تعد جريمة مقتل بائع سمك بمنطقة الزاوية الحمراء على يد نقيب شرطة بقسم الأميرية، بعد قيامه بتعذيب المواطن مجدي مكين، في أماكن حساسة في جسده حتى تركه جثة هامدة، أحدث دليل على أن “الحالات الفردية الغير منتهية” لوزارة الداخلية في ارتكاب جرائم ضد المواطنين أصبحت حالة عامة.
وبدأت القصة بعدما دخل “مكين” في مشادة كلامية مع نقيب الشرطة أثناء عودته من عمله، ليقوم الأخير بالقبض عليه، لتستلمه في اليوم التالي أسرته جثة هامدة.
وأوضح علي الحلواني محامي القتيل أن المجني عليه ليس عليه أي سوابق، مشددًا على أن أسرته وجدت أثار تعذيب على جميع أنحاء جسده، مشددًا على أنه بصدد تحرير محضر يتهم نقيب الشرطة بتعذيبه حتى الموت.
لم تكن جريمة بائع السمك البشعة هي الأولى من نوعها لضباط داخلية الانقلاب، فمنذ الاستيلاء على السلطة منتصف 2013م، انتشرت جرائم الضباط وأمناء الشرطة نحو المواطنين، مستغلين سلطتهم وعدم تطبيق القانون عليهم في دولة “اللا دولة” التي تشهد اعتقالات بالجملة لا تطول الجهات السيادية في الدولة.
سائق التوك توك
جرائم بالجملة شهدتها مصر منذ الانقلاب، وتحديدًا في العام الأخير، حيث رصدت المنظمات الحقوقية أكثر من واقعة أبرزها قتل أمين شرطة لسائق “توك توك” في الغربية من سلاحه الميري بعد مشادة كلامية أدت إلى إصابة المجني عليه بعاهة مستديمة، وقصة أخرى كان بطلها ضابط شرطة قام بمهاجمة فتاة بالبحيرة في مقر عملها لرفضها الارتباط به وعندما تدخل خالها أخرج سلاحه “الميري” وأطلق الرصاص عليه فأرداه قتيلاً.
قتل طبيب
وقتلت الشرطة على الدكتور عفيفي حسن داخل صيدلية زوجته، مؤكدًا أنه تم إصطحاب لقسم الإسماعيلية ليلفظ أنفاسه الأخيرة هناك نتيجة إصابته بأزمة قلبية بعد الاعتداء عليه.
بائع الشاي
عاقبت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار أسامة شاهين، أمين الشرطة المتهم بقتل بائع الشاي بمدينة الرحاب وإصابة آخرين بالأشغال الشاقة المؤبدة.
وكان النائب العام، قد أحال المتهم السيد زينهم عبدالرازق أمين شرطة بنجدة السلام، المتهم بقتل بائع الشاى فى مدينة الرحاب بالقاهرة الجديدة، للمحاكمة الجنائية العاجلة.
قتل محامي
وكانت النيابة العامة قد نسبت للضابطين تهمة تعذيب المحامي كريم حمدي حتى الموت، داخل حجز ديوان قسم شرطة المطرية بشرق القاهرة، عقب احتجازه على خلفية الاشتباه في انتماءه لجماعة الإخوان، والتظاهر دون تصريح.
وأكد خبراء أمنيين، أن الداخلية تعتبر أمناء الشرطة هم عصب الوزارة، بعد وصول أعدادهم إلى أكثر من 400 ألف أمين، بمعدل 10 أضعاف عدد ضباط الشرطة، فضلاً عن قيام الانقلاب العسكري بإلغاء نظام أمين الشرطة، وتعويض تلك الفئة بفئة “مندوبي الشرطة” أو معاوني الشرطة، من الحاصلين على الإعدادية، ومنحهم صلاحيات واسعة.
وشهدت مصر بعد أحداث 30 يونيو ارتفاع نسبة الجرائم التي يقوم بها أمناء الشرطة، تماشيًا مع الصلاحيات التي منحها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي للشرطة من أجل قمع مظاهرات وكتم الأصوات المعارضة لنظامه.
وفي إطار التعليق على تلك الأحداث، قال أحمد مفرح الباحث المصري بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان بـ”جنيف”، إن تجاوزات ضباط الشرطة ما هي إلى دليل علي مدى استهتار الذي وصل إليه العاملين بوزارة الداخلية بحياة المواطنين وسهولة إطلاق النار من أسلحة رسمية”.
وأضاف: “حالات قتل رجال وزارة الداخلية للمواطنين لم تكن لتحدث بمثل هذا الشكل السافر إلا بسبب ما يلمسه جهاز الداخلية والعاملين فيه من دعم كامل لكل أشكال القمع وانتهاك القانون من قبل النظام العسكري، خاصةً بعد أحداث 3 يوليو 2013م، وأيضًا غض النيابة العامة الطرف كاملا عن كل هذه القضايا ومساعدة المجرمين للإفلات من العقاب”.
وحذر مفرح من أن استمرار إفلات مجرمو وزارة الداخلية من العقاب وإغلاق ملفات قتل المواطنين دون حساب سوف يؤدي إلى استخدام “شريعة الغاب”، وهو ما يهدد الأمن العام في المجتمع.