شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عبدالباري عطوان: هل أعلنت واشنطن الحرب على السعودية؟

عبدالباري عطوان: هل أعلنت واشنطن الحرب على السعودية؟
قال الكاتب والصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان، إن إصدار مجلس الشيوخ الأميركي أمس، قانون العدالة ضد "رعاة الارهاب" الذي قدمه السيناتور الديمقراطي تشاك شومر

قال الكاتب والصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان، إن إصدار مجلس الشيوخ الأميركي أمس، قانون العدالة ضد “رعاة الارهاب” الذي قدمه السيناتور الديمقراطي تشاك شومر، ونظيره الجمهوري جون كورنين، ويسمح لأهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر مقاضاة أمراء في الأسرة الحاكمة السعودية، أو مسؤولين أمام المحاكم الأميركية لطلب تعويضات، يعني أن العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، أوشكت على الانتهاء، وربما تتحول إلى مواجهات سياسية وقضائية، وحرب مالية في المستقبل المنظور.

وأشار عطوان إلى تصريحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، في حديثه المطول والصريح والمتعمد لمجلة “أتلانتيك”، عندما أكد “أن السعودية رعت التطرف الإسلامي الوهابي في العالم، خلال العقود الثلاثة الماضية ودعمته بالأموال والأئمة، وضرب مثلًا بإندونيسيا التي عاش فيها لعدة سنوات في صباه، وكيف تحول إسلامها المعتدل المتسامح، إلى إسلام متطرف نتيجة لنشر “الوهابية” وتعاليمها.

عطوان أكد في مقاله المنشور على موقع “رأي اليوم”، أنّ إصدار هذا القانون يعني أن الإدارة الأميركية يمكن أن تتدخل قانونيًا لوقف بيع وتسييل هذه الأصول، مثلما هدد السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، كرد فعل على التحضيرات لإصداره “القانون”، ومن المفارقة أن السيد الجبير اضطر “محرجا” لسحب هذه التهديدات يوم أمس، عندما قال في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي جون كيري في فيينا “ما قصدناه أن صدور هذا القانون سيقوض ثقة المستثمرين في السوق الأميركي، فالأمر لا يخص السعودية وحدها”، نافيًا أن يكون قد هدد ببيع هذه السندات.

وأضاف: “نظريًا يستطيع الرئيس أوباما أن يُعطل هذا القانون بحكم صلاحياته كرئيس أميركي، ولكن السيناتور شومر الذي قدم مشروع القانون، ويعتبر والده الشرعي، أكد أنّ أغلبية الثلثين المطلوبة في مجلس الشيوخ لإبطال (الفيتو) الرئاسي مضمونة لديه، مما يعني، حسب رأيه، أن القانون سيعتمد حتمًا، بغض النظر عن موقف الرئيس أوباما منه، والأخطر من ذلك أن المرشحين الأبرز في الانتخابات الرئاسية الأميركية هيلاري كلينتون، وجون ساندرز، ودونالد ترامب أعلنوا تأييدهم له”.

مضيفًا: “الضغوط تتصاعد حاليا للافراج عن الوثائق التي تؤكد تورط أمراء سعوديين في دعم منفذي هجمات سبتمبر، وتقديم الدعم المالي واللوجيستي لهم، المباشر منه أو غير المباشر، وهناك توقعات بأن يتم الكشف عن مضمون الصفحات الـ 28 التي جرى حجبها من تقرير تحقيقات الكونغرس حول هذه الهجمات، ويعتقد انها تدين السعودية، في غضون الشهرين المقبلين”.

وأشار الكاتب والصحفي الفلسطيني، إيى أن اسم زكريا الموسوي المسجون في كوليرادو، بتهمة المشاركة في التحضير لهجمات سبتمبر، وينظر إليه على أنه المتورط رقم 20 فيها، بدأ يتردد بقوة هذه الايام، ونسبت إليه مزاعم تقول أن أمراء من الأسرة الحاكمة السعودية متورطون في دعم تنظيم “القاعدة”، وذكر أسماء الأمير (الملك) سلمان بن عبد العزيز، تركي الفيصل، بندر بن سلطان، والوليد بن طلال، وردت السعودية على اتهاماته هذه بأنها صادرة من شخص مختل.

