أثارت فتوى سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بجواز التضحية بالبط والأوز والدجاج، كثير من السخرية والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لم يتعجب الكثير من تلك الفتوى التي خرجت من الهلالي الذي عُرف بعدد من الفتاوى التي سبق ولاقت هجوماً لاذعاً من الفقهاء، حيث أكد أنه استند إلى كتاب ابن حزم في إجازة التضحية بالطيور، مستنكراً إخفاء المشايخ والعلماء تلك المعلومات عن الجمهور.
وأوضح أن “طلاب الأزهر يدرسون تلك الفتوى إلا أن العلماء يخفونها عن المواطنين”، وتابع: “ابن حزم هو من أجاز التضحية بالطيور وليس سعد الدين الهلالي، لكي يسخر العلماء منها ويستنكروها”.
واستند أستاذ الفقه المقارن في فتواه إلى قول ابن حزم في الجزء السابع من كتابه: “الأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذي أربع، أو طائر، كالفرس، والإبل، وبقر الوحش، والديك، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله، والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه”.
وتابع: “كما أن ابن عباس أعطى لغلامه درهمين وطلب منه شراء لحمة وتفريقها على الفقراء، وقال له: قل لهم أضحية ابن عباس”.
تجديف في الدين
ووصف الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، فتوى الهلالي بجواز التضحية بالطيور بأنها “تجديف في الدين”، مشيرًا إلى أن “صاحبها يبحث عن الضعيف والشاذ في الإسلام”.
وأكد أن “القربات بالذبح والنحر تكون في الأنعام فقط من الغنم والماعز والجاموس والإبل، وهذا ما نص عليه القرآن والسنة، والسنن المنقولة والمتبعة والمأثورة”.
وتساءل كريمة: “هل التضحية بالطيور توزع كالأنعام؟ وهل توزع لثلاثة أجزاء، وما أنواعها ومواصفتها؟”، متابعًا: “الله أمرنا بالاتباع لا الابتداع، والتضحية من العبادات التوقيفية التي لا مكان للعقل فيها”.
وأردف: “ما يثار عن أن تلك الفتوى تخفف عن المواطنين غلاء أسعار الأضاحي والأوضاع الاقتصادية السيئة، يُعد ثرثرة فارغة وتدليساً، كما أنه كلام غير عقلي”.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن أن: “الأضحية سنة وليست فرضًا، وفي حالة العجز عن الأضحية لا يؤديها الإنسان ولا يأثم، فهو أمر على السعة، وأن مثل تلك الفتاوى قنابل لإثارة الإعلام وتشتيت الانتباه”.
وشدد كريمة على أن الأصل في الاتباع هو القرآن والحديث أولاً، قائلاً: “ما استند إليه مُصدر الفتوى من تضحية ابن عباس بدينارين أمر غير موفق؛ لأن الدينارين اللذين ضحى بهما كانا ثمناً لشاة في عصره”.
لا يحقق المقاصد
ومن جانبه قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هذا مجرد رأي لكنني أرى أن هذا لا يحقق المقاصد التي ذكرها الله سبحانه وتعالى من تشريع الأضحية، لأن من المفترض أن توزع على الأهل والأقارب والفقراء والمساكين، لكن الطيور لا تكفي أسرة واحدة، من زوج وزوجة وطفلين.
وتابع “الجندي”، أن هذا مجرد رأي، ولا يمكن اقتباس رأي والقول إنه جائز، أو فرضه على الناس، لأن هذا الرأي يجب أن يكون له معايير وقواعد، فقد شرع الله سبحانه وتعالى الأضحية لهدف محدد، وهو التوزيع على الفقراء والمساكين والإنسان وأهله وأقاربه وأصدقائه، وهذا المعنى لا يتحقق بهذا الرأي.
