حذرت دراسة أجراها الخبير الاقتصادي اللورد جيم أونيل، الرئيس السابق لشركة جولدمان ساكس، من توقف مفعول المضادات الحيوية، مطالبةً اتخاذ إجراءات عاجلة للتحكم في استخدام تلك المضادات قبل أن تتوقف عن العمل؛ ما سيتسبب في عدد كبير من الحالات الخطيرة غير القابلة للعلاج بالإضافة إلى “خسائر بشرية كبيرة”.
وحسب الدراسة التي نشرتها صحيفة “الإندبندنت” تزداد المقاومة للمضادات الحيوية بمعدل خطير؛ ما يجعلها عرضة لفقد تأثيرها بشكل كامل؛ ما يعني أن عمليات مثل الولادات القيصرية وتغيير المفاصل والعلاج الكيماوي سوف يكون من الصعب إجراؤها في وقت قريب، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فسوف تقتل العدوى المقاومة للأدوية حوالي ١٠ ملايين شخص بحلول عام ٢٠٥٠، أي أكثر مما يقتل السرطان في الوقت الحالي، حسب الدراسة.
ومن المرجح أن زيادة نسبة العدوى المقاومة للعقاقير تكون بسبب الاستخدام المفرط للأدوية مثل المضادات الحيوية والعلاجات المضادة للفطريات لعلاج حالات بسيطة مثل نزلات البرد، ومع الاستخدام المفرط، تعني مقاومة العقاقير أن بعض الحالات سوف تكون غير قابلة للعلاج، كما سوف تتطور “الجراثيم”؛ مثل المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين.
كما يشير التقرير إلى أن استخدام المضادات الحيوية في تربية الخنازير هو أمر اعتيادي؛ حيث إن سوء الأحوال المعيشية يجعل من الضروري استخدام مثل هذه العلاجات لمنع العدوى من الانتشار بين الماشية، وإن هذا ينتقل إلى البشر عن طريق تناول اللحوم؛ ما يزيد من مستويات مقاومة الأدوية لدى البشر، وفي المملكة المتحدة يتم إعطاء حوالي ٤٥٪ من المضادات الحيوية للماشية.
هذا التقرير هو نتيجة مراجعة لاستخدام المضادات الحيوية استمرت لعامين أجراها الخبير الاقتصادي اللورد جيم أونيل الرئيس السابق لشركة جولدمان ساكس. وقد فوضته الحكومة لإجراء هذه المراجعة بعد تزايد القلق حول استخدام الأدوية في المملكة المتحدة.
وتحث الدراسة على اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من تنامي استخدام المضادات الحيوية: “لتفادي الخسائر البشرية والاقتصادية الفادحة لمقاومة العقاقير التي قد يواجهها العالم”، وتضمنت توصيات اللورد أونيل بدأ حملة توعية عن أضرار استخدام المضادات الحيوية، وأن يتم وضع قيود على استخدام بعض المضادات الحيوية الخطيرة، وفرض ضريبة على المضادات الحيوية المستخدمة في تربية الماشية.
ويقول التقرير إنه إن لم يتم بتخذا الإجراءات الآن بشكل عاجل، فإن تكلفة توقف المضادات الحيوية عن العمل سوف تصل إلى ١٠٠ تريليون دولار قبل عام ٢٠٥٠.
وبين النتائج الأخرى التي توصل إليها أونيل: “إن دراستي لا توضح فقط التهديد الذي تمثله مقاومة مضادات الميكروبات للعالم، مع احتمال وفاة ١٠ ملايين شخص كل عام بحلول عام ٢٠٥٠، ولكنها أيضا تتضمن مخططا عمليا لإجراءات جريئة على مستوى العالم لمواجهة هذا التحدي.. تلك الإجراءات التي حددتها اليوم هي إجراءات واسعة النطاق، لكن المشكلة هي أننا لن نتمكن من حل المشكلة إن لم نبدأ الآن لتجنب التكاليف البشرية والاقتصادية لمقاومة العقاقير التي سوف يواجهها العالم”.
وقد رحب مستشار وزير الخزانة جورج أوزبورن بتوصيات التقرير قائلاً: “إن مراجعة اللورد أونيل تقدم تحذيرًا واضحًا من أننا إذا لم نتخذ تلك الإجراءات عالميًّا الآن، فإن مقاومة مضادات الميكروبات سوف تمثل تهديدًا للبشرية أكبر من السرطان؛ فإنها ليست فقط تهديدًا للصحة، ولكنها أيضًا تهديد للاقتصاد العالمي، وبعيدا عن الناحية الأخلاقية، فإن الخسارة الإقتصادية الناتجة عن الفشل أكبر مما نتخيل”.
كما رحبت السيدة سالي دايفيس، كبيرة أطباء انجلترا، التي حذرت في وقت سابق من أن بريطانيا تواجه “سيناريو مروعا” بسبب استخدام مضادات الميكروبات، أيضا بالتقرير، قائلة إن التوصيات الواردة فيه “تمثل تحديا كبيرا”.
تعمل المضادات الحيوية على قتل أو الحد من نمو البكتريا وتمنع العدوى. وقد غيرت المضادات الحيوية مجال الأدوية عندما استخدامت للمرة الأولى في بداية القرن الماضي وأسهمت في التخلص من عدد من الحالات الخطيرة بما فيها السل والزهري.
ويتم وصف حوالي ٤٠ مليون مضاد حيوي سنويًّا من قبل الأطباء في بريطانيا، وفق قول الهيئة الصحية بأن حوالي ١٠ ملايين منها غير ضروري.