رأى تقرير نشره موقع “ستراتفور” الأميركي أن قضية فساد القمح المكتشفة مؤخراً قد تدفع الحكومة إلى ترشيد أو إلغاء دعم محصول القمح ورغيف الخبز.
وبحسب التقرير فإن فضيحة أخرى تفجرت في قطاع القمح المصري ، إذ كشف النائب العام المصري في السابع من يوليو عن سرقة ما يزيد عن 60 مليون دولار من المخصصات المالية لشراء القمح ، وعلى الرغم من تخصيص هذه المبالغ المالية في الدفاتر الحكومية من أجل شراء القمح ،إلا أنها لم تستخدم من أجل الأغراض المخصصة لها ، وهذه ليست المرة الأولى التي تتعامل مصر مع قضية فساد في قطاع القمح ، وليست المرة الأولى التي يتم الكشف فيها على فساد منهجي ،متعدد الأفرع في إقتصادها النامي .
وتابع التقرير: “فقد المصريون بالفعل بعض الثقة في قدرة الحكومة على إدارة تأمين إمدادات الغذاء والإيفاء بوعودها بالقضاء على الفساد ،وعلاوة على ذلك فإنه من أجل الحصول على حزمة المساعدات التي تتفاوض مع البنك الدولى حولها ،فإنه يتوجب على الحكومة أن تلبي شروط البنك التي من بينها تخفيض الدعم ، وإثبات أن الحكومة المصرية جديرة بالثقة.
ويرى التقرير أن الحكومة المصرية قلقة للغاية من توفير الطعام لمواطنيها المعتمد بشكل أساسي على توفير الخبز ، وذلك في الوقت الذي تدعم فيه الحكومة القمح المحلي في كل مستويات الإنتاج ; فعلى سبيل المثال يحصل الفلاح المصري على سعر أعلى للقمح في حال بيعه في السوق العالمي ، ويحصل الفرد في الأسرة المصرية على خمس أرغفة للخبز بسعر مخفض ومدعم للغاية .
ويلفت التقرير إلى الأهمية الكبرى لقطاع القمح المصري للسوق العالمي إذ من شأن الإضطرابات في السوق المصري الناتجة من عدم الإستقرار السياسي أن تؤدي إلى إضطرابات في السوق العالمي ، كما أنها قد تؤثر بالسلب على النظام المصري نفسه إحيث سيتوجب عليها تحمل تكلفة مخاطر توقيف شحنات القمح ، علاوة على أن دعم الحكومة للقمح يترجم إلى أسعار مبالغ فيها للمحصول ويولد الفساد في قطاع القمح المصري ، ونظراً للسعر المرتقع للقمح المحلي – يساوي ضعف سعر القمح المستورد- فإنه بإمكان السماسرة والمزارعين وأصحاب الصوامع خلط القمح المستورد مع القمح المحلي وتوريده على أنه قمح محلي صاف .
وذكر التقرير أن القضية بدأت بإعلان الحكومة المصرية تورديد 5 مليون طن من القمح من المحصول المحلي مقارنة ب 5.3 مليون طن العام الماضي ، وهو ما أثار شكوك المصريين ، وانصبت هذه الشكوك حول قيام السماسرة بخلط القمح المستورد رخيص الثمن بالقمح المحلي قبل بيعه للحكومة ، ويتوقع أن تتشارك أطراف عدة في مثل هذا الفساد مثل المسئولين في عدة وزارات مصرية وملاك الصوامع والسماسرة الذين يقومون بتوريد القمح .
كما يشير التقرير إلى التبعات الخطيرة للقضية على الدولة وقيادتها مع إتساع الأطراف المتهمة فيها ;إذ تقوم الدولة بالتفاوض مع البنك الدولي للحصول على 12 مليار دولار ، وقد تمنع القضية حصول مصر على مبلغ تسعة مليارات دولار ، وللحصول على هذه المساعدات سيتوجب على مصر تخفيض دعمها للقمح المحلي ، ولن يتوقف الأمر على دعم مزارعي القمح بل قد يمتد إلى مراجعة نظام دعم الخبز المقدم إلى الأسرة المصرية نفسها وتقليل عدد الأرغفة المقدم إلى الفرد في الأسرة ، لكن وللتخلص بشكل فعال من أي دعم فإنه سيتوجب على الحكومة المصرية مواجهة الفساد المستشري ، لكن ذلك سيكون إجراء صعباً في بلد يعتمد إقتصاده على الدعم الحكومي .
ونظراً لحالة عدم الإستقرار الإقتصادي الذي تشهده مصر ومطالبة البنك الدولي تخفيض الدعم في أعقاب فضيحة القمح، فإن هذا من شأنه أن يهدد مستويات المعيشة لمن يعانون الفقر الشديد في مصر المعتمدين في الغالب على أرغفة الخبز المدعمة الذي تقدمه لهم الحكومة للبقاء على قيد الحياة .
واختتم التقرير بقول “حتى الآن لم يتسبب فساد قطاع القمح في البلاد أزمة أو نقص في المعروض من الخبز ، وهو ما يقلل من فرص إستغلال المعارضة للقضية ضد السيسي ، وإلى أن تقوم الحكومة بحل هذه المشكلة ، ستظل الإجراءات الذي يتخذها السيسي موضع تساؤل”.