قال الدكتور محمد محسوب، وزير المجالس النيابية الأسبق إن ما أفصح عنه الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية في تصريحه الثاني يشير إلى جانب خطير ومظلم في الأحداث التي عاشتها مصر منذ يناير 2011، موضحا أن اليوم التالي لتنحي مبارك شهد صراعا بين أجهزة سيادية على جمع الغنائم والسيطرة على مراكز القوة، ولم تكن محاولة اغتيال عمر سليمان الأولى إلا مظهرا مبكرا لذلك.
وأضاف محسوب -خلال مقاله اليوم الثلاثاء على صفحته الرسمية بموقع “فيس بوك”- أن إحدى الجهات المتصارعة سيطرت سريعا على ما أسسه مبارك من وحدات قتالية بعيدة عن إدارة الجيش الشرعي للبلاد وعلى رأسها الحرس الجمهوري، موضحا أنه في أحداث الاتحادية لم يكن لدى مرسي أي حراسات ذات معنى، كما أن نفس تلك الجهة سارعت بوضع يدها على غالبية وسائل الإعلام وتجنيد مالكي القنوات والمذيعين ومعدي البرامج والصحفيين ورؤساء التحرير واستدعتهم من وقت لآخر دون أن تكشف لهم عن غايتها الحقيقية في السيطرة على السلطة.
وأوضح أنه كان من مصلحة تلك الجهة أن تضع الجيش بعيدا عن العاصمة بإشغاله بمعارك وهمية على أطراف البلاد الشمالية الشرقية أو حتى الغربية، والقيام بحركة تنقلات كبرى شملت 90% من القيادات لتحل محلها قيادات أكثر ولاء لتلك الجهة السيادية، في الوقت الذي أبدت تلك الجهة ولاء مصطنعا للرئيس مرسي وهي تُعد للإطاحة به، فاستفادت منه بإجراء عملية تغيير القيادات المشار إليها.
وأشار محسوب إلى إدراك مرسي خلال يونيو 2013 أن ما قام به لم يكن إصلاحا للقيادة العليا للجيش بقدر أنه خدم تلك الجهة للسيطرة على مراكز القرار في المؤسسة العسكرية، ودعى المصريين وهو في أشد أزمته بالحفاظ على الجيش ملمحا بأن هناك فارق بين الانقلابيين والجيش؛ لكن اللحظة كانت أولى بالتصريح لا التلميح، وهو ما ترك الساحة نهبا للتخمينات والتخرصات.
واضاف: الجيش لم يفض الاحتجاجات الرافضة للانقلاب، وإنما تكفل بذلك الوحدات البعيدة عن إدارته، فلم يلحظ أحد أي تدفق لقوات قادمة من أماكن تمركزها خارج العاصمة والجيزة إلى مناطق الاحتجاجات، موضحا أنه عندما كان على منصة رابعة يوم 8 يوليو 2013 أعلن صراحة أن الجيش لم يقم بمجزرة الحرس الجمهوري، فإذا برسالة على الموبايل تتوعدني بأن عليّ توديع الناس لأن القتل قادم؛ ثم بضابط ينتظرني في صلاة الجمعة التالية ليتوعدني بتهديد واضح قائلا “لسة قدامك فرصة أخيرة”.
وكشف أنه أعلن بمؤتمر صحفي بعد لقاء أشتون أن هناك حلا سلميا قبله جميع الأطراف، وتوقع أن يُعلن ذلك البرادعي في مؤتمره مع أشتون، لكنه لم يفعل أيضا (ربما) لأن نفس الجهة طلبت إليه ألا يعلن ذلك، في الوقت الذي صرّح البرادعي في 14 نوفمبر 2016 أنه تلقى في أول أسبوع من أغسطس تهديدا من نفس الجهة بالتدمير، وهي الفترة نفسها التي تلقيت فيها أمرا بالضبط والإحضار وتجميد الأموال، وبالتأكيد تلقى كثيرون غيرنا مثل ذلك، وهو ما يُشير لرغبة واضحة من تلك الجهة بسد آفاق كل تسوية.
وأكد محسوب أنه منذ 3 يوليو 2013 حتى الآن تشهد البلاد صراعا مكتوما يدرك الجميع أبعاده الآن بين نفس تلك الجهة والمؤسسة العسكرية، حتى أن الصياغة الأخيرة لإدارة السلطة بما فيها تحصين وزير الدفاع ضد العزل لمدة ثماني سنوات، وهي تساوي مدتين رئاسيتين لرئيس الجمهورية، مع ترقية رئيس المخابرات العسكرية ليكون رئيسا للأركان، كان يحمل كل صفات الصفقة بين طرفين، مؤكدا أن كل جهود المصالحة لن تتكلل بالنجاح إلا بعودة كل جهة لوظيفتها بعيدا عن محاولة البعض الاستمرار في اختطاف البلاد ومؤسساتها واستعادة لمسار ديموقراطي سيكون كفيلا بوضع كل شئ في نصابه.
وتابع محسوب: إن كل القوى الوطنية كانت ضحية لخديعة ولتهديدات لم تتوقف منذ يناير 2011، منذ بدء اتهام رموزها بالعمالة والتموّل من الخارج، إلى اتهامهم بأنهم يرغبون في الاستئثار بالسلطة، حتى اتهامهم اليوم بأنهم سبب انهيار سعر العملة واختفاء السلع الأساسية.ن