خرج علينا الاتحاد المصري للجودو ليؤكد بأن لاعبه إسلام الشهابي سيعلب مباراته القادمة في أولمبياد ريو دى جانيرو أمام اللاعب الإسرائيلي، ومنذ ذلك الإعلان خرجت أصوات كثيرة تطالب اللاعب بالانسحاب من المباراة، ولكن خرج اللاعب المصري وأكد أنه سيخوض تلك المبارة، وظللت الأصوات المطالبة بالانسحاب عالية حتى إقامة المبارة، وقد أقيمت المباراة وانتهت بفوز كاسح للإسرائيلي بالنقطة الكاملة، ووقتها رفض اللاعب المصري مصافحة اللاعب الاسرائيلي، فتم تحويل الشهابي للتحقيق وتبرأ منه الاتحاد المصري وأعلن بأن تصرف الشهابي بعدم المصافحة هو تصرف شخصي.
خسر الفرعون المصرى في الجودو من لاعب إسرائيلي، فالشهابى المصنف عالميا حائز على ذهبية العالم فى الجودو 2010، وخامس بطولة العالم للأساتذة باليابان، وذهبية الجائزة الكبرى للجودو بالصين وأبو ظبي، وبرونزية كأس العالم باليابان، وهو الأول على مستوى القارة الإفريقية ست مرات على التوالي، وبرونزية البحر المتوسط، كل هذا السجل الحافل لم يشفع للشهابي أن يخسر المباراة بالنقطة الكاملة في الدقائق الأولى.
اللاعب المصري قد يكون مورس عليه ضغوط ليقبل باللعب أمام منافسه الإسرائيلي، وهذا ما أعلنه رئيس الإتحاد المصري للجودو اللواء سامح مباشر في تصريحات إعلامية بأن قرار اللعب هو قرار الاتحاد وليس اللاعب، وأن الاتحاد قام بانفاق الأموال على اللاعب من أجل السفر والمشاركة وليس من أجل الانسحاب، ونظرًا لأن الرياضة في مصر ليست بمنأى عن السياسة، وأن المتحكم الفعلي في الرياضة المصرية هو النظام الأمني الذى يقود البلاد حاليا، فالقرار كان رياضي المظهر سياسي المغزى.
لقد كان التطبيع فى زمن مبارك محدودا، ويقتصر على مجالات محدودة، أما فى هذا الوقت فإننا عيش تطبييعا متكاملا في مختلف المجالات سياسيا وعسكريا وأمنيا واقتصاديا ومخابراتيا ومائيا وأخيرا وليس آخرا رياضيا، وهذا يشير إلى أن النظام المصري يؤمن بالتطبييع، ويعتبر إسرائيل صديق وحليف استراتيجي وأن السلام معها لابد أن يكون دافئا.
اللحية المصرية منذ الثالث من يوليو تمارس سياسة الطاعة للأمير المتغلب وأن طاعة أولي الأمر واجبة حتى وإن كانوا يتميزون بالديكتاتورية والاستبداد، لذلك كانت مشاركة اللاعب الملتحى فى تلك المباراة تنفيذا لهذه السياسة حتى وإن كان غير مقتنع بما يفعله.
الحكومة المصرية أرادت بتلك المشاركة أن تثبت للمجتمع الدولي بأن هذه المباراة وما سيتبعها هي من مخرجات السلام الدافئ الذي نادى به السيسي مع إسرائيل، وأن كلام السيسي ومبادئه تحولت إلى أفعال وواقع، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد كان رد فعل اللاعب المصري بعدم مصافحة المنافس الإسرائيلي، دليل على إجباره على خوض المباراة وعدم قناعته باللعب أمام هذا المنافس.
لقد مُنى الشهابى والاتحاد المصرى والجودو والنظام المصري بالكثير من الخسائر، فقد أكدوا التفوق الرياضي لإسرائيل على مصر، كما خسروا الكثير من الشعب المصري لأن العقيدة المصرية كانت ومازالت وستظل أن إسرائيل هى العدو، كما خسروا احترام المجمتع الدولي بعد رفض الشهابي مصافحة اللاعب الإسرائيلي ، وهذا يؤكد بأن التطبيع هو لعنة ستصيب كل من يؤمن بها ويعمل على إرسائها.
لقد أصبحنا نعيش في زمن يرى فيه كل الساسة بأن التطبيع مع إسرائيل هي مصلحة حتمية لا مفر منها، هاهي مصر تدعو لسلام لدافئ معها، وتلك تركيا تأمر بعودة العلاقات معها، وهذه سوريا لا تقوم إيران ولا روسيا ولا حزب الله بأى عمل عسكري إلا بعد إعلامها، حتى غينيا أعادت علاقتها بها بعد قطيعة دامت تسعة وأربعون عاما.
الشعوب كانت ومازالت ترفض التطبيع مع إسرائيل في كافة المجالات ونظرا لأن الرياضة جزء من منظومتها الرئيسية الجماهير والشعوب فكان الرياضيين يلتزمون بما يتوافق مع شعوبهم وجماهيرهم وهذا ما حدث عندما رفضت البعثة اللبنانية الركوب في أتوبيس يتواجد به بعثة إسرائيل، كذلك أنسحاب عدد من الرياضيين من المنافسات الأولمبية نظرا لأن المنافس إسرائيلي، ولكن لأن النظام المصرى ألغى الجماهير والشعوب من المنظمومة الرياضية بل وصل الأمر إلى اعتبارهم منظمات إرهابية بأحكام قضائية، فأصبحت الرياضة المصرية هي لسان حال النظام المصري وليس الشعب المصري.
ستظل إسرائيل هي العدو والمعتدى، وستبقى هي المغتصب للأراضى العربية والمقدسات الإسلامية حتى يتم محوها، ولن تفلح محاولات القادة العرب والساسة المطبعون في تحسين صورة إسرائيل مهما فعلوا، فالعقيدة القوية الراسخة لدى العرب والمسلمين والأحرار في كل أنحاء العالم بأن إسرائيل هى العدو الأول لهم