أزمة أرز جديدة بدأت في الظهور بالفعل وستتفاقم خلال أيام، بعد امتناع الفلاحين عن التوريد لهيئة السلع التموينية، اعتراضًا على الأسعار التى حددتها وزارة التموين بـ2300 جنيه للطن الحبة الرفيعة و2400 جنيه للحبة العريضة، معتبرين تلك الأسعار خسارة كبيرة ولا تساوى سعر التكلفة، فالتجار الآن هم البديل الجاهز أمام الفلاحين، الذين اتجهوا للقطاع الخاص للفوز بفارق السعر الذى وصل إلى 3100 جنيه قابلة للزيادة فى الأيام القادمة، ورغم أننا فى موسم توريد القمح، مازالت المضارب الحكومية خاوية تنتظر أزمة جديدة لا تقل عن أزمة مصانع السكر.
الحكومة تستورد الأرز
وقررت الحكومة استيراد 500 ألف طن من الأرز كمخزون استراتيجي، لمنع تكرار ما حدث العام الماضي، من شراء التجار والمضاربين من المزارعين كميات كبيرة من الأرز، وتخزينها؛ مما أدى إلى ارتفاع سعره بشكل كبير، لذا لجأت هذا العام إلى طرح المناقصات لحل الأزمة.
وكان المزارعون عرضوا بيع الأرز بمبلغ 2800 جنيه للطن، ولكن وزارة التموين أصرت على السعر الذي حددته، واتجهت هيئة السلع التموينية إلى طرح ممارسة لاستيراد 200 ألف طن أرز أبيض من الهند، شارك فيها ثلاث شركات للاستيراد بأسعار 410 دولارات للطن الواحد، أي ما يعادل 3 آلاف و600 جنيه بحسب السعر الرسمي للدولار في البنوك كما يعلنه البنك المركزي المصري، وهو 8.88 جنيه للدولار، وضعف هذا السعر طبقا للقيمة الحقيقية للدولار في السوق السوداء.
وأكد مصطفى النجاري، رئيس شعبة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن الممارسة شهدت مشاركة 3 شركات، هي: شركة مفضل بحصة 50 ألف طن، وشركة كريستال 50 ألف طن، وشركة مالتي تريد 100 ألف طن.
الحكومة تعمل لصالح مافيا تتحكم في وزارة الزراعة ضد الفلاح
وهاجم الدكتور مصطفى النشرتي، الخبير الاقتصادي، سياسة الحكومة وتدميرها للاقتصاد، مشيرا الي ان الحكومة تعمل لصالح مافيا تتحكم في وزارة الزراعة ضد الفلاح والمستهلك؛ مطالبا وزير الزراعة بالعمل لصالح الفلاح والمستهلك، وليس العكس.
وقال الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني إن هناك مصالح ضيقة ضد مصر وشعبها يقودها حفنة من المستوردين، لتدمير الزراعة والصناعة والاعتماد على الاستيراد، رغم أنه إذا اشترت الحكومة الأرز من الفلاح بسعر الاستيراد، فسيجعله هذا يعمل على زيادة الإنتاج، ويحرص على مصلحة البلد.
وأضاف الميرغني أن الكارثة هي التوسع في استيراد منتجات لها مثيل محلي لصالح المستوردين، بما يشكل ضغطًا إضافيًّا في الطلب على الدولار، فالحكومة الحالية تعمل ضد الإنتاج وضد مصر ومع العمولات والتوكيلات الأجنبية ومصالح المستوردين والمزيد من الاعتماد على الخارج، على حد قوله.
وأوضح أنه بدل التفكير في تحقيق اكتفاء ذاتي من الغذاء الرئيسي، يتم الاعتماد بالكامل على الاستيراد، بما يزيد الطلب على الدولار وعجز ميزان المدفوعات، ويدمر الإنتاج الوطني والفلاح المصري لصالح مافيا الاستيراد والقيادات الفاسدة، فما يحدث في الأرز يحدث في القمح والعديد من المحاصيل التي يتم تدمير زراعتها.
المستوردون عسكريون ورجال أعمال
ومن جانبه وصف الخبير الاقتصادي عبدالحافظ الصاوي الحكومة الحالية بأنها حكومة “ضرار”، مشيرًا إلى أن كل الحكومات تتجه إلى حماية المنتج المحلي ودعمه، فعلى سبيل المثال الاتحاد الأوروبي يدعم المزارعين والكثير من الصناعات، معتبرًا أن هذه مسألة أمن قومي، وأن أميركا توفر الحماية الاجتماعية للمزارع، في حين أن الحكومة المصرية تهدر هذه الثروة القومية، وتحاربهم.
وأضاف الصاوي في تصريح خاص لـ”رصد”، أن هذا التصرف يستحق أن يحاكم عليه متخذوه، ففي الوقت التي تقف فيه الحكومة عاجزة عن إيجاد حل في أزمة العملة الصعبة، وتقوم بالاقتراض بفوائد كبيرة من أجل توفير العملة الصعبة، تقوم باستيراد الأرز من الخارج بسعر ضعف سعره في الداخل إذا حصلت عليه من المزارعين، مشيرًا إلى أن الحكومة تحارب نفسها وتخرب الاقتصاد.
وتساءل الصاوي لماذا تقدم الحكومة على خطوة مثل هذه، إلا إذا كان هناك علاقة مشبوهة بين المستوردين والسلطة، أو أن هؤلاء المستوردين عسكريون أو من كبار رجال الأعمال، وأن عمليات الاستيراد هذه يشوبها الكثير من الفساد، فأي نظام في العالم يحاكم كل المشتركين في هذا على عملية تخريب الاقتصاد المتعمدة هذه.
وزير التموين: مؤامرات داخلية
واعتبر اللواء محمد علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، أن “معظم الأزمات التي تشهدها البلاد هي مؤامرات داخلية تستهدف إثارة الفتن والشائعات؛ لضرب الوطن، وسببها سلوكيات، وأخرى ضمائر”، في تعليقه على أزمة نفاد مواد التموين الأساسية من الأسواق.
وحمل اللواء الوزير مسؤولية أزمة السكر للقطاع الخاص، موجها سؤاله لهم: لماذا لم يتم تدبير السكر المطلوب للدولة للقطاعات الصناعية والتجارية؟ لافتا إلى أن ارتفاع بورصة السكر العالمية والدولار ليس مبررا لإحجام الشركات عن الاستيراد” .
وهاجم مصليحي مزارعي الأرز، متهما إياهم بتهريب الأرز خارج مصر، قائلا: “أطالب المزارعين والموردين الشرفاء بعدم تهريب الأرز المصري للدول المجاورة ورفعه على المواطن العادي، وتابع: “لو اشتريت الأرز من المزارعين، هيتباع للمواطن المصري بـ7 جنيهات”.
وأوضح مصيلحي أن هناك 21 مليون بطاقة تموينية، يحصل عليها نحو 71 مليون مواطن، بنسبة 90% من مواطني مصر، مطالبا حاملي البطاقات التموينية بالحصول على السلع التموينية المحددة لهم في البطاقة، وعدم تبديل هذه السلع.