أكد عدد من الخبراء السياسيين، في تصريحات لـ”رصد” أن الشباب العربي أدرك ماهية الثورات وما نالته من مؤامرات لإسقاطها وتشويه صورتها أمام العالم، لافتين إلى أن الثورة لا تموت ولكل مجتمع ظروفه التي تحدد توقيت ثورته الجديدة لمحو النتائج السلبية التي وقعت جرَّاءها واستعادة حريته.
ويقول محمد سيف الدولة، الباحث المتخصص في الشأن القومى العربي، إن الثورة ليست هي اختيارا للشعوب، وإنما هي تفرض عليها فرضًا حين تقوم الأنظمة الحاكمة بسد كل منافذ والاليات والأدوات الطبيعية اللازمة لحل مشكلات الناس وسد احتياجاتهم وتقدم مجتمعاتهم.
وأضاف، في تصريح لـ”رصد”: إذا سدت كل الطرق أمامك، فليس لديك سوى الثورة على الأنظمة الحاكمة مجبرا لا بطلا، أي أن الثورة على وجه التحديد هي الفعل الشعبي والجماهيري الساعي لسد احتياجات الشعوب عن غير الطريق الذي يحدده الدستور والقانون. حين تنسد هذه الطرق ويتم احتكارها وتأميمها من قبل السلطات.
وأشار إلى أنه قد تتعثر الثورات وقد تنحسر أو تنهزم أو تتراجع إلى حين، ولكنها لا تتوقف أبدا، ولا يمكن منعها إذا توفرت شروطها الموضوعية، موضحًا أن الثورات ثمنها غال، ولذلك لا تلجأ لها الشعوب إلا مضطرة وبعد عقود من التجارب والمحاولات لإقناع الحكام والأنظمة بالتغيير والصلاح.
ولفت إلى أن الثورات العربية، قد تعرضت لاعتداءات مكثفة ومنهجية من قبل تحالف الأنظمة الحاكمة والنظام الرسمي العربي، تم الاعتداء عليها بالثورات المضادة وبالقتل والاعتقال أو بالإجهاض والحصار والاحتواء والاختراق والإفساد والعسكرة والتدويل.
وشدد على الشعوب العربية أن تعي دروسها وتتأمل وتفكر في عوامل النصر وأسباب التعثر والتراجع والهزيمة وأن تدرك أن الطريق طويل.
ويقول الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية، إن الثورات لا تموت لأنها تنبع من الشعوب ولكن تختلف وفقا للمعطيات والظروف، وتندلع لهدف واحد وهو التمرد، وقد تكون مؤجلة أو خاملة لعدة أسباب.
وأضاف حسني في تصريح لـ”رصد” أن الثورة لم تخرج من قلوب الشباب، لكن الخوف من القتل والتعذيب وانتهاك الحريات أسباب كفيلة لتأجيل هذة الثورة المرتقبة، ومظاهرات 25 أبريل نظمها وشارك فيها الشباب، ولاقت ترحيبا من الشباب غير المشاركين ما يدل على أن هناك استعدادا نفسيا لاندلاع ثورة جديدة.
وأكد حسني أن إعلام الأنظمة العربية يتبنى فزاعة “أفضل من سوريا والعراق” حتى يعطي يقينا داخل الشباب أن الثورات تجلب الخراب، دون إلقاء التهم على الأنظمة التي تحاربهم في حريتهم واللعب بمصائرهم، موضحا أن صور الخراب والدمار والقتل تجعل فصائل كبيرة من الشباب العربي تخشى اندلاع ثورة جديدة، قد تكرر هذه الصور في موطنه.
وقال حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية إن الشباب فقد الثقة في الجميع، فرأى أن الثورات لم تعد تحقق ما تمنى فقد فجر ثورتين أطاح بهما نظامان ولا تزال آماله في مهب الريح لذلك فهو قرر الهدوء مؤقتا، لكن لن يدوم صبره طويلا.
وأضاف نافعة في تصريح لـ”رصد” إلى أن المزاج العام للشباب يرفض الخروج بثورة جديدة رغم أنه لا يرى في النظام الحالي، سواء برلمان أو رئيس أو حكومة أي خير، فهناك انطباع لديه بعدم وجود فائدة من خروجه في ثوراته؛ لأنه لن يكون له نصيب في نتائجها.
وأكد نافعة: إن الشباب العربي خاصة في الخليج يرى أن ما حدث في ليبيا وسوريا نموذج لما آلت إليه هذه الثورات لذلك فهو تخلى عن حريته واكتفى بتوفير معيشة جيدة له وحسب، كما أن الشباب المصري لا يرغب في مساحة سياسية بقدر احتياجه لمساحة اقتصادية تمكنه من تحقيق أحلامه وآماله، بينما هو يواجه تضييقا عليه ومراقبته وكأنه العدول الأول للنظام.
وأشار إلى أن نزيف الدماء في البلاد العربية التي اندلعت فيها ثورات يتوقف على طبيعة الأنظمة الحاكمة، وما حدث في سوريا لن يحدث في مصر؛ لأن النظام السوري -ببساطة- طائفي؛ لذلك انقسمت الدولة، أما في مصر فالجيش جزء لا يتجزأ من الشعب وحينما تندلع ثورة في مصر لن نرى ما يحدث بسوريا.