بمجرد عرض الفيلم الوثائقي “العساكر” مساء أمس الأحد على قناة الجزيرة، سخّر نظام السيسي كل أدواته لانتقاد الفيلم سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، ما أسهم في الترويج للفيلم.
الخارجية
قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية إن الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية هو عمل” مفضوح وركيك يستهدف زعزعة ثقة المواطن المصري في جيشه الوطني”.
وأضاف أبو زيد في مداخلة هاتفية لبرنامج “السادة المحترمون” المذاع على قناة “أون تي في” مساء أمس الأحد :”الجيش المصري جيش وطني تحدث عنه القرآن بأنه خير أجناد الأرض، وفيلم الجزيرة محاولة يائسة للتشكيك وزعزعة الثقة في الجيش المصري، وهي محاولة مكتوب عليها الفشل قبل أن تبدأ”.
وعن رد الدولة المصرية على ما قامت به قناة الجزيرة أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية إن الدولة ليس من دورها أن تقوم بالرد على أي عمل تقوم به قناة إخبارية أو وسيلة إعلامية، مؤكدا:”الدولة المصرية لديها الكثير من الأدوات الغير معلنة بالاتصالات التي تقوم بها الخارجية مع المسئولين والدبلوماسيين للتعبير عن مواقفها فضلا عن قدرة وسائل الإعلام المصرية على الرد وتأكيد وطنية وكفاءة ومهنية الجيش”.
الإفتاء
وقال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية أن أي محاولة للوقيعة بين أفراد القوات المسلحة المصرية أو زرع الفتن بين الضباط والجنود تمثل دعمًا صريحًا ومساندة مطلقة للتنظيمات الإرهابية والتكفيرية التي يواجهها الجيش المصري في سيناء ومختلف المدن.
اضاف المرصد : بعض المنابر الإعلامية ذات التوجه الداعم للتطرف والإرهاب دأبت في الآونة الأخيرة على محاولة زرع الشقاق بين المجتمع والقوات المسلحة، ونشر صورة نمطية سلبية عن المؤسسة العسكرية، ومحاولة تشويه رمزيتها التي تمثل فخر كل مواطن يعيش على تراب هذا الوطن، وهي محل تقدير وإعزاز فئات الشعب المصري كافة بمختلف تنوعاته.
وتابع: إن هذه المنابر الإعلامية – والتي زعم انها تدعمها بعض الأنظمة المعروفة بدعمها للتطرف والإرهاب على حد وصفه- سعت أخيرًا للوقيعة بين الجنود والضباط في القوات المسلحة زاعمة أن الجنود يتعرضون لأصناف الإهانة والتنكيل كافة على أيدي الضباط، وذلك في مسعى منها للنيل من وحدة الجيش وتماسك صفوفه، وصرف أولوياته بعيدًا من محاربة الإرهاب والتطرف والقضاء على التنظيمات التكفيرية.
الإعلام
قال مقدم البرامج جابر القرموطي، عبر برنامج “مانشيت القرموطي”، المذاع على فضائية “العاصمة الجديدة”، مساء امس الأحد: “الصحافة القطرية تعتقد أن الفيلم الوثائقي الذي أعدته فضائية الجزيرة للإساءة إلى الجيش المصري “هز مصر”، لكن في الحقيقة هو مبيهزناش، وأما تيجي على أعلى قمة في جبل البلد، وعايز تتهدها احنا هنوقفلك، وليس بأسلوب قليل الأدب”.
وعقب عمرو أديب: الفيلم تافه و”زبالة” ولا يستحق عناء مشاهدته ، وقال “أديب”، خلال تقديمه برنامج “كل يوم”، المذاع علي فضائية “ON-E”، امس الأحد،:” أن الجزيرة وقعت في الفخ حينما أصدرت بيان لأول مرة عن فيلم العساكر ويحاولون فيه تبرير هذا الفيلم”، مشيرًا إلى أن الجزيرة ادعت أنه هناك تسرع في الحكم علي الفيلم قبل عرضه.
وهاجم الإعلامي أحمد منصور، قائلا:” الإعلامي الكبير أحمد منصور نفسه استعجل قبل عرض الفيلم وكتب تويتة ان الفيلم فيه جرائم، وده اعتراف منه أن الفيلم مسئ وهما مش عارفين يلعبوها صح، وأحمد منصور كان لازم يستني بعد الفيلم”، موضحًا أن بيان الجزيرة هو دليل على “الوجع اللي حسوه من الإعلام والفيلم بتاعهم هيعملي غازات اكتر من الكشري اللي كلته امبارح “.
وعلّق مجدي طنطاوي على فيلم: “على رأي مبارك.. دولة في حجم علبة الكبريت تحاول إشعال النيران في العالم”.
وأضاف “طنطاوي”- خلال برنامجه “كلام جرايد” على فضائية “العاصمة” مساء امس الأحد- أن القوات المسلحة في حجم مصر لا تستحق أن تهتز من دويلة صغيرة مثل قطر، وجيش مصر الوحيد الذي حقق انتصارًا في العصر الحديث، وكان له دور في تحرير الكويت.
وتابع: “إحنا سوَّقنا للجزيرة في الإعلام المصري، وكل مانشيتات الجرائد اهتمت بالفيلم، والناس كانت انصرفت عن الجزيرة، ولكن بعد تسويقنا للفيلم؛ سيعود الناس للقناة”، مضيفًا: “إحنا بقينا هايفين أوي”.
