لا يدخر الاحتلال جهدًا في استفزاز مشاعر المسلمين، بين اعتداءات على المصلين وأسر الفلسطينيين وبناء المستوطنات في القدس والأقصى، في توجه واضح لأسرلة المدينة وتغيير هويتها، بالإضافة إلى الانتهاكات المستمرة في حق المسجد المبارك لتنفيذ خطة هدمه من أجل بناء الهيكل المزعوم مكانه.
ولم تتوقف الانتهاكات بحق المسجد الأقصى الأسير، وكذلك في المقابل تزداد مقاومة الفلسطينيين وصمودهم في حماية المقدسات من جرائم الاحتلال الصهيوني الغاشم، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ 47 لحريق الأقصى، والتي تعد من أكبر تلك الجرائم التي تعرض لها المسجد المبارك في عام 1969م، أي قبل ما يقرب من نصف قرن، حيث التهم الحريق أجزاءً مهمة منه، ولم تنجح الترميمات في إعادة ما تلف على نفس الوجه.
كيف حدث الحريق
قبل 47 عامًا وتحديدًا في 21 أغسطس 1969، قام اليهودي الاسترالي مايكل دينس روهان، بإحراق الجامع القبلي من المسجد الأقصى ، لتلتهم النار منه أجزاء كبيرة، منها منبر صلاح الدين، الذي صنعه نور الدين زكي.
وقام الفلسطينيون بإخماد الحريق في حينها، وإصلاح ما أمكن، وظل ترميم المسجد مستمر لسنوات عقب الحادث في محاولة لاستراجع هيئته.
خسائر الحريق
خسائر الحريق المعنوية لدى المسلمين تفوق بكثير كل الخسائر المادية، فإحراق اولى القبلتين كان متعمد لكسر المسلمين، وإرسال رسالة أنه لا مجال للتحرير.
والتهمت النيرات أجزاء كبيرة من المسجد، فطال الحريق منبر صلاح الدين الأيوبي، ومحراب زكريا وثلاثة أروقة وعمودان رئيسييان وقبة خشبية و74 نافذة خشبية وجميع السجاد العجمي وغيرها، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكًا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق كثير من الزخارف والآيات القرآنية.
وطال الحريق ثلث أو ربع المسجد القبلي، ودمر أثرًا إسلاميًا عظيمًا وهو المنبر الذي أحضره القائد المسلم الكبير الناصر صلاح الدين الأيوبي عندما حرر القدس من إيدي الصليببين عام 1187.
إعمار المسجد وترميمه
وقامت لجنة الإعمار بوزارة الأوقاف الأردنية بترميم المسجد ومحو أثار الحريق في عام 1970 واستمر العمل حتى عام 1994، وتكلف إعادة ترميمه مبلغ 8.25 مليون دينار أردني.
ردود الفعل العربية عقب الحريق
العرب الأكثر تفوقًا في ردود الافعال الحماسية التي لا تبنى عليها أفعال، فهم يجيدون التنديد والشجب والاعتراض عقب كل كادث جلل يتعرض له العرب، فالأقصى الذي يُعد من أكثر الأماكن قدسية لم يرى ردة فعل غير إنشاء منظمة هدفها حماية مصالح المسلمين، وهي منظمة التعاون الإسلامي والتي أنشأت عقب الحريق بحوالي شهر واحد.
التنقيب عن الهيكل المزعوم
لم تتوقف عمليات التنقيب عن الهيكل المزعوم أسفل المسجد الاقصى، وقامت دولة الاحتلال بحفر عدد من الأنفاق أسفله وفي محيطه، تسببت في إنهيارات متتالية للطرق والأسوار، مما ينذر بخطر الهدم في أي وقت.
وأدى الحفر المستمر حول المسجد إلى انهيار الدرج الأثري في سلوان الواصل بين وادي حلوة من مدخل عين سلوان وما يطلق عليها مدينة “داود”، وأعقب ذلك إخلاء 1500 مواطن مقدسى من بيوتهم فى حى “البستان” داخل القدس المحتلة وهدم بيوتهم بهدف إقامة مشروع مدينة الملك داود اليهودية.
الحريق ما زال مشتعل في نفوس المسلمين
47 عامًا مروا على حريق الاقصى لم تهدأ دولة الاحتلال يومًا في استفزاز المسلمين، فبين مناداة بهدم الأقصى وخروج جماعات متطرفة تقتحم باحات المسجد يوميًا، يتصدى في ذلك لهم المقدسيون، وبين مستوطنات تبنى بشكل مستمر في القدس المحتلة وما حولها، في محاولة لتهويد المدينة وإعطاءها الطابع اليهودي.
واستعرض الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية، الأخطار التي تحدق بالمسجد الأقصى في هذه الذكرى الأليمة خلال مؤتمر مؤتمر صحفي، عقد شرقي القدس المحتلة، اليوم الأحد، في الذكرى الـ47 لإحراق المسجد الأقصى.
وقال الشيخ محمد حسين “إن انتهاكات الاحتلال ما زالت مستمرة بعد 47 عامًا على الجريمة، من خلال الاستيطان والحفريات ومضايقات المقدسيين المستمرة من هدم واعتقالات”.
ودعا مفتي القدس خلال كلمته منظمة التعاون الإسلامي أن تقوم بدورها لحماية الأقصى ودفع هذه الحرائق المستمرة عنه حتى يومنا هذا”.