لأول مرة تتحدث الدولة عن خصخصة وبيع المدارس الحكومية إلى القطاع الخاص، حيث ستطرح وزارة التربية والتعليم 200 مدرسة آخر الشهر الحالي للخصخصة وبيعها لرجال الأعمال لإدارتها، كأولى الخطوات الفعلية للتنصل من التعليم المجاني.
ينص الدستور على أن “التعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها”.
السبب في بقاء وزير التعليم
تعلق نهي علي – الخبيرة التربوية: خصخصة المدارس الحكومية وتحويلها الي مدارس تجريبية هي أحد الأسباب الرئيسية لبقاء وزير التعليم الحالي رغم فشله في الكثير من الملفات.
وأوضحت في تصريح خاص لـ”رصد”: خصخصة المدارس هي على رأس أولويات الوزير الحالي، ومحاولة من النظام للتحايل على مجانية التعليم التي لم يستطيع أي رئيس المساس بها، فتحويل 200 مدرسة الي مدارس تجريبية كمرحلة أولي سيتسبب في عجز في المدارس الحكومية، التي هي بالفعل قليلة وبها عجز، وأن رجال الأعمال سوف يستغلون الطلبة في هذه المدارس للحصول على الأموال منهم بكل الطرق.
تحكم رجال الأعمال في المدارس
يقول الدكتور سعيد إسماعيل علي، الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس : الآن جاء الدور على التعليم، فقد قررت وزارة التربية والتعليم، بدأ أولى عمليات الخصخصة بالمدارس الحكومية؛ حيث قررت اليوم طرح 200 مدرسة للبيع أواخر الشهر الحالي للخصخصة وبيعها لرجال الأعمال لإدارتها، وسط تجاهل الحالة الإقتصادية لغالبية الشعب المصرى الفقير.
واضاف في منشور له على “فيسبوك”: إن خطة وزارة التربية والتعليم خلال الفترة المقبلة هو وضع برنامجها بإشراف الحكومة والمقدم إلى مجلس النواب، بحجة إشراك رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني في العملية التعليمية، وذلك على حساب الطلاب وتحكم رجال الأعمال في المدارس.
التعليم الحكومي يتلاشى
ويؤكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، ان الحكومة تسعى خلال خطتها القادمة للتخلص من التعليم المجاني الذي أقره الدستور والقانون من أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مشيرًا إلى أن استبدال التعليم بمصروفات مكانه، بإدخال المستثمرين طرفًا في عملية بناء المدارس، هو الأزمة التي ستجعل التعليم الحكومي يتقلص ويتلاشى، وفي المقابل ستتزايد مدارس التعليم مدفوع الأجر مستقبلًا، الأمر الذي يجعل الفقراء غير قادرين علي التعلم.
وأضاف مغيث في تصريح صحفي: ليس من المتوقع أن ينحاز رجال الأعمال والمستثمرون إلى تعليم الفقراء بمقابل زهيد؛ لأنهم يسيرون وراء ما يخدم مصالحهم الشخصية وأهدافهم؛ لتحقيق مكاسب وأرباح من وراء التعليم بالمصروفات، وذلك يعني تحكمهم في المصروفات، وقد يصل الأمر إلى السيطرة على المناهج ومحتواها التعليمي.
الجامعات الخاصة
ويرى الدكتور محمد فوزي، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، إن تجارب رجال الأعمال ومشاركتهم في العملية التعليمية غالبًا ما كانت تنتهي باستغلال التعليم كوسيلة لتحقيق مكاسب وأرباح، كما نراه في الجامعات الخاصة التي تحولت إلى سلعة للربح وليس للتعليم.
وأشار فوزي إلى أن إسناد مدارس للمستثمرين ورجال أعمال ليس مستبعدًا أن يكون خطوة تمهيدية لأن يسند لهم المزيد من المدارس في السنوات المقبلة، وهو ما تسعى إليه الحكومة للتخلص من أعباء مجانية التعليم.