في ظل 7000 سنة حضارة واحتلال من مختلف المسميات والجنسيات، لم يقل أحد عنها أنها شبة دولة، رغم ما مرت به من هزائم ونكبات لم يقم محتل ببيع شبر من أرضها، رغم سلمية شعبها الزائدة وتنازله الزائد عن حقوقه حمى المحتل نهرها حتى لا يجف وتظل أرضها سلة غلال له فعقد المعاهدات للحفاظ على هذا الشريان، في ظل ما أسموه الملكية الفاسدة والسراي والاحتلال كانت مصر دولة عظيمة، في كل شيء (جمال – زراعة – علم – اقتصاد – حتى في مجال الحريات)
مصر في ظل الملكية
- كانت القاهرة أجمل مدن العالم
- كانت مصر أكبر مصدر للقمح.
- أنشئ الملك جامعة فاروق الأول، كما كان يأتي إلى مصر طلاب اجانب كثيرون ليتعلموا بسبب تعليم مصر الجيد
في الاقتصاد:-
بأيام المليكة كان الاقتصاد يقوم على أفراد وليس على الدولة التي لا يستطيع أحد محاسبتها، لذا كان الاقتصاد المصري أقوى من الآن بمراحل رغم الاحتلال والسراي والفساد الذي ادعى العسكر أنهم ثاروا ضدهم، كان الجنيه المصري أعلى سعرًا من (الجنيه الذهب)، وكان الجنيه الذهب يساوي (٩٧.٥ قرش صاغ مصري)، والثورة استلمت البلاد والجنيه المصري أقوى من الاسترليني والدولار والريال والمارك الألماني والين الياباني، وحتى بداية السبعينيات من القرن الماضي، كان الدولار بـ (٣٥ قرشًا مصريًا) والريال السعودي بعشرين قرشًا
- كانت ديون مصر “صفر” وكانت إنجلترا مديونه لمصر
- كانت نسبة البطالة تقريباً 2%.
في الحريات:-
كان هناك دستور ينص على:
- الحرية الشخصية مكفولة.
- لا يجوز القبض على أي إنسان ولا حبسه إلا وفق أحكام القانون .
- عقوبة المصادرة العامة للأموال محظورة.
- لا يجوز إفشاء أسرار الخطابات والتلغرافات والمواصلات التليفونية إلا في الأحوال المبينة في القانون.
- حرية الرأي مكفولة . ولكل إنسان الإعراب عن فكرة بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك.
كانت ميزانية الدولة تنشر بالصحف بكل شفافية، نشرت جريدة اللطائف المصرية «انفوجراف» نقلت خلاله ميزانية مصر لعام 1948/1949، والتي تنقل ما كانت تعيش فيه البلاد من حالة اقتصادية على وجه التحديد، وتعكس شكل الحياة الاجتماعية والسياسية، نقلت الصحيفة جميع البيانات المتعلقة بالإيرادات والمصروفات في جميع مؤسسات الدولة، بما فيها الجيش ونفقاته، مع توضيح في البداية أن إجمالي الميزانية المصرية في هذا الوقت بلغت 183 مليون و425 ألف و100 جنيه، وفائض في الميزانية بلغ حوالي 10 ملايين جنيه.
- ميزانية دعم فلسطين 30 مليون جنيه.
- ميزانية الدفاع (الجيش) 20 مليون جنيه.
- المخصصات الملكية مليون جنيه.
- إعانة غلاء 11 مليون جنيه.
- خطة تنفيذ إنصاف العمال 2 مليون و700 ألف.
- معاشات ومكافآت 9 ملايين و880 ألف.
- مصروفات تخفيض غلاء المعيشة والسلع التموينية 16 مليون و600 ألف.
- استكمال الخطة الخمسية (خطة إعادة بناء ما بعد الحرب العالمية) 9 ملايين جنيه و400 ألف.
- وزارة المعارف (التعليم) 16 مليون و200 ألف جنيه.
- وزارة الصحة 2 مليون و500 ألف جنيه.
- وزارة الأشغال 12 مليون و480 ألف جنيه.