وأشار إلى أن هذا الرأي رأي شاذ، وإذا كان هناك صحابي قام بذلك، فهذا لا يعني أن كل الصحابة قاموا بهذا، وبالتالي لم يكن هذا مذهب الصحابة، مؤكدًا أن الاحتكام في مثل هذه الأمور يكون بدليل قوي من القرآن أو السنة أو الإجماع، وهذا الرأي لا دليل عليه من القرآن أو السنة أو الإجماع، ولا يحدد مصلحة الفقراء والمساكين، وهذا هو الهدف الأساسي.
وأوضح أن الله قال “من بهيمة الأنعام”، وهي تعني الماشية والإبل والجمال والبقر أو الجاموس، أو الضأن أو الماعز أو الخراف، والسنة جاءت وأكدت هذا المعنى، عندما ضحى الرسول “ص” بكبشين أملحين أقرنين، وهذا دليل قوي على الأضحية، ولم يثبت على الرسول مطلقًا أنه ضحى بمثل ما قال من ديك أو فرخة، فالديك لا يحقق المصلحة ولا الحكمة من النص على الأضحية.
وأضاف “أن فكرة تبني رأي والتمسك به والاستشهاد بأحد للتأكيد عليه، مثلما فعل إسلام بحيري، غير صحيحة، ولا تكون الفتوى بهذا الشكل، أن يروج لرأي ويدعو له وكأنه اكتشف ما لم يتم اكتشافه من قبل، فهذا الرأي لا يستند إلى نص، وهذا ليس المنهج الأمثل في استنباط الأحكام، ومع ذلك هو رأي، ولكن رأي مهجور وشاذ، لا يلتفت إلى مثله، لافتًا إلى أن لفظ النحر لا يطلق على الطيور بل يطلق على الماشية والحيوانات”.
“الأضحية بطة”
وأثارت هذه الفتوى الكثير من التهكم والجدل خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أنه استنادًا إلى هذه الفتوى يجوز له التضحية بسمكة أو غيرها من أنواع الحيوانات الأخرى.
واستنكر مواطنون فتوى الهلالي، ودشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسم “#الأضحية_بطة”، سخر فيه بعضهم من الفتوى، فيما استنكرها آخرون مؤكدين مخالفتها لصحيح الدين.
فتاوى سابقة
وقبل هذه الفتوى أثار الهلالي العديد من الفتاوى ، منها فتوى حول المسجد الأقصى أثارت بلبلة وردود فعل ساخطة تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أفتى بأنه لا يجوز الحرب باسم الإسلام أو المسيحية أو اليهودية وإنما الحرب تكون لنصرة الحقوق.
وقال النفس الإنسانية أبقى من المسجد مستشهدًا بقول رسول الله صل الله عليه وسلم للكعبة :” والله إنك لعظيمة، وأن حرمت النفس عند الله أعظم حرمة منكى”.
وتسائل الهلالي “هل المسجد الأقصى أعظم حرمة من الدم الذي يمكن أن يراق في حالة الدفاع عنه، قائلًا ” للمسجد الأقصى رب يحميه”.
أجر عامل الخمر حلال
وفي تناقض صارخ وعاصف أفتى سعد الدين الهلالي بتحليل اجر عامل الخمر في البارات والمركبات السياحية وحرّم أجر معلم القرآن في المسجد.
وفي فتاوى سابقة حلّل سعد الدين الهلالي أجر العامل الذي يقدم الخمر بالأماكن السياحية والبارات الليلية، مؤكدا على عدم حرمة وظيفته وأنه يجب عليه ألاّ يتركها لأن هناك مذاهب إسلامية وأحاديث نبوية تحللها.
واستمر الهلالي في إصدار الفتاوى الكارثية التي تعصف بأذهان الشباب وتتسبب في نفور الكثيرين من الإسلام قائلاً أن عمل الشيخ في تحفيظ القرآن وتعليم الإسلام حرام إذا تلقى عليه أجر.
ودعا العاملين بتقديم الخمر إلى مواجهة الشيوخ الذين يحرمون عملهم محرضاً إياهم على البقاء في وظيفتهم وعدم تركها والدفع بحرمة عمل الشيوخ.
