العيد يأتي دائمًا بعد طاعة وقرب إلى الله، فعيد الأضحى يأتي أثناء مناسك الحج بعد وقفة عرفات، الركن الأعظم الذي يقوم به الحجيج، ويشاركهم في الأجر كل مشتاق كان ينوي تأدية المناسك ولكنه لا يستطيع لقلة إمكانياته المالية، والأمة الإسلامية كلها تتقرب إلى الله بالصوم والذكر وقراءة القرآن في هذه الأيام العشر، إرضاءً لله وطلبًا لثوابه، ويأتي عيد الفطر بعد عبادة وركن مهم من أركان الإسلام وهو صيام رمضان، الذي فرضه الله عز وجل على سائر الأمة الإسلامية، فالعيد إذن هو تتمة الخير والطاعات. ولكن هل تكتمل فرحة الإنسان فقط بهذه العبادات والطاعات والقرب من المولى تبارك وتعالى، أم أن هناك قضايا أخرى تكتمل بها الفرحة والسعادة والبهجة والسرور؟
أقول: نحن في حاجة إلى أن نفرح وتكتمل فرحتنا بشكل حقيقي، وينال كل إنسان حقه في الحرية والعيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، بعد أن عانى كثيرًا في ظل الأنظمة المستبدة، التي وصل بها الحال إلى قهر الإنسان وسلب حريته وإرادته من أجل تحقيق مصالحها، وخدمة أعدائها.
إن العيد الحقيقي؛ بعد أن نتخلص من إجرام بشار الأسد في سوريا، الذي قتل شعبه بكل الوسائل القذرة، ودمّر كل مظاهر الحياة فيها، هذا المستبد الذي جعل سوريا مرتعًا لأعدائها من الشيعة الطائفيين، وتدخُّل الدول الغربية في شؤونها، من أجل مصالحها، وتهيئة الأجواء للعدو الصهيوني الذي يريد القضاء على روح الشعوب المقاومة لكل مستغّل ومستبد.
إن العيد الحقيقي؛ بعد أن يتمَّ إسقاط حكم العسكر في مصر، الذي جثم على صدور الشعب المصري لعشرات السنين، وهيّمن وسيّطر على كل مقدرات الدولة، وكلّس الحياة السياسية، وأمّم الحريات العامة، وقضى على حرية التعبير، وسلب إرادة الشعب في تقرير مصيره، ودمّر الاقتصاد المصري، وشوه الهوية الوطنية المصرية، وأحدث خلالًا كبيرًا في المنظومة الاجتماعية، وأسس لدولة الفساد، ونشر المحسوبية، ومكّن للمستبدين، وأدى إلى انتشار الرذيلة في المجتمع، وفكّك الأسرة المصرية إلى نصفين.
إن العيد الحقيقي؛ بعد أن تتخلَّص كل أوطاننا العربية من الفساد والطائفية في العراق ولبنان، وانتشار الميليشيات في اليمن وليبيا، وتحرير منطقتنا من سيطرة وتدخل الشيعة، الذين ينشرون الطائفية في المنطقة العربية، ويدفعون إلى تقسيمها، ويُسيؤون لأهل السنة خدمة لأعداء الأمة.
عيدنا الحقيقي؛ حين تنهض أمتنا من كبوتها، ويضع الله عنها إصرها والأغلال التي كبلتها، ويزيح عنها الاستبدادَ الذي أثقل كاهلها، وأخَّرها، وقعد بها عن مسابقة الأمم في ميدان الحضارة الفسيح.
عيدنا الحقيقي؛ حينما تتحرر فلسطين المباركة أرضُ الرباط، ويتحرر المسجد الأقصى الأسير، ويعود ألوف الأسرى الأبطال إلى بيوتهم وإلى أحضان أسرهم، وتقوم دولةُ فلسطين الحرةُ المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على ثرى فلسطين الطاهر.
عيدنا الحقيقي؛ عندما يفرح المظلومون القابعون خلف أسوار الاستبداد ظلمًا وعدوانًا بغير محاكمةٍ عادلةٍ، ومن غير جُرم اقترفوه، سوى أنهم قالوا ربنا الله، وأرادوا العزَّ لأمتهم، والتمكينَ لدينهم، والخدمةَ لأوطانهم وذويهم، فساء ذلك الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فحالوا بينهم وبين أداء رسالتهم، وحرموا الأمةَ من جهودهم وعطائهم، ومنعوهم من حقوقهم المشروعة، أملاً في إسكات صوتهم أو منعهم من المشاركة في بناء أوطانهم، حين يفرح هؤلاء المظلومون وذووهم بجمع الشمل ونيل حريتهم فهذا هو العيد الحقيقي.
عيدنا الحقيقي؛ حين تتحرر أوطاننا تحررًا حقيقيًّا من كل سلطانٍ أجنبيٍّ ظاهرٍ أو خفيٍ، تحت أي مسمى وأي عنوان وأي لافتة، وحين تكون كلمةُ الأمة بيدها، وقراراتُها نابعةً من إرادتها، ومحققةً لمصالحها، وحين تتخلص من معاهدات الذل والعار التي قيدتها ومزقتها.
عيدنا الحقيقي؛ حين يتوقف سيل الدماء النازف من جسد الأمة، وحين يتحول بأس الأمة من الحروب بين الإخوة إلى الحرب ضد أعداء الأمة وخصومها، وحين تقوم الأمة بتحقيق الوحدة الشاملة.
عيدنا يوم تحرير أوطاننا من الاستعباد لغير الله، والتمكين لديننا والذلة والصغار ﻷعداء دين الله، يومها يحق لنا أن نفرح، هذا هو عيدنا الأكبر.