قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الدول التي حضرت الاجتماع السنوي لـ “المعاهدة الدولية لحظر الذخائر العنقودية” في 7 سبتمبر 2016 أدانت استمرار استخدام هذه الأسلحة في سوريا. أفاد مسعفون وناشطون محليون وصحفيون بوقوع ما لا يقل عن 8 هجمات بالذخائر العنقودية في سوريا، بالتزامن مع الاجتماع الذي دام 3 أيام، تسبب بعضها في مقتل وإصابة مدنيين، بينهم أطفال.
لم تحضر الولايات المتحدة الاجتماع الذي عُقد في نفس وقت زيارة الرئيس باراك أوباما التاريخية لدولة لاوس. أظهر حدثان الأسبوع الماضي القوة المتزايدة لاتفاقية الذخائر العنقودية، فقد أعلنت الولايات المتحدة، وهي ليست عضوا في المعاهدة، أنها ستقدم مبلغ 90 مليون دولار على مدى 3 سنوات لتسهيل جهود التطهير في لاوس، وأعلنت شركة “تكسترون سيستمز”، آخر منتجي الذخائر العنقودية في الولايات المتحدة، أنها ستوقف إنتاجها.
قال ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ورئيس “تحالف الذخائر العنقودية”، مجموعة دولية لمنظمات تعمل لوضع حد لاستخدام هذه الأسلحة: “نشعر بالغضب تجاه قتل الذخائر العنقودية مزيدا من المدنيين في سوريا هذا الأسبوع، بينما كانت الدول مجتمعة لمناقشة حظر دولي على هذه الأسلحة. الكلمات وحدها لن تعيد الذين قُتلوا، ولكنها توجه رسالة قوية إلى مستخدمي الذخائر العنقودية بأنهم على الجانب الخطأ من الإنسانية”.
تبنّت 55 دولة طرف شاركت في الاجتماع السنوي السادس لاتفاقية الذخائر العنقودية إعلانا قالت فيه: “ندين أي استخدام من قبل أي جهة. نشعر بقلق بالغ إزاء أي ادعاءات وتقارير وأدلة موثقة على استخدام الذخائر العنقودية، وعلى الأخص في سوريا واليمن العام الماضي”.
أدانت حكومات كثيرة والأمم المتحدة و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر” وتحالف الذخائر العنقودية استخدام الذخائر العنقودية في سوريا العام الماضي في العملية العسكرية السورية الروسية المشتركة، وفي اليمن من قبل تحالف الدول الذي تقوده السعودية. كل هذه الدول ليست طرفا في المعاهدة.
قدّم “الدفاع المدني السوري”، مجموعة متطوعين للبحث والإنقاذ تعمل في مناطق المعارضة، عرضا في 6 سبتمبر للوفود المشاركة في الاجتماع شرح فيه كيف يزيل الذخائر العنقودية التي لم تنفجر وغيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب. قُتل في اليوم ذاته متطوعان من الدفاع المدني وأصيب آخران في هجوم بالذخائر العنقودية أثناء عمليات انقاذ بعد هجوم جوي في وقت سابق على بلدة خان شيخون في محافظة إدلب.
تشكل الذخائر العنقودية تهديدا مباشرا للمدنيين لأنها تتسبب في تناثر عدد كبير من الذخائر أو القنابل الصغيرة على مساحة واسعة. لا ينفجر كثير منها وتخلف ذخائر صغيرة غير منفجرة تشكل تهديدا لفترة طويلة بعد انتهاء الصراع.
وقّعت 119 دولة على المعاهدة، و100 منها انضمت إليها. قالت مدغشقر وناميبيا ونيجيريا خلال اللقاء أنها ستصادق عليها قريبا. أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا أنها انتهت من تدمير مخزوناتها من الذخائر العنقودية.
حضرت 20 دولة غير موقعة على المعاهدة للمؤتمر بصفة مراقب، من بينها الأرجنتين والصين وفنلندا واليونان وليبيا وعمان وقطر وصربيا وسنغافورة وسريلانكا والسودان وتركيا.
أبرزت زيارة الرئيس أوباما لدولة لاوس المعاناة المستمرة في هذا البلد من الذخائر العنقودية التي استخدمتها الولايات المتحدة منذ عقود، ولا سيما الذخائر الصغيرة التي لم تنفجر والتي يسميها السكان “قنيبلات”، فضلا عن غيرها من المتفجرات من مخلفات الحرب. التقى الرئيس أوباما بضحايا القنابل العنقودية خلال الزيارة، وأعلن عن زيادة كبيرة في أموال المساعدات لتطهير الأراضي وتدمير المتفجرات من مخلفات الحرب، ولكنه لم يتحدث عن توقف الولايات المتحدة عن إنتاج ونقل واستخدام وتخزين الذخائر العنقودية.
أعلنت شركة “تكسترون سيستمز” في 30 أغسطس أنها قررت وقف إنتاج الأسلحة الاستشعارية، التي تحظرها اتفاقية الذخائر العنقودية. كانت تكسترون سيستمز المُصنّع الأخير للذخائر العنقودية في الولايات المتحدة، لذلك يمهد قرارها هذا الطريق أمام الولايات المتحدة لإنهاء إنتاج ونقل واستخدام جميع الذخائر العنقودية، وهو ما يمكّنها من الانضمام إلى المعاهدة.
قال غوس: “مزيد من التمويل للضحايا والتطهير هو أمر ضروري، ولكن يجب أن يرافق ذلك التزام بالتخلي عن الذخائر العنقودية، بحيث يمكن للولايات المتحدة الانضمام إلى معاهدة الحظر الدولية”.
انتُخب السفير الالماني مايكل بيونتينو رئيسا للاجتماع السنوي المقبل لاتفاقية الذخائر العنقودية.
تلزم الاتفاقية الدول الأطراف باعتماد تدابير تنفيذية وطنية، بما في ذلك سن تشريعات، لتنفيذ أحكام المعاهدة، ولكن لم يفعل ذلك سوى 27 دولة. أصدرت هيومن رايتس ووتش تقرير في 5 سبتمبر يحدد العناصر الرئيسية التي ينبغي أن تُدرج في التشريع المناسب لتنفيذ المعاهدة.
هيومن رايتس ووتش مؤسس مشارك في تحالف القذائف، وترأس ستيف غوس وفد التحالف في الاجتماع. قدّمت هيومن رايتس ووتش عروضا للمندوبين في إحاطات حول “مرصد الذخائر العنقودية لعام 2016″، وهو التقرير السنوي الذي يصدره التحالف عن وضع المعاهدة، وكيفية الرد على الاستخدام الجديد لهذه الأسلحة في سوريا، والأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.