عكس كل التوقعات التي قالت أن السيسي سيلتقي بالملك سلمان العاهل السعودي خادمين الحرمين الشريفين، وأبرز ممولي نظام السيسي منذ الثالث من يوليو 2013م، حيث فشلت محاولات اللقاء في الإمارات لتهدئه الأجواء الغير مستقرة، حيث غادر السيسي الإمارات قبيل ساعات من وصول الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز إلى أبوظبي، رغم استعدادات اللحظة الاخيرة، فيما أفادت أنباء عن لقاء جمع السيسي ومستشار الملك السعودي الأمير خالد الفيصل وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مساء الجمعة.
ترويج مسبق
وروجت وسائل إعلام مصرية لعقد لقاء القمة بين البلدين وإنهاء الخلافات، وأكد بعض الإعلاميين المقربين من السيسي مثل مصطفى بكري عضو برلمان العسكر، على اللقاء، والاتفاق على إنهاء الخلافات فيما سعى الإعلام المصري إلي رأب الصدع بين البلدين، وجاء فشل القمة ليصيب الجميع بالصدمة.
السيسي يمد زيارته ولكن
ومما عزز من تزايد احتمالات عقد القمة المصرية – السعودية، وبمشاركة من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي هو أن عبدالفتاح السيسي قرر مد زيارته ليوم ثالث، حيث كان قد أعلن ان الزيارة سوف تستمر لمدة يومين فقط.
كانت كافة الترجيحات تذهب إلى أن الأمر لن يقتصر فقط على تصفية الخلافات المصرية -السعودية، بل قد يشمل تصفية أوسع للخلافات العربية، والتي تشكل قطر أحد أضلاعها الرئيسية، لكن جملة التطورات التي شهدتها أبوظبي، غيرت دفة الترتيبات التي كانت جارية منذ بضعة أسابيع للتقريب بين مصر والسعودية، ودفعت بالأمور إلى منحى آخر، يناقض ما تم الاتفاق عليه مؤخرًا.
عمق الأزمة
وكشفت مغادرة السيسي العاصمة الإماراتية أبوظبي، قبيل وصول الملك السعودي، عمق الأزمة التي لاتزال تفصل مواقف الدولتين وتعاطيهما مع العديد من القضايا محل الخلاف بينهما.
لقاء سري
وبحسب أوساط مقربة من دائرة جهود تنقية الخلافات بين البلدين، فقدت شهدت العاصمة الإماراتية، مساء الجمعة، لقاءً غير معلن حضره عبدالفتاح السيسي والأمير خالد الفيصل مستشار الملك السعودي والشيخ محمد بن زايد ال نهيان، وأن هذا اللقاء بحث في سبل تقريب وجهات النظر بين البلدين، بهدف الوصول الى مرتكزات يجري الاتفاق عليها بين مصر والسعودية، وذلك بديلاً عن القمة الثلاثية، التي كان من المقرر أن تشهدها أبوظبي، كما قالت “روسيا اليوم”.
شروط السعودية للمصالحة
ورغم المحاولات المصرية والتي كان يقودها عبدالفتاح السيسي بنفسه لإنهاء المصالحة، إلا أن الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد وضع عددًا من الشروط لإتمام المصالحة، ورفض التنازل عن أي شرط رغم محاولات عدد من الشخصيات العربية البارزة تأدية دور الوساطة في تقريب وجهات النظر، إلا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض من جانب الأمير السعودي.
ومن بين الشروط التي طرحها بن سلمان خلال المحاولات التي قامت بها العديد من الشخصيات العربية، إقالة وزير الخارجية سامح شكري، من منصبه، نظرًا لمواقفه المضادة للمملكة”، مع العلم بأن كلاًّ من الإمارات والبحرين تسعيان لوقف التوتر في العلاقات بين السعودية ومصر، ورأب الصدع بينهما.
