وصل الزعيم الاشتراكي سلفادور الليندي إلى رئاسة تشيلي في انتخابات حرة ومباشرة في نوفمبر ١٩٧٠، لكنها لم تعجب الولايات المتحدة، حيث كانت أميركا اللاتينية تتميز بالنزعات الاشتراكية، المعادية للرأسمالية.
واتخذ “طبيب الفقراء” سياسات شجاعة ضربت مصالح الإمبراطورية الأميركية في تشيلي بانتصارها للفقراء، ولتوجهاتها الاشتراكية.
فرأت أميركا في “الليندي” وسياساته خطرًا يهدد مصالحها، لكنها لم تستطع الطعن والتشكيك في شرعيته فقررت استثمار رجلها المختار الجنرال أوجستو بينوشيه قائد الجيش، فدعمته إلى أن تمكن من القيام بانقلاب على الليندى ١١ سبتمبر ١٩٧٣، وحاصر القصر الرئاسى بدباباته، مطالبًا سلفادور الليندي بالاستسلام والهروب.
“الليندي” رفض وارتدى الوشاح الرئاسى ليسقط قتيلًا في القصر الرئاسي، ويستولى بينوشيه على المقعد الرئاسى، ليستمر حاكمًا لـ27 عامًا كان فيها مخلب القط الأميركي في المنطقة، العدو الأول لكل مفكري وكتاب وأحرار أميركا اللاتينية.
وهنا أكثر من رواية عن مقتل الليندى الأولى رسمية تقول إنه انتحر بطلقات مسدس رشاش كتب على كعبه المذهب: “إلى صديقي الطيب سلفادور من فيديل كاسترو”، والأخرى أطلقها مؤيدوه وهى، تفيد بقتله على أيدى الانقلابيين، أما الرواية الثالثة فتقول إنه قتل في معركة على بعد خطوات من القصر الرئاسي.
وتضمنت رواية إيزابيل الليندي بيت الأرواح الكثير من تفاصيل هذه الأحداث، وفي ١٩٨٠ بدأ نظام بينوشيه يتهاوى مع إقرار دستور جديد للبلاد، واستفتاء بمرشح واحد للسلطة، لكن البلاد كانت تمور بالكراهية لنظام بينوشيه.
وبدءًا من مايو ١٩٨٣ تزايدت المعارضة والحركات العمالية التي نظمت العصيان والإضرابات المدنية، والضغوط الدولية المتزايدة، وفى ١٩٨٨، رفض الكونجرس إقرار دستور يتيح لـ”بينوشيه” حكم البلاد طوال حياته وفضل الرجل الذي كان لايزال محتفظاً بنفوذه الكبير سياسيًا وعسكريًا، أن يتنازل عن رئاسة البلاد لـ”باتريشيو أيلوين” الرئيس المنتخب ديمقراطيًا عام ١٩٨٩، وذلك في العام ١٩٩٠.
لكنه حافظ على منصبه كقائد للجيش حتى ١٩٩٨، حين أخذ مقعدًا في مجلس الشيوخ، ما أعطاه حصانة ضد المحاكمة، لكنها سقطت باعتقاله في لندن، وبدأت محاكمته والتنقيب في حساباته بالخارج، حيث اكتشفت حساباته في الولايات المتحدة بملايين الدولارات.
وفي صباح ٣ ديسمبر ٢٠٠٦ تعرض لنوبة قلبية حين كان رهن الإقامة الجبرية، وفي ١٠ ديسمبر أودع بوحدة العناية المركزة، ثم توفى بعد ذلك مباشرة.