يرى الكاتب الإسرائيلي “أورين كسلر” أن العلاقة الوطيدة الحالية بين القاهرة و”تل أبيب” – التي وصفها بالشراكة- تزداد بشكل كبير في الوقت الذي تعاني فيه مصر من تراجع لنفوذها الإقليمي وتضع فيه “إسرائيل” ضمن أولوياتها .
وقال الكاتب: إنه خلال الأيام الماضية شهدت مصر ذكرى ثورة 1952 ، وفي الجوار عقدت السفارة المصرية في إسرائيل إحتفالا حضره رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” وزوجته ، وأيضاً الرئيس الإسرائيلي، وتم عزف النشيد الوطني للبلدين ، بينما كانت ترفرف أعلامهما جنباً إلى جنب ، وهي المرة الأولى التي تحيي فيها السفارة المصرية الحدث على مدار خمس أعوام .
واضاف الكاتب: “كانت لفتة إستثنائية ، في وقت إستثنائي في العلاقة بين بلدين هما حجر الزاوية في الحلف الموالي للولايات المتحدة في شرق البحر المتوسط ، وقبل أسبوعين أصبح سامح شكري أول وزير خارجية مصر يزور إسرائيل خلال التسعة أعوام السابقة ، وهو ما يكسر سنوات من البروتوكول الغير مكتوب مفاده أن العلاقة مع الدولة اليهودية تديرها المخابرات المصرية، وبهذه الزيارة يكسر شكري قاعدة مصرية أخرى غير مكتوبة، وهي عدم عقد لقاءات رسمية في القدس التي تعد أكثر المدن المثيرة للخلاف ، إذ التقى التقى الجانبان في مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقدس حيث شاهدا إحدى مباريات بطولة أروبا لكرة القدم .
وأشار الكاتب إلى تمركز العلاقة بين “إسرائيل” ومصر منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق مبارك حول تأمين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة حيث يواجه الجيش المصري تمرداً أودى بحياة 700 شخص معظهم من المجندين في الجيش والشرطة وبعض الإسرائيليين ، وتجري مشاركة المعلومات الإستخباراتية بين الجانبين بشكل وثيق ، وفي قطاع غزة المجاور هناك حماس التى لم تعقد العزم فقط على تدمير إسرائيل بل أيضاً تتعاون مع مسلحي سيناء – بحسب الكاتب الإسرائيلي – وتقوم بإثرائهم عن طريق إقتصاد الأنفاق ، وتشكل الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين ، التي تعتبرها القاهرة الخطر الأكبر على أمنها القومي .
وأشار الكاتب إلى تغير نظرة الكراهية بين الدولتين التي تحدث حالياً ، وتخشى مصر الآن من زوال نفوذها الإقليمي وسط الأزمات في العراق وسوريا واليمن ، ودورها الحالي هو ضئيل مقارنة بدول أخرى كبيرة النفوذ ، كالسعودية وإيران ،أما على جانب الصراع العربي الإسرائيلي تقف كلاعب وحيد ، وفي الوقت الذي تصعد فيه واشنطن من جهود التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين تبدو القاهرة هي الوسيط المفضل لدى الإسرائيليين والفلسطينيين .
ويتابع الكاتب : ” في نفس الوقت تضع مصر إسرائيل على ضمن أولوياتها الدبلوماسية والإقتصادية ; وخلال الشهر الماضي أنهى نتنياهو جولة في أفريقيا شملت أثيوبيا التي في نزعع دائم مع مصر بسبب بنائها لسد النهضة ، وتغضب مصر عندما ترى نفوذها الأفريقي ضعيف جداً في حين يزداد نفوذ جارتها الشرقية .
وبشكل أوسع تخشى القاهرة و “تل أبيت” إنسحاب الولايات المتحدوة عسكرياً ودبلوماسياً من الشرق الأوسط ،في ظل التهديدات المشتركة المتمثلة في تنظيم الدولة وحماس ،في حين تتراجع العداوة القديمة .
وختم الكاتب بالقول:”تمثل العلاقات الوطيدة بين مصر و”إسرائيل” على نحو متزايد نموذج لحلفاء للولايات المتحدة يتعاونون من أجل المصالح المشتركة ،وفي منطقة تشتعل فيها الحروب الأهلية في سوريا والعراق وتطهير ما بعد الإنقلاب في تركيا تبدو شراكة القاهرة و”تل أبيب” كجزء من الأخبار الجيدة في المنطقة .