بعد تفجيرات مطار اسطنبول – والتي أسفرت حسب رئيس الوزراء التركي عن 36 قتيلا وعشرات الجرحى – خرج أردوغان ليقول: نتوقع من العالم أن يظهر “الآن” صرامة ضد الإرهاب!
وكما كان يقول الدكتور المسيري رحمه الله عن تفكيك الخطاب والمصطلحات، فإن المقصود “بالعالم” هنا هو العالم الغربي، مثلما ألف ماركس كتاب “المسألة اليهودية”، وهو يقصد “المسألة اليهودية ليهود شرق أوربا”!
كلمة “الآن” في كلام أردوغان هذه تعني أن العالم لا يواجه الإرهاب فعلا، أو على الأقل لا يواجهه بصرامة!
وأورد هنا بعض الأمثلة التي تدل على أن العالم الغربيغير جاد في مواجه الإرهاب، بل ربما يحركه لتحقيق أهداف سياسية عديدة!
1- أعلنت تركيا أنها ألقت القبض على عميل للمخابرات الكندية يهرب فتيات للقتال في صفوف داعش، طبقا لوزير الخارجية التركي مارس 2015 (الجزيرة). فما مصلحة الغرب في دعم صفوف داعش وإيجاد مقاتلين له؟؟
2- في هجمات بروكسل؛ أكد بيان للرئاسة التركية أنه تم اعتقال أحد المنفذين وهو “إبراهيم البكراوي”، في محافظة غازي عنتاب التركية، و تم ترحيله في عام 2015 وإعلام السلطات البلجيكية بخطورته.
3- في هجمات باريس؛ أعلن مسؤول في الحكومة التركية لوكالة فرانس برس أن الشرطة التركية أبلغت الشرطة الفرنسية مرتين (ديسمبر 2014، يونيو 2015) عن أحد مهاجمي مسرح باتاكلان وسط العاصمة الفرنسية، وهو “عمر إسماعيل مصطفاوي”. وأضاف: “لم نحصل أبدا على رد من فرنسا بشأن هذه القضية”.
وفي كل مرة كان يتم توظيف الحدث سياسيا، لفرض إجراءات للحد من استقبال اللاجئين. فبعد هجمات باريس مثلا، سارعت السلطات الفرنسية على الفور لاتهام لاجئين سوريين بالوقوف وراء الحادث! واستطاعت المتفجرات إحراق كل شيء، إلا جواز سفر لاجئ سوري في المكان، ليذهب أي تعاطف للشارع الغربي مع اللاجئين!
***
هل الغرب حريص حقا على محاربة الإرهاب؟؟ أم أنه يستفيد منه ويوظفه؟؟
تاريخيا ثبت أن أميركا وراء الكثير من التنظيمات المسلحة، التي تثير المشكلات باسم الإرهاب الإسلامي، وتستفيد منها والأنظمة المستبدة التي تدعمها، أو ما يعرف باستراتييجية التوتر.
ويبدو أن هذه اللعبة أدركها الكثيرون، فراقت لروسيا الغاضبة من تركيا، وإسرائيل الناقمة عليها، والأكراد المعادين لها، والذين عقدوا جلسات مع مسؤولين مصريين بالقاهرة مؤخرا، وفق صحيفة حربيت التركية، تمهيدا لفتح مكتب لهم في القاهرة، ودعمهم بالمال والسلاح، مقابل تنفيذ الأكراد لعمليات في الأراض التركية وجمع معلومات عن الإخوان هناك!
ويبدو أن قرار تركيا عودة العلاقات مع روسيا وإسرائيل لسابق عهدها مجرد ضرورة يحتاج إليها الأطراف الثلاثة، ولا يعني قط أنها صارت على وفاق تام مع هذه الدول، وأن العداء سيظل ممتدا لفترة أطول!
ومع النجاحات التي تحققها الخطوط الجوية التركية، وبناء أنقرة أكبر مطار في العالم، فإن قطاع الطيران التركي كان مستهدفا منذ زمن! فهل ترد روسيا على إسقاط طائرتها في سوريا بضرب المطار في تركيا؟؟ من المبكر الحكم، لكني أؤكد أن هذه الطريقة تلائم تفكير الروس كثيرا!
***
الخلاصة: مع رفضنا لكل سياسة تطبيع مع الاحتلال، بما فيها تطبيع تركيا القائم مع الكيان الصهيوني منذ 1949، فإننا نقدر مواقف تركيا في دعم الثورة السورية والمصرية. ويجب أن نتنبه للخطر المحدق بالدولة التركية، والمتمثل في أكراد يريدون تفتيتها، وجيران يريدون لا يعجبهم نظام الحكم فيها، وأن بدائل نظام الحكم الحالي في تركيا ليست جيدة على الإطلاق!