الراقصة شهيدة
ومن أكثر الفتاوى التي هزت الراي العام ما ذهب إليه سعد الدين الهلالي بشأن اعتبار الراقصة شهيدة واعتبار الخمر أو البيرة حلالا ما لم تسكر، وهو قلب للمفاهيم والموازين الدينية.
واكد صاحب الفتوى في لقاء له مع الشيخ خالد الجندي علي قناة أزهري بأن “الشهيد هو كل من مات من دينك وهو على وجه الحق ” وشبه الراقصة بمن يقتل وهو خارج للكرة أو للسياحة.
أما من خرجت للرقص فقال “الهلالى”لابد أن نفرق بين ما إذا كانت خارجة للرقص أو خارجة لكي تقضىي حوائج حياتها اليومية مثل الحصول على المأكل والمشرب.
وأضاف قائلا لو قتلت وهي في طريقها إلى الحصول على المأكل فهي شهيدة لأنها خرجت تطلب الرزق، وذلك للتفريق بين حالتي قتلها وهي في طريقها للرقص وقتلها وهي خارجة لشراء حوائجها اليومية”
ولم يكتف الهلالي بهذا القدر بل تمادى في تدليله للراقصات معتبرا أن قتلها إذا نزلت للتظاهر ضد الفساد أو الظلم أو كانت ذاهبة إلى عمل خير ثم غرقت أو حرقت أو انهدم عليها جدار، أو طعنت بآلة حادة أو قتلت بطلق ناري يجعلها في مرتبة الشهداء.
وقال “هذا ليس من اجتهادي، بل من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ذهب لزيارة عبادة بن الصامت في مرضه فسأل صحابته عن مفهوم الشهيد، فقالوا: من قاتل حتى استشهد، فقال النبي: إذن شهداء أمتي قليل، ورد عليهم بأن المطعون شهيد والمبطون شهيد والغريق شهيد وقتيل الهدم شهيد.
السيسي ومحمد إبراهيم رسولين
وفي فتوى مسيّسة ومدجّجة برسائل الخضوع والذل ، شبّه سعد الدين الهلالي عبد الفتاح السيسي ووزير داخليته محمد ابراهيم بالرسولين الذين بعثهما الله لحماية الدين ومصر من القوم الفاسدين في إشارة إلى الإخوان المسلمين.
وأضاف هلالي “تمر الأيام وما كان لأحد أن يتخيل أن سنة الله تنكر ويأتي من يقول لا إسلام إلا ما نمليه عليكم ولا دين إلا ما نعرفه لكم، ويقيض الله للمصريين من يقف في مواجهتهم لكي يحققوا أن يكون الدين لله كما أمر الله، فابتعث الله أيضا رجلين، كما ابتعث الله موسى وهارون أرسل وابتعث رجلين”.
وتابع: “ما كان لأحد من المصريين أن يتخيل أن هؤلاء من رسل الله عز وجل، وما يعلم جنود ربك إلا هو، خرج السيسي ومحمد إبراهيم، لتحقيق قول الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله”.
واستدرك الهلالي موقفه لاحقا ليوضح أن ما كان يقصده هو التشبيه في المواقف وليس في العصمة من الخطأ.
من كفر بمحمد وآمن بالمسيح فهو مسلم
وذهب سعد الدين هلالي في مجال الإيمان برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث بتر شهادة الإسلام التي تعد عماد الدين وبها يميّز الكافر من المسلم.
وقال هلالي كل من قال “لا إله إلا الله” يعد من المسلمين، وحتى لو كفر بالنبي محمد وكان يؤمن بالنبي عيسى فقط، بحسب رأي أحد الفقهاء.
وأضاف هلالي، أن من اكتفى فقط بالإيمان بسيدنا عيسى، فحسابه عند الله فقط، ولا يحق لأحد أن يحاسبه، ولكنه إذا كان يؤمن بأن الله هو الإله الواحد، فهو من المسلمين، وحتى لو كفر بالنبي محمد.