أثارت واقعة طحن بائع السمك المغربي محسن فكري غضب العرب، وأعادت ذكرى شهداء الفساد، والطغيان في الأنظمة العربية، فحادثة فكري لم تكن الأولى ولا الفريدة من نوعها، بل هي منتشرة أصبحت تؤكد أن الجميع في الهم “عرب”.
وجاءت تلك الحوادث لتثير غضبًا بين جموع الشعوب العربية لكونها مست واقعًا سيئًا يحييونه، فكانت كفتيل انتزع من قنبلة توشك على الانفجار، فما بين البوعزيزي وفكري ثورات عربية، ربما كان محركها حادثة قتل تراها الأنظمة العربية بأنها حوادث فردية.
بائع السمك
أصبح محسن فكري بائع السمك المغربي، الذي لم يتجاوز الثانية والثلاثون من العمر حديث الشارع المغربي كله، عقب رحيله بطريقة مأساوية، حيث لقي حتفه الجمعة الماضية سحقا بشاحنة لجمع النفايات في مدينة الحسيمة شمالي المغرب أثناء مصادرة شحنة سمك غير مرخصة تابعة له.
وعلى الرغم من تأكيد السلطات المغربية عزمها على “معاقبة” المسؤولين على الحادث، إلا أن الحادث أثار موجة كبيرة من الاحتجاجات حيث خرج الآلاف في مظاهرات متفرقة بعدة مدن مغربية، فيما اشتعلت موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي وسط توقعات بتفاقم تلك الاحتجاجات.
خالد سعيد
وانضم الشاب خالد محمد سعيد صبحي قاسم (وُلد يوم 27 يناير 1982 ومات يوم 6 يونيو 2010) لقائمة ضحايا الفساد والطغيان في الوطن العربي، حيث قام مخبرين تابعين للشرطة المصرية بقتله ضربًا في مقهى انترنت كان يجلس فيه، وحينما طلب منهم صاحب المقهى الخروج أخذا الشاب السكندري وقاموا بإكمال جريمتهم خارج المقهى أمام مدخل عمارة مجاورة له.
أثار مقتل خالد سعيد موجة غضب شعبية في مصر وردود أفعال من منظمات حقوقية عالمية، تلتها سلسلة احتجاجات سلمية في الشارع في الإسكندرية والقاهرة نظّمها نشطاء حقوق الإنسان الذين اتهموا الشرطة المصرية باستمرار ممارستها التعذيب في ظل حالة الطوارئ.
وتعد حركة الاحتجاج التي صاحبت مقتل خالد سعيد إحدى إرهاصات ثورة يناير ومن أبرز محركاتها إذ كان في طليعة الخارجين يوم 25 يناير 2011 كثيرون من النشطاء الذين انفعلوا بتلك الجريمة وبنوا شبكاتهم حول صفحة خالد سعيد على فيسبوك وغيرها من أدوات التواصل في الفضاء السبراني وعلى الأرض
منشد الثورة
إبراهيم القاشوش، أو منشد الثورة السورية، أحد ضحايا النظام السوري وتهمته أنه غنى “يلا أرحل يابشار”، والتي كان يتغنى بها خلال التظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد.
ولد القاشوش في (3 سبتمبر 1977 – 4 يوليو 2011) بمدينة حماة، نشط في قيادة التظاهرات التي تطالب بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد وتأليف الشعارات المناوئة للحكومة السورية وقيادتها ، وإنشادها أمام الجماهير في ساحة العاصي في قلب حماة ومن بينها أنشودة (يلا ارحل يا بشار)..
قبض على قاشوش عقب جمعة أرحل 1 يوليو 2011، والتي احتشد فيها زهاء نصف مليون متظاهر في ساحة العاصي في حماة مطالبين بإسقاط النظام، وأقيل على إثرها المحافظ، وقامت قوات نظام الأسد بذبحه واقتلعت حنجرته وألقته في نهر العاصي.
“بوعزيزي” فتيل ثورات العرب
ويعد البوعزيزي الشخصية الأشهر في العالم العربي خلال العقد الأخير، فهو رغم فقره وفاقته وظروفه الاجتماعية الصعبة يراه الكثيرون مشعل ثورات الربيع العربي التي غيرت خارطة حكام المنطقة.
ولد الشاب التونسي طارق الطيب محمد البوعزيزي في مارس 1984م، ورحل 4 يناير 2011م، وبدأت قصته في الـ17 من ديسمبر 2010م، بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجًا على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ وقالت له: (بالفرنسية: Dégage) أي ارحل.
توفي البوعزيزي بعد 18 يومًا من إشعاله النار في جسده، وأدت الحادثة لإشعال الثورة التونسية والتي أدت لإجبار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي -الذي كان يحكم البلاد بقبضةٍ حديدية طيلة 23 سنة- على التنحي عن السلطة والهروب من البلاد خِلسةً إلى السعودية في 14 يناير 2011م.