سلمان يقف عائق
كما تداولت أنباء بأن “الأمير محمد بن سلمان اشترط تنفيذ اتفاق الجزيرتين، قبل اتخاذ أية خطوة نحو تصحيح العلاقات بين البلدين”، مشددة على أن “الأمير الشاب كان يراهن على تقديم نفسه للمجتمع السعودي بشكل مختلف بعد تسلم الجزيرتين، واستغلالهما في زيادة أسهمه”.
عقوبات اقتصادية
واتخذت السعودية عددًا من القرارات للضغط على مصر أهمها وقف إمدادات المشتقات البترولية عبر شركة أرامكو، التي يسيطر عليها ولي ولي العهد”.
وفي أول رد فعل بعد فشل جهود المصالحة، حيث تعتبر ضربة قوية موجه من رجال الأعمال السعوديين بعد تجميد مشاريعهم اليوم داخل مصر وإيقاف جميع الاستثمارات بمصر.
و أعلن الدكتور فاروق الخطيب وهو دكتور الاقتصاد المعروف بجامعه الملك عبد العزيز بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، أن رجال الأعمال السعوديين الذي كانوا يستثمرون أموالهم بمجال الصناعة بمصر قد تعرضوا إلى خسارة فادحة بعد إقرار تعويم الجنية من قبل الحكومة المصرية.
كما أكد الدكتور الخطيب في تصريحات له عبر الصحافة أن هناك مستثمر سعودي كان يعمل بمصر في مجال الصناعة ولديه مصنع لصناعه الألمونيوم، قد خسر مبلغًا كبيرًا جدًا يصل إلى 70 مليون ريال سعودي جراء ما تعرض له الاقتصاد المصري، حيث أصبح من الصعب جدًا الحصول على المواد الخام للعمل على تشغيل المصنع، كما أن هناك انهيار للقوة الشرائية أيضًا، مما تسبب في عجز كبير في السوق المصرية.
كما صرح الخطيب لموقع “هفنجتون بوست”، أن رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين أصبحوا غير قادرين على تحويل أموالهم خارج مصر بالدولار، وقد بات الاستثمار في مصر يجعلهم يخسرون الكثير ولا فائدة منه، وقد تم تجميد العديد من أموال رجال الأعمال ومشاريعهم بمصر حرصًا منهم على الحفاظ على أموالهم من الضياع.
غضب مصري
وأثار الرفض السعودي لجهود الوساطة التي قادتها شخصيات ودول عربية غضب النظام المصري، وهو ما عبر عنه المقدم أحمد شعبان مدير مكتب اللواء عباس كامل، المسؤول البارز في مؤسسة الرئاسة المصرية.
وأكد شعبان، المعروف في الأوساط الإعلامية المصرية بأنه المحرك الأساسي للأذرع الإعلامية، في مقاله المنشور في صحيفة “اليوم السابع” المحسوبة على النظام، تحت اسم مستعار “ابن الدولة”، أن مصر لا يمكن أن ترضخ لرغبات قوى عربية أخرى، تحت ضغط المساعدات والإعانات.
وقال، في أول رد فعل شبه رسمي عبر مقاله، إن “مواقف مصر تنطلق من رؤيتها ومصالحها وأمنها القومي وأمن المنطقة، وهو موقف لا يقبل التلاعب، وتثبت النتائج الحالية صحة الموقف المصري وبعد النظر في التعامل مع القضايا في سورية وليبيا”.
وأضاف “الموقف هو الحفاظ على وحدة سوريا وحقن دماء الشعب السوري، ورفض وجود التنظيمات الإرهابية التي أسهمت في إشعال الفتن والنيران في المنطقة، وتريد أن تكون طرفًا في عملية سياسية لفرض أمر واقع للإرهاب، وهو أمر يضر بالأمن القومي المصري والعربي ويفتح الباب لمزيد من التوتر والارتباك والفتن، وهي ضغوط لم توجد في السابق”.
