شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

صوت الزنازين

صوت الزنازين
هؤلاء الذين قررت الدولة صبغهم بالإرهاب ووصفهم بالخطورة الشديدة رغم أن أخطر ما قام به صديقك فى الحياة هو عبور إشارة المرور أثناء سير السيارات!

ترتطم القيود الحديدية ببعضها البعض وتُصدر حلقاتها هذا الصرير الذى يشق الأذان ، لكن صوتها لا يسمعه أهل الزنازين وحدهم بل يدوى فى جنبات وطن صار سجنا كبيرا يحيط بأبناءه ويحاصر أحلامهم ويبدد أمالهم فى مستقبل ترفرف فيه رايات الحرية وتُحفظ فيه كرامة الإنسان. 

الساخرون يُسجنون، والجادون يُسجنون، والبناءون يُسجنون، ومن رأوا انهم ينتوون المعارضة يُسجنون، تستيقظ فى الصباح وتطالع الصحيفة لتجد إسم صديقك وجارك فى قوائم الإرهابيين فجأة ! هؤلاء الذين قررت الدولة صبغهم بالإرهاب ووصفهم بالخطورة الشديدة رغم أن أخطر ما قام به صديقك فى الحياة هو عبور إشارة المرور أثناء سير السيارات!

لا تسلم النساء من الأذى طالما صدحت أصواتهم بنداء الحرية ، فخلف القضبان مئات من هؤلاء البنات والسيدات الذين تغدق الدولة عليهم بكرمها فتتهمهم بالارهاب والتخطيط له والتآمر على الكون بينما هؤلاء الوديعات لا يجرؤن على قتل النملة أو الصرصور إذا ما صادفنه فى بيوتهن !

أما الأطفال فمأساة ماثلة أمام عيوننا، فقد تحول الأطفال لزعماء مافيا يقومون بتعطيل تسيير القطارات والتخطيط لإفشال إنجازات السلطة وممارسة الإرهاب وصناعة المتفجرات والقيام باغتيالات وتصفيات لا يمكن تصديقها إلا إذا شاهدتها فى مسلسلات قنوات الاطفال الخيالية التى تتحدث عن الوحوش والبشر الذين يتحولون لسفاحين يشربون دماء البشر ويتقوتون عليها. 

قصص أغرب من الخيال تضمها جدران الزنازين، لو عاد أهل الفن وراجعوا تلك الاعمال السينمائية التى وثقت فترة الستينات فى مصر وما حدث فيها من أهوال داخل المعتقلات لاعتبروا أن ذلك ترفا بالغوا فى توصيفه وأن ما يحدث الان فى مصر هو الأشد قسوة على الإطلاق وهو الذى لا يصدقه عقل
هذه معتقلة لأنها سعت لانتشال أطفال الشوارع من الضياع وأعادتهم للحياة الطبيعية عبر تأهيلهم وتطوير قدراتهم للإندماج فى المجتمع الذى ينبذهم ليصبحوا مواطنين صالحين بدلا من كراهية المجتمع والانتقام منه ، هذه معتقلة أفجعتها منظومة العدالة فقالت للمحقق (إننى لا أجد الحياد في من يحاكمنى فكيف أثق فى ما سيصدر عنه)، هذا معتقل كان سبب اعتقاله أنه ارتدى تيشيرت مكتوبا عليه ( أنا عايز أعيش فى كوكب تانى ) ، هذا معتقل لا علاقة له بالسياسة لكنه مثل ألاف غيره أوقعه حظه العاثر فى يد الاعتقال العشوائى من الشارع ثم وجد أنه متهم فى قضية بتهم خطيرة وكل جريمته أنه كان يمشى فى الشارع حين اختطفه هؤلاء وقرروا أنه مجرم عتيد!

هذا مواطن يدين بالمسيحية لكنه معتقل بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين، هذا مواطن كان نائما فى بيته وسمع صراخا فى الشقة المقابلة له ففتح بدافع الإنسانية ليطمئن على جيرانه فوجدهم قد جاءوا لاعتقال جاره الذى لم يكن موجودا بمنزله، فاستداروا اليه واعتقلوه وبين عشية وضحاها وجد نفسه متهما بالانضمام لجماعة مسلحة تمارس الإرهاب وتخرب البلاد!