وتابع: “ما يجري حقيقة هو عملية (ابتزاز) أميركية محكمة للمملكة العربية السعودية وأسرتها الحاكمة، لمصادرة القسم الأكبر من احتياطاتها المالية الضخمة التي تصل حاليًا إلى ما يقرب من 587 مليار دولار، بما في ذلك 116 مليار دولار قيمة سندات الخزانة الأميركية، مما سيؤدي حتما إلى إفلاسها، وربما إطاحة نظام الحكم فيها”.

وقال: “الدور السعودي في اتفاق تبادل المصالح مع أميركا (الحماية مقابل النفط)، في منطقة الشرق الأوسط، وصل إلى نهاية عمره الافتراضي، ولم تعد المؤسسة الأميركية بحاجة إليه بعد توقيعها الاتفاق النووي مع إيران، وانتهاء حاجتها إلى نفط الشرق الأوسط، وتوجيهها نحو جنوب شرق آسيا، والمشكلة أن صاحب القرار السعودي فوجئ بهذا التحول الأميركي، مما يعكس افتقاره لبنوك المعلومات والخبرات والعقول المؤهلة لرصد هذا التحول مبكرًا، ووضع البدائل، أو ربما لعدم استعانته بها، لأننا نعرف أنها موجودة داخل السعودية وخارجها، فهناك خبرات سعودية تحاضر حاليًا في أكبر الجامعات الأوروبية والأميركية ولكن”.

وأوضح عطوان أن الخطأ الآخر الذي وقع فيه بعض “المستشارين” في الحكومة السعودية، هو اللجوء للتقارب مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ولوبياتها لإحباط هذا التحول في المواقف الأميركية، ومنع صدور القانون المذكور، والتمهيد لاستبدال الحليف الإسرائيلي بالأميركي، ولا يعرف هؤلاء أن هذا القانون تقف خلفه “المؤسسة” الأميركية الحاكمة وليس الإدارة، وقرارات “المؤسسة” لا يجهضها “لوبي” في أميركا، سواء كان لوبي السلاح، أو النفط، أو “المتقاعدين”، وهي اللوبيات الثلاثة الأكثر قوة بمراحل من اللوبي اليهودي الرابع.

وأضاف: “المؤلم أن هذا الابتزاز الأميركي يأتي في وقت تجد فيه السعودية نفسها متورطة في حربين في اليمن وسورية، وثالثه بالنيابة مع إيران، وربع العالم الإسلامي تقريبًا ينتمون إلى الطائفة الشيعية المتعاطفين مع الأخيرة، جزئيًا أو كليًا، مضافًا إلى ذلك أن نسبة كبيرة من الشعوب العربية والإسلامية (السنية) غير مؤيدة للكثير من جوانب سياساتها، وحروبها هذه، مما يعكس قصورًا في الاستراتيجيات، وانحرافًا عن النهج الذي اتبعته المملكة حتى إلى ما قبل عشرين عامًا، حيث كانت عنوانًا للتضامن في العالمين العربي والإسلامي، وواسطة خير لحلول المشاكل والنزاعات”.

وتابع: “المواجهة بين الأسرة الحاكمة في السعودية وأميركا قادمة لا محالة، وقد تكون بدأت فعلًا، ومحاولات (الترقيع) التي يقوم بها البعض، مثل التنصل من تهديدات الجبير بسحب الاستثمارات لا تفيد أبدًا، وحتى لو دفعت السعودية التعويضات المالية التي تريدها أميركا، فان هذا النهج لن يحل المشكلة، وربما يفيد في هذه العجالة بأن نذّكر بتجربة الزعيم الليبي معمر القذافي الذي اعتقد أنه بدفع ثلاثة مليارات دولار لأهالي ضحايا لوكوربي يمكن أن يشتري سلامته وبقاء نظامه، فبعد أن دفع المبلغ، ودمر أسلحته الكيماوية، وفكك برنامجه النووي، وسلم قوائم الإرهابيين، وجد نفسه مسحولًا في شوارع مدينته سرت، ومعتدى عليه جنسيًا، بطريقة مقززة وهمجية، يعف اللسان والخلق عن وصفها”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023