وشدد على أنه “لا يمكن لمصر أن تقايض قرارها بمساعدات أو معونات أو قروض مشروطة، وتحرص على إنجاز التنمية المستقلة بالاستغناء والترشيد، ولا يمكن أن تغير مواقفها تحت أي ضغط، وفي نفس الوقت تحرص مصر على علاقاتها مع الدول العربية جميعًا، ولا تحاول فرض وجهات نظرها، كما أنها تنبه دومًا إلى خطورة التحالف أو تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية، التي قامت كمخالب للدول والمصالح الكبرى وليس من أجل صالح الشعب العربي”، على حد وصفه.
توقعات باستمرار الجفاء
ونشرت جريدة الأخبار اللبنانية، تقريرًا صحفيًا، قالت فيه إن “الجفاء” بين مصر والسعودية، سيطول بعد الخلافات الآخيرة على أكثر من مستوى سياسي، مشيرة إلى أن المفاوضات التي رمت في الساعات الأخيرة إلى عبدالفتاح السيسي، والملك سلمان في أبو ظبي، باءت بالفشل، مع استمرار رفض الجانبين المصري والسعودي تقديم أي تنازلات في خطوات المصالحة التي تسعى الإمارات والكويت لإتمامها، بوساطات لم تعد خافية على أحد، وباعتراف من مسؤولين في القاهرة والرياض.
وقالت الصحيفة، نقلا عن مصادر بالرئاسة المصرية، إنه كان من المفترض أن يكون هناك “قمة محتملة” بين سلمان والسيسي برعاية أبناء “آل زايد”، الذين يعملون على قدم وساق؛ لإصلاح ما أفسدته اختلاف الرؤى السياسية بين البلدين، مشيرة إلى أن هذه المفاوضات حتى مساء أمس، باءت بالفشل بسبب تمسك كل من السيسي وسلمان بأن يبادر الآخر بالاعتذار وتقديم تنازلات.
تيران وصنافير
وقالت الصحيفة إن الرياض لها وجهة نظر يتبناها الملك سلمان، وولي ولي العهد محمد بن سلمان، وهو أنهم تعرضوا لـ”خدعة كبرى” من القاهرة، فبعدما قدموا مساعدات عدة لم يحصلوا على ما توقعوه من نظام السيسي سواء سياسيًا في تأييد التحركات السعودية عربيًا، أو بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، بالرغم من توقيع الاتفاقية بين رئيس الحكومة المصرية المهندس شريف إسماعيل، وولي ولي العهد محمد بن سلمان.
وقالت الأخبار اللبنانية، بحسب مصادر مطلعة على الملف، فإن الرئاسة المصرية ملتزمة موقفها “غير القابل للنقاش” في بقاء ملف الجزيرتين بانتظار كلمة الفصل القضائية، في المقابل، طالبت وزارة الخارجية السعودية مرات عدة بشكل رسمي خلال الأسابيع الماضية بسرعة تصديق البرلمان على الاتفاقية، مثلما فعل مجلس الشوري السعودي لنقل السيادة عليهما إلى قوات حرس الحدود السعودية، وهي الطلبات التي تجاهلتها وزارة الخارجية المصرية حين ردّت أخيرًا بالتأكيد على انتظار الفصل قضائيًا بشأن الاتفاقية نظرًا لـ”احترام الحكومة القضاء”.
وتابعت الصحيفة: يبدو أن جهود الإمارات في المصالحة التي تدخلت فيها الكويت أيضًا قبل أيام قليلة لم تكن مناسبة بالقدر الكافي، وخصوصًا في ما يتعلق بحالة “العناد” بين السيسي من جهه وسلمان ونجله ولي ولي العهد محمد من جهة أخرى، علمًا بأن مصادر مصرية توقعت أن تقوم الرياض بطلب الودائع التي ضمتها للاحتياطي النقدي خلال السنوات الماضية مع انتهاء أجلها وعدم تمديدها كما كان متوقعاً من قبل.