أثار بيان مشترك، صدر أمس الجمعة، عن محققين إيطاليين ومصريين، يعملون على قضية تعذيب وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، إن النائب العام المصري المستشار نبيل صادق سلم تقريرًا “كاملاً ومعمقاً عن فحص بيانات اتصالات التليفون المحمول في منطقتي اختفاء ريجيني في 25 يناير والعثور على جثته في 3 فبراير الجدل حول درجة تورط نظام السيسي في عملية تعذيب وقتل الطالب الايطالي.
وفيما يمثل أول اعتراف رسمي من مصر بإجراء تحريات أمنية حول ريجيني قبل اختفائه، أكد النائب العام المصري، وفقًا لاقتباسات من البيان نقلتها وكالة رويترز في تقرير من العاصمة الإيطالية، أن الشرطة المصرية “تلقت في السابع من يناير بلاغًا من رئيس النقابة المستقلة للباعة الجائلين” حول أنشطة ريجيني، “وبعدها أجرت الشرطة تحرياتها، وبعد التحريات التي دامت ثلاثة أيام لم يتم اكتشاف أي نشاط له علاقة بالأمن القومي، وعلى أساس هذا تم إيقاف التحريات”.
ونفى نظام السيسي أن ريجيني كان قيد الاحتجاز لدى جهات التحقيق الرسمية.
وقال هيثم أبو خليل الناشط الحقوقي، أن هذا الاعتراف بمثابة دليل قاطع على تورط النظام العسكري في قضية مقتل الطالب الايطالي جوليو ريجيني فالتحريات تعني المراقبة والمتابعة والترصد.
وأشار أبو خليل في تصريح لـ”رصد”، إلى أن “مسألة تورط الشرطة المصرية في قتل ريحيني واضحة تمام والكل يعلم ذلك والبرلمان الايطالي يرى النظام العسكري في مصر قاتل وطالب بمحاكمة المتورطين”.
وفي تصريح خاص لـ”رصد”، شدد الناشط الحقوقي حافظ ابوسعدة إصدار تقرير رسمي من رئاسة الوزراء حول هذا الاعتراف على أن يضم التقرير تفاصيل وتوابع البيان الرسمي، وما ألت إليه عملية اخضاع الطالب الايطالي للتحريات.
وكانت الحكومة المصرية قد أصرت منذ فبراير الماضي على إنكار أي تورط رسمي في مقتل ريجيني، مؤكدة في بيانات علنية أن الباحث الإيطالي لم يكن معروفا أو مطلوبا للأمن المصري أثناء إقامته في القاهرة.
وأعرب صادق عن استعداده للقاء أسرة ريجيني لطمأنتهم أنه يحاول الكشف عن الجناة في “جريمة بمثل هذه الجسامة”، حسبما نقلت “رويترز”.
كان الاجتماع قد انعقد بناء على طلب من المدعي العام لروما جيزيبي بنياتوني، المسئول عن التحقيق في قضية ريجيني من الجانب الإيطالي، وبحضور صادق.
ووفقاً لتقرير وكالة الأنباء الإيطالية ANSA، وهي تعاونية مملوكة لكبرى الصحف الإيطالية، فقد أكد الاجتماع بين الطرفين في روما على الالتزام المشترك للوصول إلى جذور الجريمة، واستمرار تبادل المعلومات والوثائق بهدف الوصول إلى الحقيقة كاملة، ناقلةً عن البيان أن الاجتماع الثالث من نوعه “نجح في تقديم مقارنة مثمرة بين العناصر التي تم جمعها من قبل المكتبين”.
وفي ذات السياق، كشفت صحيفة التليجراف البريطانية في تقرير لها، أول أمس الخميس، عن بضع تفاصيل جديدة، بالحديث مع والدة ريجيني، باولا، وعلى ضوء تقرير تشريح الجثة، المكون من 220 صفحة، والذي كُتب بمعرفة الخبيرين الإيطاليين فيتوريو فينيشي ومارسيلو كياروتي.
ونقلت الصحيفة عن تقرير التشريح العثور على حروف غريبة نُحتت على جسد ريجيني أثناء تعذيبه، حيث وُجدت علامة تشبه حرف X على يده اليسرى، بالإضافة لعلامات أخرى منحوتة على ظهره، وفوق عينه اليمنى، وعلى جبينه. وقالت والدة ريجيني للتليجراف “استخدموا جسده وكأنه لوح كتابة”.
وبحسب التقرير المفصّل عن تشريح الجثة، فإنه تم اكتشاف وجود كسور عظام في أنحاء متفرقة من جسده، وخمسة أسنان محطمة، وحروق وكدمات غطت كامل الجسد، بالإضافة إلى علامات يبدو أنها شكلت حروفًا أبجدية. وعلى ما يبدو تم التعذيب بالركل والضرب بالقبضات والعصي وباستخدام المطارق، لينتهي بالموت بعد كسر في فقرات العنق.
عُثر على جثة الباحث الإيطالي ريجيني (28 عامًا)، خارج القاهرة في الثالث من فبراير الماضي، بعد أسبوع من اختفائه في يوم ذكرى ثورة 25 يناير، وذكر تقرير الطب الشرعي المبدئي بعد فحص الجثة في روما أن ريجيني قد تعرض للتعذيب على مدى عدة أيام وأنه فارق الحياة بعد تعرضه لكسر فقرات عنقه.
وقررت الحكومة الإيطالية سحب سفيرها في القاهرة للتشاور منذ إبريل الماضي، احتجاجًا على ضعف تعاون الجانب المصري في التحقيقات، وفي يونيو الماضي، صوت البرلمان الإيطالي على قرار بمنع تصدير قطع غيار مقاتلات “إف-16” إلى مصر للضغط على السلطات المصرية لإجراء تحقيقات أكثر شفافية فيما يخص مقتل ريجيني.