- وزارة الداخلية 7 ملايين و500 ألف.
- وزارة الزراعة 4ملايين و200 ألف.
- وزارة العدل 2 مليون و600 ألف.
- وزارة الشؤون الاجتماعية مليون و600 ألف
أيام “الملك الخائن” كما زرع العسكر في عقولنا كانت أكبر ميزانية لدعم فلسطين، يليها الجيش والتعليم، وهذا يوضح لنا أهم البنود التي تهتم بها الدولة، ثم يأتي بند ثاني يوضح لنا كم كان الملك رأس الإقطاعيين في مصر لا يهتم أبدا بالشعب ولا الفقراء لا يهتم سوى بسهراته وملذاته يرفل في النعيم بدون حسيب أو رقيب والشعب يتضور جوعا، لا يجد (من يحنو عليه) وهو بند (إعانة الغلاء)+( مصروفات تخفيض غلاء المعيشة والسلع التموينية )+( خطة تنفيذ إنصاف العمال)
هذه بنود داخل ميزانية الدولة المحتلة التي يقبع على كرسي الحكم فيها فاسد، فيشير الرقم المخصص للاهتمام بالفقراء والعمال والموظفين أنهم كانوا من أولويات الدولة، هذا بأيام ما كانت مصر دولة لكن علي يد العسكر صارت شبه دوله باعتراف رئيسهم.
أيام الملكية والظلم والقهر والاستعباد والإقطاعيين كان في فائض ميزانية حوالي 10 مليون جنيه بأيام كان الدولار بربع جنيه، يعنى حوالي 40 مليون دولار( الملك حرامي وكان لازمًا قيام ثورة عليه)
لكن التاريخ الحقيقي الذي لم تكتبه يد العسكر يروي لنا أن الثورة لم تكن للتخلص من الاحتلال لأنه بموجب اتفاقية 1936 التي حولت علاقة مصر ببريطانيا إلى علاقة تحالف وشكلت الخطوة قبل الأخيرة في الجلاء عن مصرفي 1956 أي بعد عامين فقط من قيام انقلاب يوليو. وليس كما يدعى الكثيرون أن عبد الناصر هو من قام بإجلاء الإنجليزي من مصر.
أما ما كتبوه عن فساد الملك والسراي فليس هناك أبلغ مما ذكرناه مع المقارنة لما وصلنا إليه على يد “طغمة” العسكر الفاسدة، لنعلم من الفاسد الحقيقي ومن أراد أن يحول مصر لشبه دولة ممزقة.
مصر في ظل العسكر
في بداية قصة استيلاء العسكر على الحكم (كيف لدولة مثل بريطانيا أن تنصاع لفكر قلة من العسكر المصري وهي صاحبة النفوذ والقوة إلا إذا كان الأمر مدبر بينهم للتخلص من الملك الذي صار خارج نطاق السيطرة وتداركا لفرض سيطرتهم على البلاد عن طريق جنود تربوا تحت أيديهم خاصة وأن جلائهم صار وشيك)
يترك الملك عرش مصر دون إراقة دماء، ليترك لنا نموذجًا في حب مصر مقارنةً بما فعله العسكر للحفاظ على وجودهم بالحكم على جثث وأشلاء الشعب.
– بمذكرات كثير من ضباط انقلاب يوليو اعترفوا أن عبد الناصر ومن معه كانوا وراء حريق القاهرة أجمل مدن العالم
في الاقتصاد
بدأ العسكر حكمه بتأميم المشروعات الصناعية والتجارية واحتكر بالتدريج كل شيء لنفسه، فبكل بلاد الدنيا شركات تعمل بالمقاولات وأذون الاستيراد، يعمل بها موظفين وتقوم بدفع ضرائب للدولة، إلا مصر فالجيش يأخذ معظم المقاولات كالمباني العادية والمدارس والمستشفيات والطرق والكباري والأنفاق والملاعب ولا يدفع ضرائب وليس هناك موظفين فالعاملين عنده (جنود سخرة)، ويقوم هو باستيراد اللحوم والزيت ولبن الأطفال والمكيفات وبالتالي فان الشركات التي تعمل بتلك الصفقات قد أفلست وسرحت موظفيها فزادت البطالة وقل الدخل القومي لعدم دفع الجيش للضرائب.
