قوات الأمن التي ترتدي الزي المدني قامت بالاعتداء على المتظاهرين واعتقالهم، كما قال المراسل أيضا إنه رأى المتظاهرين وقد تم احتجازهم من قبل الشرطة.
يقول يوسف العجوزة ذو الـ16 عاما، وهو أحد المتظاهرين، “إن التنازل عن أرضنا هو القشة التي قصمت ظهر البعير، لقد تخطى السيسي كل الحدود”.
كما أعلن الجيش في مقطع مصور في وقت متأخر الأحد، أنه قد نشر قوات الجيش لحماية “المنشآت الهامة والحيوية” والتعامل مع أي شخص يحاول “إلحاق الضرر بمصالح المواطنين أو تخريب سعادتهم” في يوم عيد تحرير سيناء، وهو يوم يحتفل فيه المصريون بإتمام الانسحاب الإسرائيلي من سيناء عام 1982.
وحث السيسي المواطنين الأحد على حماية الدولة ومؤسساتها أمام “قوى الشر”، في إشارة واضحة للمظاهرات.
تأتي تظاهرات اليوم كموجة ثانية من الاحتجاجات هذا الشهر ضد قرار التنازل عن الجزيرتين الواقعتين في خليج العقبة، فقد تظاهر حوالي ألفي شخص في 15 أبريل وسط القاهرة ضد قرار بيع الجزيرتين.
وقامت السلطات باعتقال عشرات المواطنين في الأيام الأخيرة، واستمرت الاعتقالات حتى ساعات قبل المظاهرات، وقالت مجموعة من النشطاء أن حوالي مائة شخص قد تم اعتقالهم الأسبوع الماضي، كما تم اعتقال ثلاثة صحفيين على الأقل، وفقا لما قاله خالد البلشي، أحد أعضاء نقابة الصحفيين، وقد إخلاء سبيل الصحفيين الثلاثة بعد اعتقالهم بساعات.
تقول مصر إن جزيرتي تيران وصنافير، المطلتين على الساحل الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، هما في الأصل سعوديتان، وقد قامت السعودية بوضعهما تحت الحماية المصرية عام 1950 لخوفها من مهاجمة إسرائيل لهما.
جاء الإعلان خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة الشهر الجاري، حيث أعلنت المملكة عن استثمارات في مصر تقدر بعدة مليارات، مما أظهر الأمر وكأنه عملية بيع للجزيرتين.
وقال الصحفي البارز عبدالله السناوي في مقال له بجريدة الشروق إن “تحتاج مصر إلى إجلاء الحقيقة أمام رأيها العام بالحوار لا القمع، بالوثائق والخرائط والأدلة لا حملات المداهمات والاعتقالات العشوائية”، “مثل هذه الأزمات يصعب التعويل على إغلاق ملفاتها بقبضة أمن أيا كانت شدتها”.
يقول السيسي للمصريين إنه لم يتنازل عن شبر واحد من الأراضي المصرية وطالب الشعب بعدم الحديث مرة أخرى في هذا الموضوع.
لكنه قد واجه أيضا انتقادات متزايدة في مواضيع أخرى، تشمل الاقتصاد المتعثر، اعتقال وتعذيب وقتل الطالب الإيطالي في القاهرة هذا العام.
وقد تسبب هذا الحادث في تدهور العلاقات مع إيطاليا التي كانت تعد من أقوى حلفاء السيسي وداعميه في الاتحاد الأوروبي وأكبر شريك تجاري أوروبي، وقد أنكرت السلطات المصرية أي علاقة بها بحادث مقتل الطالب.
