شهد مؤتمر “توحيد الشهور القمرية والتقويم الهجري الدولي” المنعقد بإسطنبول خلافاتٍ حادة بشأن توحيد التقويم الهجري ورؤية هلال رمضان لتوحيد صيام المسلمين في كافة أنحاء العالم.
وبحسب موقع “هافينجتون بوست عربي” تركّزت الخلافات في المؤتمر الذي تنظمه رئاسة الشؤون الدينية الرسمية التركية، ومركز الفلك الدولي، بين مشروعي التقويم، الأحادي الذي تتبناه رئاسة الشؤون التركية، والثنائي الذي يحاول مركز الفلك الدولي بأبو ظبي الدفع به.
واعترض الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في نهاية جلسات أمس الأحد 29 من مايو 2016م بشكل واضح على ما طرح في المؤتمر.
وبحسب القرضاوي إن اعتماد تقويم واحد في العالم الإسلامي والغرب هو “عبث” على حدّ وصفه.
ويعتمد التقويم الآحادي على رؤية هلال الولايات المتحدة الأميركية لكونه أوضح للأجهزة الفلكية، ولدخول ليلها بليلة أول رمضان قبل ليل العالم الإسلامي، مما رفضه علماء السعودية الذين يرون أن الأصل أن تصوم أميركا، كما تفعل دول أميركا الشمالية اليوم لصيام المملكة لا العكس.
ودفعت الاختلافات بين أغلب الدولة المشاركة في المؤتمر(60 دولة) إلى قيام الدكتور علي القره داغي نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برفع الجلسات دون التصويت على اختيار أي من التقويمين كما كان مفترضاً.
اختلاف في الصوم
وفي تصريح خاص للشيخ يوسف القرضاوي لـ”هافينغتون بوست عربي” عقب نهاية المؤتمر قال “كيف يريدون للمسلمين في مختلف أنحاء العالم وهم مختلفون في الرؤية القمرية، بل في زاويتها، أن يتفقوا على تقويم عالمي واحد؟!. أكرّر هذا “عبث” لا أكثر”.
وأضاف القرضاوي “المسلمون الآن مختلفون زمانياً ومكانياً كيف يمكن تجميعهم على “ميقات” واحد.. الرسول أمر أن يصوموا لرؤية الهلال ويفطروا عليه”.
و فيما يتعلّق بمسلميّ أوروبا وما يواجهونه من مشكلات مع حكومات الدول التي يقيمون بها أشار القرضاوي إلى أن مسلمي أوروبا يجب أن يتفقوا على طريقة يجتمعون بها، عليها يصومون وبها يفطرون ويتركون العالم الإسلامي الآن.
تفاصيل المؤتمر
حضر المؤتمر الذي بدأ السبت 28 مايو 2016 وينتهي بجلسة صباحية اليوم الإثنين 30 مايو 2016 علماء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بالإضافة إلى علماء اتحاد مسلميّ أوروبا، والدكتور محمد كورماز، رئيس الشئون الدينية التركية.
وسبق المؤتمر دعوة للباحثين من مختلف دول العالم لتقديم أطروحاتهم حول توحيد التقويم القمري، وذلك على مدار 3 سنوات مضت، من خلال اللجنة العلمية للمؤتمر، وكانت النتيجة أن تم اعتماد 3 أبحاث أحادية، و2 ثنائية، وتم دمج كل مجموعة ليخرج المؤتمر بطرحين أحادي وثنائي للتقويم الهجري العالمي المقترح.
التقويم القمري الأحادي
وتتبنى الحكومة التركية التقويم الأحادي عبر الشؤون الدينية التركية الذي يعتمد على الرؤية الفلكية للهلال، ولكن لا يغفل الرؤية بالعين المجردة، ويقول بصيام مسلميّ العالم كله في يوم واحد، واعتمده المهندس جمال الدين عبد الرازق الفلكي المغربي.
إشكاليته الرئيسية إنه كلما تقدمنا غرباً من العالم كانت رؤية القمر أوضح بخاصة في مرحلة كونه هلالاً، وذلك بحسب تصريح المهندس محمد شوكت عودة، أحد مديريّ مركز الفلك الدولي لـ”هافينجتون بوست عربي”، مما يعني أن المشرق بما فيه السعودية وأغلب الدول الإسلامية ستقبل بالرؤية في أميركا”.
الدكتور علي القره داغي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قال في تصريح لـ”هافينجتون بوست عربي” عقب المؤتمر “إنني مع التقويم الأحادي لحل مشكلة المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وتوحيد مطالع الشهور القمرية وإنهاء نزاع دام لسنوات طويلة بينهم، وأرى التقويم الأحادي متقدماً ومثالياً، لكن الشيخ القرضاوي ضده”!
السعودية تعترض
الشيخ سعد الخثلان عضو هيئة كبار العلماء السعودية، اعترض بقوله: هناك إشكالية فقهية واضحة في التقويم الأحادي يترتب عليها أن يصوم المسلمون في بعض دول العالم مع عدم إمكانهم من رؤية الهلال أصلاً، ولذلك فإن ذلك غير ممكن وأضم صوتي لصوت الشيخ القرضاوي.
ومن تركيا دافعت حميراء نور الفلكية بالشؤون التركية قائلة “لقد درسنا التوقيت الآحادي بدقة متناهية حتى عام 2050، ولا يعيبنا اعتماد تقويم جرينيتش كتقويم وسط للعالم كله.”
و رفض الدكتور عبد الله الجذيع عالم من علماء العراق قولها معللاً بأن اعتماد خط جرينتش يُضاد التوقيت المعروف للمسلمين حيث يبدأ اليوم من بعد غروب الشمس مباشرة لا من منتصف اليوم كما في جرينتش.
وأضاف بأن المسلمين المقيمين بأوروبا وأميركا الذين يرون الهلال في وقت متأخر بالليل سيُلزمون العرب به الذين لن يكون الليل قد أتاهم من الأساس.
التقويم الثنائي
قدم مشروع التقويم الثنائي الدكتورنضال قسوم ، مدير مركز الفلك الدولي بأبو ظبي وأعضاء المشروع الإسلامي لرصد الهلال ورجحه علماء دين منهم السعوديون لأن الواقع العملي أثبت أن مسلمي أمريكا الشمالية والبرازيل يصومون لصيام السعودية الآن لا العكس بحسب التقويم الآحادي.
علماء أتراك منهم مصطفى حلوجي نادوا في ختام الجلسة بتقريب التقويمين المقترحين والجمع بين إيجابياتهما، والابتعاد عن السلبيات.
فرقة بين المسلمين
من ناحيته اعترض رئيس مجلس إفتاء إندونيسيا محمد شمس الأنوار، قائلاً إننا نعاني من فرقة مسلميّ العالم وبلدنا حتى في تحديد يوم العيد.
وأشار عبد الله بن منصور رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، أن هناك 29 دولة بها مسلمون يبلغ عددهم 80 مليوناً بحسب إحصاء المنظمات، وكل عام وزراء الداخلية والدفاع في هذه الدول يطلبون من مسلميّ هذه الدول تحديد يوم معين ليكون عيداً للمسلمين، ولا يستطيع مسلمو دولة واحدة فعل هذا من الأساس.
و أضافت ياسمين نُصران ،وزير الديانة الإسلامية في الفلبين أنها تخبر الحكومة هناك أن أعياد المسلمين لمدة أسبوع كامل وليست يوماً لتخرج من هذا المأزق.