سعيا للسيطرة على ثاني أكبر مدن سوريا، ومركزها الاقتصادي، استقدمت كل من قوات المعارضة والنظام السوري عشرات آلاف من المقاتلين، بعدما تمكنت قوات المعارضة من فك الحصار عن المدينة، السبت الماضي.
وأعلنت كل من فصائل المعارضة، من جهة، والنظام وحزب الله والمليشيات المؤيدة له، حشد تعزيزات عسكرية لمعركة حلب، كما كشفت تقارير صحفية وميدانية أن عدد المقاتلين قد يتجاوز العشرة آلاف مقاتل.
استعدادات المعارضة
من جانبه، توعد “جيش الفتح”، أبرز التحالفات العسكرية التي فكت حصار حلب، بـ”مضاعفة أعداد المقاتلين ليستوعبوا المعركة القادمة”، مؤكدا على استمرارهم حتى رفع راية الفتح على قلعة حلب، وتحريرها بالكامل.
وأوضح “جيش الفتح”، الذي يضم “جبهة فتح الشام” وفصائل أخرى أبرزها “أحرار الشام” و”فيلق الشام”، لسكان حلب أن هدف المعركة هو “نصرة المظلومين”، داعيا في الوقت نفسه جنود جيش النظام للانشقاق و”إعلان التوبة”، وأعلنت “غرفة عمليات فتح حلب”، التي فكت الحصار من داخل المدينة، عن استعدادها لـ”معركة طاحنة”، لتحرير حلب.
وكشف قائد غرفة العمليات الرائد ياسر عبد الرحيم في تصريحات صحفية، الاثنين، أن “فصائل المعارضة لن تترك طريق الكاستيلو بيد قوات النظام ووحدات حماية الشعب، وأن ملحمة حلب الكبرى ستطال كل شبر في حلب”، وأشار “عبد الرحيم” إلى أن قوات المعارضة السورية “ستنتقم لدماء قتلاها الذين سقطوا بغدر وحدات حماية الشعب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية”.
وتوعد قائد غرفة العمليات “بحرب طاحنة”، مضيفا أنهم “لن يجدوا مكانا لدفن قتلاهم في حلب، وأن المعارضة مصممة على الانتقام من غدر وحدات الحماية بها خلال هجوم النظام السوري على طريق الكاستيلو”، بحسب وصفه.
استعدادات النظام
القرار الثاني، كما نشرته العديد من وكالات الأنباء، أن قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، المتواجد في العراق، أرسل ألفي مقاتل من حركة النجباء الشيعية العراقية المسلحة الممولة من طهران إلى مطار النيرب في مدينة حلب، لدعم قوات بشار الأسد، وذكرت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية، أن هذه القوة من القوات الضاربة التي شاركت في عمليات تحرير مناطق مختلفة في ريف حلب.
في حين نقلت -وكما جاء في الوكالة التابعة لفيلق القدس الإيراني أول أمس الأحد- عن مصدر عسكري إيراني قوله إن مطار النيرب العسكري في حلب شهد خلال الساعات الماضية حركة عسكرية نشطة وحركة إقلاع وهبوط كثيف للطيران الحربي، وأوضح المصدر، أن الجيش السوري والقوى الحليفة يتمركزون الآن في نقاط مهمة بمنطقة الرموسة، وهي معمل الأسمنت والعامرية والنقطة 606، وهي نقاط استراتيجية تجعل الجيش يتحكم بتحركات الإرهابيين، وفق تعبيره.
على صعيد ذي صلة، دخلت قوات النخبة التابعة لحزب الله اللبناني أو ما يعرف بقوات الرضوان، منطقة الحمدانية في غرب مدينة حلب؛ لاستعادة منطقة الراموسة الواقعة في جنوب غرب حلب من يد المعارضة السورية، بحسب الوكالة الإيرانية، وأوضحت الوكالة، أن العمليات العسكرية تُجرى بصورة مشتركة بين قوات الجيش السوري وحلفائه من ميليشيات حزب الله اللبناني والعراقية والأفغانية والإيرانية بالإضافة إلى غطاء من الطيران الروسي.
يُشار إلى أنه منذ الليلة الماضية باشرت مجموعات نور الدين زنكي، وفيلق الشام وجبهة النصرة والتركستاني، هجماتها على مواقع الجيش السوري وحلفائه، انطلاقا من شرق قرية المشرفة ومرتفعات أحد ومؤتة في كليتي التسليح والمدفعية.
أهمية المدينة
شكلت مدينة حلب الواقعة شمال سورية موقعًا استراتيجيًا مهمًا لقوات المعارضة السورية التي سيطرت على الجزء الشرقي من هذه المدينة، في إطار سعيها للسيطرة على مواقع استراتيجية أخرى شمال وجنوبي ووسط سورية، غير أن وجود “تنظيم الدولة” على خريطة النزاع السوري عقّد من فرص المعارضة للسيطرة على مناطق مهمة، وخاصة أن معادلة النزاع في سوريا تعني أن الكل يحارب الكل، ضمن استراتيجية توسيع النفوذ الجغرافي والوجودي.
من ناحية أخرى، تعتبر حلب هي أحد معقلين كبيرين للمعارضة على الحدود الشمالية مع تركيا، والمعقل الآخر هو إدلب، وتعتمد المعارضة في الشمال بشكل كبير على تأمين المساعدات والإمدادات عبر تركيا إلى حلب وإدلب من خلال معبري باب السلامة وباب الهوى على الترتيب، ومع قطع طريق الإمدادات في حلب فإنه لا يبقى للمعارضة سوى طريق إدلب للحصول على الإمدادات مع المعلم أن جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة تتمتع بنفوذ كبير في إدلب مقارنة بحلب.