نشر الباحث المتخصص في الشأن القومى العربي محمد عصمت سيف الدولة مساء أمس الأحد مقالا تحت عنوان “انتظرتنا فلسطين كثيرا، فهل يطول الانتظار؟” على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” في الذكرى 68 لنكبة فلسطين.
وإلى نص المقال:
انتظر ٨٠٠ ألف فلسطينى مُهجَّر ومطرود عام ١٩٤٨، وعد الدول العربية لهم بتطهير الأرض من العصابات الصهيونية وإعادتهم إلى ديارهم مرة أخرى خلال شهور قليلة، فأصبح اللاجئون اليوم بالملايين.
فانتظروا بعد النكبة أن تتخلص ثورات وحركات التحرر العربية من الاستعمار وتحقق الوحدة وتعد القوة العربية لتحرير فلسطين، فوقع عدوان ونكسة ١٩٦٧، وأجل العرب هدف تحرير فلسطين إلى ما بعد زالة آثار العدوان، فانتظرونا حتى نزيلها، فلم نستطع إزالتها حتى اليوم.
فانتظروا الفرج بعد حرب ١٩٧٣ التى أسقطت أسطورة جيش (اسرائيل) الذى لا يقهر، فإذا بمصر واخواتها تنسحب من الصراع وتصالح العدو الصهيونى وتعترف به.
وحين كان الفلسطينيون يحاولون بناء قوتهم الذاتية والاستقلال بمقاومتهم والاشتباك مع العدو، كانوا يتلقون الضربة تلو الأخرى من الأنظمة العربية كما حدث فى الاْردن عام ١٩٧٠ ولبنان ١٩٧٦.
فنظر الفلسطينيون إلى الشعوب العربية لعلها تغضب وتثور وتصحح الأوضاع وتسقط المعاهدات على طريقة الشعار الشهير “علشان نحرر القدس، لازم نحرر مصر”. فوجدوها مكبلة بالتبعية والاستبداد والفقر ومحظور عليها مواجهة (إسرائيل) أو دعم فلسطين.
فلما قامت الثورات العربية انتظر الفلسطينيون مجددا أن تتحرر الشعوب العربية من التبعية وتصنع الحرية وتبنى دولها الحديثة المستقلة القادرة على العودة لدعم القضية الفلسطينية، فاختفت فلسطين من برامج وأجندات الجميع.
وانتظر الفلسطينيون أن نرفع عنهم الحصار الإسرائيلي القاتل فى غزة، فإذا بِنَا نشارك فيه.
وانتظروا أن نضغط على حكوماتنا للضغط على المجتمع الدولى لإنقاذ القدس من براثن التهويد، فوصل الحال أن بدأ الصهاينة في التقسيم الزماني للمسجد الأقصى.
وحتى حين كانوا يحاولون تحدى قيود اتفاقيات أوسلو لإنهاء الانقسام الفلسطينى، وانتظروا دعمنا فى ذلك لمواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية، اكتشفوا أن الأنظمة العربية هى الأخرى تدعم الانقسام وتغذيه وتتواطأ مع إسرائيل لإجهاض أي وحدة أو توافق.
وحين يأسوا منا ووجدوا أنفسهم وحدهم، أطلقوا انتفاضتهم الثالثة، وانتظروا أن تلهمنا وتعيد القضية على رأس أولوياتنا، فتجاهلناها كما لم نتجاهل مثلها من قبل.
وحين لم يجدوا ملاذا فى الإخوة و العروبة، راهن أهالينا فى فلسطين على إنسانيتنا لإنقاذهم من الموت حربا واغتيالا وأسرا واستيطانا وحصارا وتجويعا، فوجدونا أشد قسوة عليهم من الاحتلال.
انتظرتنا فلسطين كثيرا ولا تزال، فهل يطول الانتظار.