وقالت لميس الحديدي: “المشروع القطري مبني أساسًا على دعم الجماعات الإرهابية وتفكيك الجيوش الوطنية العربية”.
وأضافت “الحديدي” خلال برنامجها “هنا العاصمة”، المذاع على قناة “سي بي سي”، امس الأحد: “إذا كان لدينا تجنيد إجباري في مصر، فالعسكرية المصرية شرف، بينما قطر لديها (تجنيس إجباري)”.
ثقافة الردح
واستنكر حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ردود أفعال بعض الإعلاميين على فيلم العساكر، وقال حسني فيمنشور عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “شاهدت الليلة الفيلم الوثائقي الذي أذاعته قناة الجزيرة من إنتاجها عن أحوال العساكر في الجيش المصري، وكنت قد شاهدت قبله الفيلم الذي أعدته إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة لاستباق الرد على وثائقي الجزيرة وموضوعه يوم في حياة جندى مقاتل، كما أنني تابعت ردود الفعل التي صدرت عن الإعلام المصري، انفعالية كانت هذه الردود أو بها مسحة من رصانة”.
وتابع: “بعيداً عن تقييمىي لفيلم الجزيرة، أو لفيلم إدارة التوجيه المعنوي، مما أعود إليه لاحقاً، دعونا نسأل أنفسنا سؤالاً مبدئياً يمهد لحديث في العمق عن هذه الخطوة التي اتخذتها الجزيرة، مما أساء لمصر ولا شك، وأربك الإعلام المصري كله بلا جدال: هل سمعتم في قناة الجزيرة، أو في أي وسيلة إعلامية قطرية، من يقول إنه سيضرب السيسي “بالجزمة” كما فعل أحد أبواق النظام الإعلامية مع الشيخ تميم؟!”.
وأضاف: “السؤال الثاني المتفرع عن السؤال الأول هو: إذا كانت هذه هي الطريقة التي يعبر بها إعلام النظام عن موقف مصر الحضاري تجاه خصوم النظام على مستوى رؤساء الدول، فهل يبرئ هذا السلوك المشين الدولة المصرية من تهمة إهانة مجنديها؟ أم أنه يقول للعالم كله أن هذه على الأرجح هي لغة الحوار التي تعتمدها أجهزة الدولة في مصر مع من عداها، ومن ثم يمنح مصداقية لما جاء بالفيلم؟”.
وتابع: “سؤال أخير قبل أن أعود لاحقاً لمناقشة مضمون الفيلمين: أين هي الدولة الصريحة في مشهد المواجهة الصريحة هذا بينها وبين دول الإقليم؟ وهل صارت الدولة عاجزة إلى هذا الحد عن استدعاء حكمتها الضائعة للرد بما يليق بها وبثقافتها التي انهارت – على ما يبدو – بفعل فاعل لتسود في النهاية ثقافة الردح ولغة السوقة والدهماء، وتكون سيرتنا بين الأمم هي ما يعبر عنه دوماً هذا الانحطاط الحضاري الذي تحركه أجهزة الدولة من وراء ستار؟”.
نموذج قميء للإعلام التعبوي
انتقد الإعلامي تامر أبو عرب، ردود أفعال بعض الإعلاميين على فيلم العساكر، وقال “أبو عرب” في منشور عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “طبعًا من حقك تغضب وتقول أننا رافضين أي قناة مش مصرية تناقش شؤوننا وأن قضايانا ومشاكلنا لازم تتناقش بيننا، بس لازم تسأل نفسك في الأول هل قضايانا ومشاكلنا بتتناقش بيننا؟ وهل إعلامنا بيتكلم عن الحاجات اللي بتهم الناس بجد وبيناقش أفكارهم ويسمع صوتهم؟ طبعًا الأسئلة دي مش محتاجة إجابة لأننا كلنا عارفينها مقدمًا”.
وأضاف: “عارفين إننا عملنا نموذج قميء ورديء للإعلام التعبوي اللي شغال 24 ساعة دعاية للسلطة وانحياز لقراراتها حتى لو كانت ضد الناس اللي مفروض أنه بيتكلم بلسانهم، عارفين أن كل الأصوات المختلفة – المختلفة مش المعارضة حتى – تم سحقها وإبعادها عن الشاشة واستبدالها بأصوات ثانية ولاءاتها مضمونة وبتعلّي على السلطة كمان”.
وتابع: “عارفين أن فيه ضيوف دخولهم القنوات المصرية ممنوع وأن ضيوف برامج التوك شو بقوا بيمثلوا تيارات مختلفة زي (مؤيد – مؤيد جدًا – مؤيد خالص – مؤيد على استحياء)، عارفين أن عمرو الليثي برنامجه وقف وأتمنع من السفر علشان تقرير واحد من الشارع اتكلم فيه مواطن عن همومه، وأن التقرير ده اتمسح من على كل صفحات القناة اللي ذاعته”.
وختم: “أي فراغ هتسيبه غيرك هيملاه، قواعد السياسة والإعلام والجغرافيا والتاريخ وحتى الفيزيا بتقول كدة، فقبل ما تتحمق وتزعل من اللي بيتكلموا عليك برة اسأل نفسك سؤال بسيط جدا: هل الكلام مسموح جوة؟”.