شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لماذا تلعب مع الصهاينة يا اسلام؟- محمد سيف الدولة

لماذا تلعب مع الصهاينة يا اسلام؟- محمد سيف الدولة
لقد تسببت مشاركة إسلام الشهابي لاعب الجودو المصري في المباراة مع اللاعب الإسرائيلي غضبا شعبيا واسعا في مصر

 

لقد تسببت مشاركة إسلام الشهابي لاعب الجودو المصري في المباراة مع اللاعب الإسرائيلي غضبًا شعبيا واسعًا في مصر، وكان الرأي العام ينتظر منه أن يتخذ قرارًا بالمقاطعة وعدم التورط في تطبيع رياضي مع العدو الصهيوني، أسوة بعديد من اللاعبين المصريين والعرب الذين فعلوها من قبله في مسابقات دولية متعددة، فخسروا المباراة بانسحابهم ولكنهم كسبوا حب واحترام وتقدير كل الشعوب العربية.

***

إن الشعب المصري والشعوب العربية تدرك وتؤمن أن إسرائيل كيانا استعماريا عنصريا باطلا غير مشروع وغير طبيعي، وتؤمن  بأن الأرض التي يعيش فيها غصبا ما يسمى “بالإسرائيليين” هي أرض فلسطين العربية، وأن هؤلاء ليسوا شعبا طبيعيا، بل هم مواطنين أجانب تَرَكُوا أوطانهم الحقيقية وجاءوا من شتى بقاع الأرض لاحتلال واغتصاب أرض لا يملكونها،  ولم يكفوا منذ عام ١٩٤٨ وما قبلها وحتى اليوم على ارتكاب المذابح والاعتداءات على الشعب الفلسطيني وباقى الشعوب العربية.

وإنه لولا تواطؤ ما يسمى بالمجتمع الدولي ومؤسساته، ولولا خوف واستسلام وتواطؤ غالبية النظم العربية والحكام العرب، لكانت فلسطين قد تحررت وعادت إلى أصحابها.

***

وحتى في مصر التي وقعت مع إسرائيل معاهدة سلام مشهورة باسم اتفاقيات كامب ديفيد، فإن المصريين يدركون جيدا أنه سلام بالإكراه، تم بعد أن قامت إسرائيل باحتلال سيناء عام 1967 في حماية الولايات المتحدة التي حالت دون أن يصدر قرار من مجلس الأمن بانسحاب القوات المحتلة بدون قيد أو شرط وفقا لما ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة. وبعد ست سنوات حين أراد المصريين تحرير ارضهم بالحرب وبالقوة تدخلت الولايات المتحدة مرة اخرى فى الحرب لتسرق النصر، وتفرض على القيادة السياسية الضعيفة السلام مع إسرائيل مقابل انسحابها من سيناء، مع فرض قيود على القوات والسلاح المصري في سيناء، واشترطت في الاتفاقية أن يتم تطبيع العلاقات المصرية الإسرائيلية في عدة مجالات، لنصبح أمام سلام بالإكراه وتطبيع بالإكراه.

وهو ما رفضه الشعب المصرى وقواه الوطنية وناضلوا ضده ونجحوا في ترسيخه، فأصبح التطبيع منذ عام ١٩٧٩ من المحظورات والمحرمات الوطنية الشعبية على أي شخص او حزب او نقابة أو رياضة … الخ.

وتاريخنا في العقود الماضية حافل بالحكايات عن الشخصيات الوطنية التي قاطعت مؤتمرات وفاعليات دولية عديدة اعتراضا على مشاركة إسرائيل، كما انه حافل بعدد من الشخصيات العامة التي فقدت سمعتها ومكانتها وتأثيرها وتعرضت للعزل الشعبي لانها تورطت في ممارسة التطبيع مع شخصيات إسرائيلية.

***

وحين قامت ثورة يناير، تحولت كل الحركات الوطنية المناهضة لإسرائيل ولكامب ديفيد والتطبيع إلى حركات جماهيرية قوية ومؤثرة بعد أن كانت محاصرة ومحظورة من السلطات، ونجح الشباب بعد أسابيع قليلة من الثورة في حصار السفارة الإسرائيلية في ٨ ابريل ٢٠١١ اعتراضا على ضرب غزة، ثم حاصروها مرة أخرى فى ٩ سبتمبر ٢٠١١ وأغلقوا مقر السفارة إلى الأبد بعد أن قامت إسرائيل بقتل عدد من الجنود المصريين في سيناء في شهر أغسطس.

ولكن في العامين الأخيرين، وقعت ردة كبيرة على الخط الوطني الذى تبنته الثورة المصرية، بل ردة على قواعد اللعبة الذي رسخها السادات ومبارك نفسيهما والتي كانت تلتزم بالتطبيع الرسمى ولكنها لا تشجع التطبيع الشعبي إلا تحت الضغط الأمريكي، فجاء السيسي ليعلن عن تدشين عصر جديد في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وصلت فيه العلاقات إلى مستوى من التعاون والتنسيق لم تصل إليه من قبل، يصفه القادة الإسرائيليون بالتحالف الاستراتيجي.

ولأول مرة يطرح عبد الفتاح السيسي خطابا سياسيا يتحدث فيه عن السلام الدافئ وعن الثقة والطمأنينة بين الطرفين وعن أن السلام أصبح في وجدان كل المصريين، وأخذ يدعو فى المنابر الاعلامية الدولية إلى توسيع السلام العربى مع إسرائيل. وبدأ عدد من الكتاب والخبراء المحسوبين على السلطة والمرتبطين بعدد من أجهزتها السيادية يروّجون علانية فى الأسابيع الماضية لأهمية وفوائد التطبيع مع إسرائيل. وقام سامح شكرى بزيارة لإسرائيل في أول زيارة لوزير خارجية مصري منذ عشر سنوات، وشارك نتنياهو شخصيا في احتفال السفارة المصرية بذكرى ثورة يوليو، وتكررت زيارات شخصيات ووفود من الكنيسة المصرية ورحلات سياحية دينية إلى القدس بالمخالفة لقرار البابا شنودة. وصدرت بيانات وتصريحات رسمية عن تطبيع أمنى سعودي إسرائيلى برعاية مصرية من بوابة الترتيبات الأمنية لجزيرتي تيران وصنافير…إلخ

 ولقد أصبح معلوما للجميع اليوم، الدوافع الحقيقية وراء هذا التقارب، حيث يعتبر السيسى أن إسرائيل هي بوابته الرئيسية للفوز بالاعتراف والشرعية والدعم من الولايات المتحدة ومجتمعها الدولي، ولقد قامت إسرائيل بالفعل في سابقة هي الأولى من نوعها في الضغط على الكونجرس والإدارة الامريكيتين لاستئناف المساعدات العسكرية لمصر.

في ظل هذه التوجهات الرسمية المصرية التى تعتبر فيه السلطة الحاكمة فى مصر، إسرائيل شريكا أمنيا وحليفا استراتيجيا هاما، جاءت مباراة إسلام الشهابي، والتى يشك كثير من المراقبين أنه قد تعرض لضغوط شديدة تمت بأوامر عليا، لكي يشارك في المباراة ولا يقاطعها.

 ولكن أيً كانت هذه الضغوط فإنها لا تبرر له سقطة التطبيع مع إسرائيل، العدو الأول للشعوب في مصر والعالم العربي. هذه السقطة التي لا تزال تحتل المرتبة الأولى في قوائم السقطات والانحرافات السياسية والوطنية فى الوجدان الشعبى المصري والعربي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023