هل ما زال هناك من يصر على إنكار قضية المعتقلين أو تبرير اعتقالهم ، لقد أصبحت كثير من صفحات المؤيدين – وليس المعارضين – تروى عن حكايات شخصية لأناس يعرفونهم تم اعتقالهم والزج بهم فى اتهامات خيالية لا علاقة لهم بها ، هؤلاء المؤيدون فماذا لو حكى المعارضون ما أصاب ذويهم ومن يعرفونهم؟

لا يمكن حصر الانتهاكات ولا الاعتقالات بشكل دقيق نظرا لتفشيها ولكن مطالعة تقرير حقوقى لمركز النديم عن حصاد سنتين من الانتهاكات يبعث على الخوف من مستقبل مصر إذا لم تُغل يد البطش ، يقول التقرير الذى نشره المركز على صفحته الرسمية (رصد التقرير ما شهدته مصر من انتهاكات خلال العاميين الماضيين، في الفترة من 8 يونيو 2014 إلى 7 يونيو 2016، حيث أنه في العاميين الماضيين وقعت 1083 حالة قتل، وقعت 6 حالات منها فى الستة أشهر الأولى فى الفترة بين 8 يوليو 2014 إلى 31 ديسمبر 2014. تزايدت فى السنة التالية لتصل لى 326  فى الفترة بين 1 يناير 2015 إلى 31 ديسمبر 2015 ثم تضاعفت فى الستة أشهر الأخيرة لتصل إلى 754 حالة.

بالإضافة إلى 239 حالة حالة وفاة وقعت في أماكن الإحتجاز، 53 حالة منها وقعت في الستة أشهر الأولى  فى الفترة من 8 يوليو 2014 إلى 31 ديسمبر 2014، فيما تزايدت نسبتها لتصل إلى 135 فى السنة التالية أى فى الفترة من 1 يناير 2015 إلى 31 ديسمبر 2015، ثم وقعت 31 حالة فى الفترة بين 1 يناير 2016 إلى 7يوليو 2016.

فضلا عن وقوع 915 قتيل راحوا ضحايا للتعذيب في أماكن الاحتجاز – بحسب التقرير – 78 منهم رصدها النديم فى الستة أشهر الأولى أى فى الفقترة بين 8يوليو 2014 إلى 31 ديسمبر 2014 , تضاعفت بشكل مخيف فى العام 2015 لتصل إلى  601 حالة في الفترة من يناير 2015 إلى 31 ديسمبر 2015 , بالإضافة إلى 236 حالة في الفترة بين 1يناير 2016 إلى 7 يونيو 2016.

بالإضافة إلى حالات التعذيب الفردي وقعت عدة حالات للتعذيب الجماعي يبلغ عدهم 116 حالة، 35 حالة منهم وقعت في الفترة من 8 يونيو 2014 إلى 31 ديسمبر 2014، و37 حالة فى الفترة من 1 يناير 2015 إلى 31 ديسمبر 2015، فيما وقعت ال 44 حالة المتبقية فى الفترة بين 1 يناير 2016لا إلى 7 يونيو 2016.

كما جاء في التقرير وقوع 121 حالة تكدير وتضييق على المعتقليين وذويهم، 6 حالات منها وقعت في الفترة من 8 يوليو 2014 إلى 31 ديسمبر 2014 و 27 حالة وقعت فى الفترة من 1 يناير 2015 إلى 31 ديسمبر 2015. 
 

فضلا عن حالات الإهمال الطبي في أماكن الإحتجاز فحسب التقرير وقعت 597 حالة إهمال طبي، 37 حالة منها وقعت في الفترة منم من 8 يوليو 2014 إلى 31 ديسمبر 2014، تزايدت نسبتها لتصل إلى 310 فى الفترة من 1 يناير 2015 ثم 250 فى الفترة من 1 يناير 2016 إلى 7 يوليو ). 
 

هذا ما قاله مركز النديم في تقريره الأخير الذي إن افترضنا أن الأرقام الموجودة به غير دقيقة وأن الانتهاكات التى تحدث تمثل 50% فقط من اجمالي الانتهاكات المذكورة وهذا يعني أننا تفوقنا على كل المراحل التاريخية التى مرت بها مصر فى إهدار حقوق الانسان وسحق كرامته. 

هذه ليست معركة على سلطة ولا تشويها وافتراءا على نظام يشوه نفسه بيديه، لكنها صرخة ألم وجرس إنذار لمن يظنون أن سحق الإنسان يصنع الاستقرار ويدفع البلاد للتقدم، لا تخبرونا أنه لا يوجد معتقلين سياسيين فى مصر فالسجون التى تفتتح يوما بعد يوم تنبئنا عن حقيقة ما يجري، لقد ضاقت الزنازين بأهلها وانطلق صوت الزنازين هادرا يطلب الحرية لألاف المصريين الذين لم يمارسوا عنفا ولم يستحلوا دما وإنما عبر بعضهم عن رأيه بسلمية ودفع بعضهم الثمن نتيجة العشوائية والبلاغات والتحريات الكيدية التى تدين الأبرياء بلا جرم اقترفوه! 

إطلاق سراح المعتقلين السياسيين خطوة هامة لفتح المجال العام ونزع عوامل الإنفجار أما المبالغة فى البطش والاغترار بالقوة والإصرار على سحق الأبرياء فهو مدعاة لليأس واستدعاء للكراهية ومضاعفة الشقاق المجتمعي، آن للزنازين أن تعيد لمصر أبناءها الذين غُيبوا عن النور، الحرية لكل معتقل نعرفه أو لا نعرفه، نحبه أو لا نحبه، نتفق معه أو نختلف عنه، الحرية للإنسان، الحرية لمصر …



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023