أما في مجال السياحة فقد وضع الجيش يده على أفضل الشواطئ بمصر، ولم يترك للمستثمرين وعمال الشواطئ إلا سقط المتاع هذا إلى جانب تصرفات العسكر الخرقاء الطائشة التي قتلت السياحة والزراعة فمنعت مثلا دعم القطن وخذلت زارعي القمح، كما سيطر على مناجم الفوسفات والذهب، وجبال الرخام وحرم خزينة الدولة من إيراداتها، فكان سبب في البطالة وهروب المستثمرين وخراب خزينة الدولة.
كما ضاعت على مصر فرصة تنمية الثروة السمكية بسبب تعنت الجيش مع وزارة الزراعة مع أصحاب مراكب الصيد لدرجة أن رجال الأعمال والمستثمرين تركوا الاستثمار في مراكب الصيد يعني حاصروا الناس في البر والبحر.
في مجال الحريات
كان نظام جمال عبدالناصر مختلفا جدا بالطبع، إذ قضى بضربة واحدة على سيطرة الاقطاع، ولكنه أيضا قضى قضاء مبرما على نظام الأحزاب، واستعاض عنه بنظام الحزب الواحد، وقام بتأميم الصحف. وكان تبريره لذلك أن الحرية الحقيقة هي حرية “الحصول على لقمة العيش”، فلا فائدة من تنافس الأحزاب، وتبادل المراكز السياسية، إذا ظل معظم الناس محرومين من فرص العمل والعيش اللائق بالآدميين.
قاموا بإلهاء الشعب بلقمة العيش على حساب حريته، كما قاموا بتهميش الكثيرين من المثقفون والأدباء لأن معظمهم كانوا يخالفونهم الرأي ووضعوهم في السجون والمعتقلات، وصار الجميع تحت رحمة العسكر عن طريق تسجيل مكالماتهم الشخصية أو حتى تصويرهم داخل غرف نومهم دون مراعاة لأي حريات.
كل هذا الفساد والنهب دون أي محاسبة فمصر صارت وسيلة للعسكر وكل الشعب لديهم عبيد لا يجرؤ أحد ولا البرلمان على مناقشة طغمة العسكر في ميزانية الدولة أو ميزانية الجيش، صار كل ما يتعلق بالوطن أمن قومي محظور على الشعب أن يعلمه.
(ميزانية الدولة – دخل قناة السويس – سعر الدولار- قضايا الفساد – شروط القروض – أين ذهبت أموال الهبات والمساعدات)
-على يدهم صارت مصر أكبر مستورد للقمح، كما ضاع نهر النيل، على يدهم بعد أن كانت مصر معها السودان وغزة انفصلت السودان وضاعت غزة وسيناء التي خسرها جمال عبد الناصر في عام 67 فخرج على الشعب بخطاب عاطفي يعلن تنحية وهو يعلم جيدًا أن الشعب سوف يخرج ليطالبه بعدم التنحي، لأنهم لا يملكون بديل أخر، خرج لأنه أراد الاستناد على شرعية الشعب، واستمالته عاطفيًا، تجنبًا للتمرد عليه وعلى الحكم العسكري (ما أشبه اليوم بالبارحة)
عاش الشعب المصري في ظل حكم العسكر عيشة الذل والخوف والإرهاب، يلهث وراء لقمة العيش في طابور الجمعيات.
أتعجب من أمر من يدافعون إلى الأن عن حكم العسكر وأنه الرحمة التي حلت بالبلاد والعباد، برغم أنه من أتى بالفساد والديكتاتورية والقمع للحريات، هم من جعل شعب مصر عبيد بالداخل والخارج بعد أن كان يأتي إلى مصر اليونانيين والإيطاليين للعمل، صار شباب مصر يهرب إلى تلك الدول بطرق غير شرعية فيموت معظمهم غرقا في البحر هربا من الموت غرقا في الفقر أو الموت قهرًا في معتقلات العسكر.