أعلنت الحكومة التونسية أن رئيس الوزراء يوسف الشاهد قرر خفض رواتب كل وزرائه بنسبة 30 بالمئة في خطوة رمزية تهدف إلى تقليص الإنفاق العام في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة.
وقال بيان لرئاسة الحكومة صدر الجمعة، إنه تم خفض رواتب 40 وزيرا وكاتب دولة بحوالي 500 دولار شهريًا، وقال مسؤول حكومي إن الخطوة المقبلة قد تكون خفضًا في منح كبار المسؤولين الحكوميين في إطار خطط رامية لإرساء حوكمة رشيدة بهدف إعطاء رسائل إيجابية للشعب التونسي.
وتضرر اقتصاد تونس منذ الثورة التونسية عام 2011، لكن هجمات كبرى استهدفت سياحا أجانب العام الماضي وتراجعا حادا في إنتاج الفوسفات بسبب إضرابات زادت من مصاعب الاقتصاد العليل أصلا، ومن المتوقع أن يزيد عجز ميزانية تونس نحو 2.9 مليار دينار “1.32 مليار دولار” هذا العام ليصل إلى 6.5 مليارات دينار بنهاية العام الحالي.
تعثر الاقتصاد التونسي
تشير آخر الإحصاءات، إلى تراجع الفساد في تونس، بعدما احتلت المركز 76 في مؤشر مدركات الفساد لسنة 2015، الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية، في حين كانت تحتل المرتبة 79 في مؤشر الفساد سنة 2014، وبالتالي تعد تونس البلد الأقل فسادًا في شمال أفريقيا، متفوقة على المغرب صاحب المرتبة 80 والجزائر بالمركز 88 في درجة الفساد.
كما تصدرت تونس الدول العربية في مؤشر الديمقراطية لسنة 2015، إذ احتلت المرتبة 66 دوليًا والأولى عربيًا، بعدما سجلت أعلى نسبة تطور إيجابي على الصعيد الدولي في مؤشر التطور الديمقراطي، بتقدمها بـ36 درجة عن تصنيفها السابق.
وعلى الرغم من تحسن المناخ الديموقراطي في تونس وتراجع الفساد بها، كما تؤكد ذلك المنظمات الدولية، فإن أرقام الاقتصاد التونسي تظهر بأن الوضع لا يختلف عما كان عليه الحال زمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وساهمت عدة عوامل في عرقلة نمو الاقتصاد التونسي، بالرغم من الانتقال السياسي السلس نسبيًا الذي عرفته تونس، الأمر الذي تعذر في العديد من البلدان العربية الأخرى.
كان وقع الهجمات المسلحة، التي شنها المسلحون، كارثيًا على الاقتصاد التونسي، ولا سيما القطاع السياحي، الذي عرف تآكلًا شديدًا بعد هجمات متحف باردو وسوسة بتونس، مثلما تسببت هذه الهجمات في تدهور الوضع الأمني بالبلد، ما خلق بيئة طاردة لرؤوس الأموال والاستثمارات خارج البلاد، الأمر الذي بدوره ارتد سلبًا على الاقتصاد التونسي.
وفي نفس السياق الأمني، أجج الوضع المنهار في ليبيا أزمة الاقتصاد التونسي، حيث كان البلدان يعرفان علاقات اقتصادية قوية قبل سنة 2011، بالإضافة إلى أن مجاورة تونس لبلد يغرق في الحروب الأهلية، يدفع كثيرًا من المستثمرين بعيدًا عن البلد، خشية انتقال عدوى عدم الاستقرار.
على مستوى آخر، حملت الاضرابات والتوترات الاجتماعية، على مدار الخمس سنوات الأخيرة، الاقتصاد التونسي خسائر بملايين الدولارات، ووصل عدد الإضرابات في تونس إلى ما يفوق 35 ألف إضراب في ظرف أقل من سنتين، ولم تنجح جهود الحكومة التونسية طوال الفترة الأخيرة في إثناء النقابات العمالية عن الانخراط في الاضرابات الماراثونية، الأمر الذي أثار امتعاض الشركات الأجنبية.
قروض دولية
في 8 يونيو 2016، وافق البرلمان الأوروبي على منح تونس قرض بقيمة 570 مليون دولار تصرف على ثلاث دفعات خلال عامين ونصف، لمساعدتها في خفض الدين الخارجي وتعزيز الآليات الديمقراطية بشروط حسب بيان للبرلمان.
ويهدف القرض، بحسب مارييل دي سارنيز مقررة الجلسة التي عقدت بمقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، إلى مساعدة تونس على رفع التحديات الرئيسة ممثلة بالانكماش الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، والهجمات “الإرهابية” التي تهدد القطاع السياحي، إضافة إلى توافد أكثر من 1.8 مليون لاجئ من ليبيا، وهو ما يعادل 20% من سكان البلاد.
سارنيز أكّدت أن “تونس بحاجة إلى أن تقف أوروبا إلى جانبها الآن، وأنا أطلب من المفوضية الأوروبية أن تعجل بصرف هذه الأموال المتاحة في أسرع وقت ممكن”، ويفترض على تونس قبل الحصول على المبلغ، التوقيع على مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لإدخال الإصلاحات الهيكلية والإدارة السليمة للمالية العامة، مع ضمان اعتماد آليات ديمقراطية فعالة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وذلك تحت إشراف الاتحاد الأوروبي.