أجمع عدد من خبراء الاقتصاد أنه بالرغم من فشل عناصر الجيش التركي في تنفيذ عملية انقلاب عسكري، وعودة الحياة لطبيعتها نوعًا ما، إلا أن هناك تحديات اقتصادية لتواجه بها الخسائر الحالية والمتوقعة الفترة القادمة.
وقالت وكالة “بلومبرج”، المعنية بالشؤون الاقتصادية والمالية، في مقال نشرته مؤخرًا، إن محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا قد تتحول إلى أزمة اقتصادية طويلة الأمد في البلاد.
واستندت الوكالة في مقالها لآراء خبراء اقتصاديين، وقالت إن حالة عدم الاستقرار السياسي ستكون نتائجها كارثية على تركيا، التي تمول حاليًا أكثر مشاريعها على حساب الاستثمارات الأجنبية.
تأثر العملة
فبعد ساعات من الانقلاب، بدأ التأثر الاقتصادي يسيطر على المشهد، حيث تأثرت العملة التركية “الليرة” لأدنى مستوياتها في 8 سنوات، بعدما أعلن الجيش التركي السيطرة على البلاد في انقلاب عسكري فاشل على حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ورغم فشل محاولة الانقلاب العسكري على النظام السياسي التركي ورئيسه رجب طيب أردوغان الذي لم يستمر إلا لساعات، يبدو أن الوضع الاقتصادي سيخسر كثيرًا خلال الفترة المقبلة نتيجة تداعيات محاولة الانقلاب وحتى يتمكن النظام التركي من إعادة السيطرة على الأوضاع بشكل كامل.
فبمجرد الإعلان عن محاولة الانقلاب وإذاعة البيان الأول للجيش التركي بالسيطرة على الأوضاع والإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان، انخفضت الليرة التركية بأكثر من 5% أمام الدولار وتهبط لأدنى مستوى في ثلاثة أسابيع أمام الدولار الأمريكي في أواخر التعاملات في سوق نيويورك، يوم الجمعة الماضي، ليتم تداول الدولار في أحدث معاملة عند 3.0415 ليرة .
تضرر السياحة
توقع الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي، أن تكون السياحة هي القطاع الاقتصادي الأكثر خسارة فى ظل تعليق الرحلات من وإلى مطار أتاتورك الدولي إلى أجل غير مسمى، في ظل استمرار الأوضاع المتوترة، وبحسب مراقبين، فإن تركيا قد تخسر إيرادات موسم السياحة في السنة الحالية بسبب التوترات السياسية والأمنية، واستمرار تداعيات محاولة الانقلاب.
ونتيجة لتوقف حركة الملاحة الجوية بمطار أتاتورك، ألغت دول عدة من بينها مصر والإمارات وبريطانيا واليونان وإيران وكوريا الجنوبية تسيير رحلاتها الجوية إلى تركيا تحسبًا لأي تفاقم في الأوضاع، بينما أكد رئيس الخطوط الجوية التركية لـ”سي.إن.إن”، أن الرحلات الجوية ستعود إلى طبيعتها الساعة 1100 بتوقيت غرينتش، بعد تحويل مسار 35 طائرة وإلغاء 32 رحلة جوية اليوم.
مجال الاستثمار
وقال الفقي في تصريح لـ”رصد” أن الأحداث التي شهدتها تركيا مذن بداية العام كبيرة خلال الأونة الأخيرة سواء داخليًا أو خارجيًا زادت حدتها أمس، إلا أنه في الوقت الحالي سيزداد الأمر صعوبًا أمام المستثمرين وسيتاثر مجال الاستثمارات بالسلب نتيجة هذه الأحداث.
وأشارالفقي إلى أن المستثمر لجأ لتركيا خلال العشر سنوات الأخيرة باعتبارها أحد الدول التي تجمع بين الاستقرار الأمني الداخلي والدولي، و علاقاتها بالدول الأوروبية فتحت لها مجالاً كبيرًا للسياحة والاستثمارات الضخمة.
تراجع النمو
من جانبه توقع الدكتور أحمد سعيد أستاذ التمويل والاستثمار بقسم إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة القاهرة، تراجع معدل النمو في تركيا نظرًا لتأثر الاقتصاد بالشأن السياسي، بما يخص استقرار الأوضاع الأمنية، وما يرتبط بها من الحفاظ على الاستثمارات الداخلية.
وأوضح في تصريح لـ”رصد” أن الاقتصاد التركي سيشهد معدلات تراجع في النمو تقدر بـ 3%، مؤكدًا أنها لن تستمر طويلًا، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نجح في وضع مجموعة أسس يقوم عليها الاقتصاد التركي، أهمها السياحة والصناعة والاعتماد على المكون المحلي.
كما توقع اقتصاديون تراجع الأسهم فى تركيا بنسة تصل إلى 20% بغض النظر عن النتيجة السياسية، وأشار عماد موستاقى، استراتيجي فى شركة “اكسترات” للاستشارات فى لندن، إلى أنه رغم فشل الانقلاب يعد كارثة بالنسبة لتركيا ويزيد نسب المخاطرة على الجانب السياسي ويجب عليها اتخاذ اجراءات صارمة، حيث يروا أن الاضطرابات السياسية تترك الاقتصاد التركي عرضة للخطر نظرًا لاعتمادها على الاستثمار الأجنبى لتمويل العجز في الحساب الجاري.
ونقلت وكالة الأنباء الدولية “رويترز” عن تاي وونج مدير المعادن النفيسة في (بي.إم.او كابيتال ماركتس) في نيويورك قوله “الذهب قفز 10 دولارات على مدى الساعة الماضية، عندما بدأ واضحًا أنه توجد محاولة إنقلاب في تركيا”.
و زادت أسعار النفط إلى أكثر من 1% في التعاملات اللاحقة على التسوية وارتفعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 71 سنتا أو 1.50% إلى 48.08 دولار للبرميل، بعد أن كانت سجلت 47.61 دولار عند التسوية.