حذر خبراء وسياسيون من الإفراط في الفرحة بحكم القضاء الإداري امس بإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، والتأكيد على مصرية جزيرتى تيران وصنافير ، وخاصة بعد طعن الحكومة على الحكم.
يرى البعض ان حكم القضاء الاداري قد يكون خطوة أولى لإقناع المواطنين بالتسليم بأحكام القضاء وأن القضاء في مصر مستقل، وبعد ذلك تصدر المحكمة الإدارية العليا حكمها بأن الجزيرتين سعوديتين، وتعطي صك قضائي للنظام للتنازل عن الجزيرتين للسعودية، خاصة وأن هذا السيناريو اتبعه النظام في الكثير من الأحداث السابقة، مثل قضية تصدير الغاز مع اسرائيل، ومحاكمات رموز نظام المخلوع حسني مبارك، الذين تم إدانته جميعا في البداية بأحكام قاسية، وبعد هدوء الأمور تم تبرئة كل رموز نظام مبارك.
سيناريو خبيث
يقول المهندس محمد سامى فرج، رئيس مركز دعم المبادرات السياسية والتنموية: ان خطوات الاستدراج القضائي هي أن يتم إقناعك بالتسليم بدولة القانون وحكم القضاء الذي هو عنوان الحقيقة، ويتم اصدار حكم قضائي في الدرجة الاولى يؤيد مطالبك ،لتهتف يحيا العدل ،وتتغنى بالقضاء العادل المحترم في مصر
وأضاف فرج في تصريح صحفي : ثم يتم الطعن على حكم محكمة الدرجة الأولى، وبعد ذلك الاستئناف ينقض الحكم ويصدر حكما نهائيا ضدك ، ووقتها لن تستطيع أن تقول القضاء غير عادل أو تطعن في الحكم لأنه جاء على غير مصلحتك.
واوضح سامي ان هذا سيناريو خبيث جدا ، تم استخدامه في كل محاكمات مبارك ورجاله، في قضية تصدير الغاز المصري وغيرها، فقد تم استدراجك وقبلت بقواعد اللعبة التي هم يملكونها.
وأكد المستشار محمد حامد الجمل، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة سابقًا، أنه سيتم الطعن على الحكم الصادر من مجلس الدولة ببطلان اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية ومصرية جزيرتى تيران وصنافير.
وأوضح أنه طبقا للدستور والقانون فان مجلس الدولة يختص بالقرارات الإدارية أما تيران وصنافير فهى تتعلق بالسيادة وهذا من اختصاص البرلمان.
وأكد في تصريح صحفي، أن هذا الحكم سيتم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا باعتبارها صاحبة الاختصاص، ومن المتوقع أن يلغى حكم مجلس الدولة، وطبقًا للطعن فإنه يوقف تنفيذ الحكم وبالتالي مسألة مناقشة البرلمان للاتفاقية أمر وارد طالما سيتم الطعن على الحكم.
ابتزاز السعودية لمزيد من الرز
ويرى مراقبون، في قرار المحكمة الإدارية المصرية الأخير والقاضي ببطلان اتفاقية “تيران وصنافير” رسالة سياسية للسعودية تحمل نوعا من الابتزاز، مستبعدين في الإطار ذاته أن يكون الحكم قضائيا ومستندا لأدلة وبراهين.
وأكدوا بأن القرار سياسي بامتياز يهدف من خلالها النظام المصري الذي يترأسه عبد الفتاح السيسي إلى إيصال رسائل إلى الرياض، مستنكرين بأن يتم إصدار مثل ذلك الحكم في وقت أكدت في الرئاسة أن الجزر تعود ملكيتها للسعودية.
يعلق الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، عبر”تويتر”: “مفاجأة.. محكمة مصرية تقضي بعودة تيران وصنافير لمصر.. هذه رسالة من النظام لها هدف ما.. لا أحد يصدق أن القرار عفوي”.
وأضاف : “قرار المحكمة المصرية بشأن تيران وصنافير هو رسالة كما قلنا، وسيُلغى حال تحقق الهدف منها.. المصيبة أنها رسالة مفضوحة، فالكل يعرف طبيعة القضاء”.
ويؤكد الكاتب الصحفي محسن علي السهيمي عبر “تويتر” إن “حُكم القضاء الإداري المصري ببطلان اتفاقية #تيران_صنافير هل هو دليل على استقلالية القضاء المصري؟ أم هو مخرج للحكومة المصرية؟ أم عملية ابتزاز؟”.
تراجع السيسي أمام الرفض الشعبي
ويؤكد الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبدالباري عطوان، أن السيسي تعرض، ويتعرض، الى ضغوط مكثفة من المؤسستين العسكرية والشعبية للتراجع عن هذا الاتفاق، والتنازل عن الجزيرتين .
واضاف: بينما صادق مجلس الوزراء السعودي عليه، لم يعرضه الرئيس السيسي على البرلمان المصري للتصديق عليه مطلقا، ولو كان يريد اعتماده لعرضه فور توقيعه، خاصة ان معظم نواب هذا البرلمان من مؤيديه، ولا توجد اي معارضة حقيقية له تحت قبته.
وتابع عطوان في مقاله: أن الجميع يدرك، خارج مصر وداخلها، ان القضاء المصري ليس مستقلا مئة بالمئة، وان معظم احكامه يتم التحكم فيها من قبل السلطة السياسية التنفيذية العليا في البلاد، مثلما هو الحال في معظم، ان لم يكن كل، دول العالم الثالث، ومن هنا لا نعتقد ان عبد الفتاح السيسي فوجيء بمثل هذا القرار، او لم يكن على علم مسبق به، هذا اذا لم يكن قد اوعز به فعلا.
واختتم: المصريون يتمتعون بحساسية مفرطة وغير عادية تجاه مسألة التنازل او بيع الارض، ويعتبرون مسألة البيع هذه خطيئة كبرى يستحق من يقدم عليها النبذ، وربما القتل ايضا، ولعل اشهر اغنية في التراث الشعبي المصري تلك التي تقول “عواد باع ارضه يا ولاد” ورددها المحتجون كثيرا في مظاهراتهم، ووصلت اصداؤها الى السيسي، حتما اضجعت منامه.